أبو دف: "منهج الياسين" في التغيير نموذجاً يطبق

الإثنين 23 مارس 2015

أبو دف: "منهج الياسين" في التغيير نموذجاً يطبق

أكدّ الأستاذ الدكتور محمود أبو دف، أستاذ أصول التربية بالجامعة الإسلامية بغزة، ومعد دراسة "منهج الشيخ أحمد ياسين في التغيير" أن الشيخ ياسين خلّف في الذكرى الحادية عشرة لاستشهاده مدرسة فكرية يُحتذى بها، لافتاً إلى أنه جّسد الفكرة السليمة والخلق الحسن.

وأشار الأكاديمي أبو دف في حوارٍ خاص مع "المركز الفلسطيني للإعلام" إلى أن الشيخ كان يحمل فكراً أصيلاً نابضاً، ولم يكن مجرد شعارات بل كان ممارسة تطبيقية عملية.

ونوه إلى أن الشيخ ياسين كان يسعى إلى طرد الاحتلال وتحرير الوطن، "لكنه عمل قبل تحرير الوطن على تحرير الإنسان من الأفكار الملتوية والعقائد الفاسدة، فكان يؤمن ببناء النفوس التي عليها التعويل بأن تحدث واقعاً جديداً في حياتها".

وأوصى الأكاديمي الفلسطيني، الشباب بالالتزام بنهج الشيخ ياسين وفهمه الخاص للقضية وفلسفته في المقاومة والإعداد، كما أوصى القيادات بالتأسي بأخلاقه والسير على نهجه.

وفي يلي نص الحوار:

- في ضوء الدراسة، كيف حظي الشيخ ياسين بالمكانة التي تجعله قائداً للتغيير؟

قيادات التغيير تحظى بمكانة عالية في قلوب الناس، حينما تمتلك الفكرة الصواب الصحيحة والممارسة السلوكية العملية في واقع الحياة والخلق الطيب وهذا ما توافر في شخص الشيخ ياسين.

حيث كان يحمل فكراً أصيلاً نابضاً، وهو لم يكن مجرد شعارات إنما كان ممارسة تطبيقية عملية، فكان حقاً كالقرآن يمشي بين الناس في أخلاقه، فهذه المصداقية جعلت له تأثيرا كبيرا في قلوب الناس.

الشيخ ياسين لم يكن باحثاً يجيد تأليف الكتب، لكنه كان يتقن فن تأليف القلوب، حيث كان يتقن الممارسة العملية والسلوك الطيب، وهذا ما جعله قائداً من قادة التغيير، فضلاً عما يستلزمه قائد التغيير من سمات قد حاز عليهن كلهن الشيخ ياسين.

فقد كان ذا رؤيا صائبة حازمة لا يعرف التردد، ومبادراً يتصف بالمرونة الفكرية، وكان لديه قدرة كبيرة على اقتناص واكتشاف الكفاءات وحسن توظيفها، وكان يتصف بالحكمة والهمة العالية، وهذه كلها عوامل أساسية وقد كان يحسن التدبير والتخطيط، فكل هذه السمات جعلت منه إنساناً مؤثراً في إحداث أكبر تغيير سياسي أيديولوجي في عصرنا الحالي ولا سيما على مستوى القضية الفلسطينية، وقد استطاع أن يحي جيلاً من أواخر الستينيات حيث كانت الظاهرة الإسلامية شبه منطفئة، لكنه أحياها بجده واجتهاده.

- ما هو مفهوم التغيير لدى الشيخ وفق الدراسة التي أعددتها؟

التغيير الذي كان يصبو إليه الشيخ ياسين يتمثل في إصلاح واقع المجتمع ورد الناس إلى دينهم على اعتبار أن تغيير ما بالأنفس هو الذي يمثل خطوة أولى إلى بناء المجتمع الإسلامي، ثم امتد طموحه التغييري إلى تحرير فلسطين على أن يكون الفلسطينيون الملتزمون بدينهم هم رأس الحربة في تغيير الواقع من حولنا.

الشيخ ياسين كان يسعى إلى طرد الاحتلال وتحرير الوطن، لكن عمل قبل تحرير الوطن على تحرير الإنسان من الأفكار الملتوية والعقائد الفاسدة، فكان يؤمن ببناء النفوس التي عليها التعويل بأن تحدث واقعاً جديداً في حياتها.

- أبرز مقومات هذا التغيير في فترة حياة الشيخ ياسين؟

من الظروف التي ساعدت ما عاناه ويعانيه الفلسطينيون من الاحتلال وقد كان دافعاً ومساعداً والظروف الصعبة التي عاشها الفلسطينيون، وكذلك غياب الأفق في الحلول السياسية الاستسلامية، وفقدان الكثير من الاتجاهات السياسية جدواها من الناحية السياسية.

وحال العرب والمسلمين من حولنا وهذا الضعف والهوان؛ كان حافزاً لاستقطاب الجماهير وردها إلى دين الله، وقد كان يكفينا وجود الاحتلال الذي كان يشكل أكبر تحدّ سياسي وأخلاقي واجتماعي.

والشيخ ياسين استثمر ذلك من خلال الجهود الجبارة التي اعتمد عليها في لم صفوف الشباب والشُيب حول الدعوة الإسلامية، واستطاع أن يؤطرهم وأن يعزز نهج التربية الإيمانية الحقيقية مما كان دافعاً ومقوماً من مقومات النجاح.

- ما هي أبرز الوسائل التي استطاع من خلالها أن يحقق الشيخ تغييراً حقيقياً؟

الشيخ ياسين استطاع أن يغير بشكل كبير جداً وكان يرتكز تغييره إلى وسائل مهمة اعتمد عليها، حيث اتخذ من التربية للنفوس أداة فاعلة من خلال المسجد، والدروس والخطب، والأسر التربوية الإيمانية كمحاضن للجماعة.

كما ارتكز إلى بناء المؤسسات، وكان له الفضل في إنشاء العديد منها، والتي كان أولها وأبرزها المجمع الإسلامي، والذي كان يضم روضة وعيادة لتقديم الخدمات للناس ومساعدتهم وإغاثتهم.

واعتمد الشيخ كذلك على الأنشطة الرياضية في وسائله للتغيير، وبث الحفلات الإسلامية كبديل عن الحفلات الغنائية للأفراح، وأسس أيضاً لجان إصلاح بين الناس لأنه كان يدرك أن الاحتلال كان يذرع بذور الفتنة فكانت لجان الإصلاح تؤلف بين قلوب الناس؛ لأنه من ضروريات مواجهة الاحتلال.

إضافة إلى ذلك الجهاد في سبيل الله تربيةً وإعداداً، وكان قد شجع على العمل العسكري من البدايات، وكان متحمساً له من أواخر الستينيات لكنه كان يؤمن بأن هذا العمل الجهادي لابد أن ينطلق من أرض صلبة والتي تمثلت في إعداد هذا الجيل المجاهد الذي يمسك المصحف بيد والبندقية باليد الأخرى.

- برأيك هل أثمر زرع الشيخ بالتغيير، وكيف ذلك؟

بلا شك لقد أثمر والواقع يشهد، فالشيخ ياسين عندما بدأ يتحدث في الناس في أواخر الستينيات كانت المساجد شبه خالية من فئة الشباب والأشبال إلا من العجزة وكبار السن الطاعنين في السن، ولكن انظر إلى المساجد الآن، فنحن ثمرة من ثمرات هذا الرجل.

الشيخ ياسين اجتهد وأحدث صحوة إسلامية عارمة في توجه الشباب إلى المساجد، وقد كانت عملية الاستيعاب والإعداد التربوي، أما في المجال في السياسي فقد ثبت أن الرؤية والقيم السياسية التي كان يناضل من أجلها أنها الناجحة، وقد ثبت أيضاً أن نهج الجهاد والتضحية لا التفريط هو الذي يمكن أن يكسر شوكة الاحتلال ويحقق الإنجازات، وقد تنبأ الشيخ ياسين بذلك بأن اليهود سيخرجون من بلادنا، وقد خرجوا من غزة، وقد تنبأ بأن الأسرى سيخرجون من السجون، وصفقة وفاء الأحرار خير شاهد على ذلك.

- بعد 11 عام على استشهاد الشيخ، ما هي التوصيات التي توصي بها قيادة المقاومة وحماس؟

أوصي الشباب بالالتزام بنهج الشيخ ياسين وفهمه الخاص للقضية وفلسفته في المقاومة والإعداد، ونوصي الشباب والقيادات بأن تتأسى بأخلاق الشيخ ياسين الذي كان لا يعتد بنفسه، وأظهر مرونة عقلية ونفسية كبيرة جداً، وكان يقدم دائماً مصلحة الوطن والدين على أي مصالح أخرى، واعتقد أن وراء الشيخ ياسين قيادات تسير على نهجه.

الشيخ ياسين بعد استشهاده خلف مدرسة، وهذا الفرق بين الحزب الذي ينقاد وراء الأشخاص والحزب الذي ينقاد وراء الفكرة، فالشيخ ياسين تجسدت فيه الفكرة السليمة والخلق الحسن، ولذلك أمثال الشيخ ياسين لا يموتون، بل يبقون نبراساً لهذا الجيل يستضيء به طريقه.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية