أحلام التميمي ... زينة صدرها رشاش وآية ... بقلم : علاء الريماوي

أحلام التميمي ... زينة صدرها رشاش وآية ... بقلم : علاء الريماوي

الثلاثاء 24 أغسطس 2010

أحلام التميمي ... زينة صدرها رشاش وآية

علاء الريماوي



نجح الغرب في زماننا في سرقة العقول والقيم ، وتسابقت مع خفاء الليل مخططاته التي تهدم ثابت الأخلاق الذي غدا كأنه مرض عضال تفشى في الجسد الضعيف فحوله إلى (خردة) لا تحمل هماً ولا تلد نبضاً .


في أزقة الحياة المتعبة تتصفح في ساعاتها الثقيلة وجوه الناس وتعابيرهم التائهة المبهورة بزينة الشيطان الذي تفننت وسائله في حرق القلوب الطاهرة .


في الصفحات يحزنك شباب مسختهم يد المكر فحولتهم تحت تسميات الحضارة والموضة إلى رعش العسيف المتساقط .


لتجد الرجل منهم في تمايله يبز عين الفتاة في خدرها ، وحين تدقيق النظر في بعض الوجوه يصدمك النمص والقزع والمكياج ، حتى أنك تحار في التفريق والتسمية مع هذا الصنف من الناس .


في حزنك على الشباب يصدمك في الأمة عرضها ويبكيك تيه بناتها المخبول المسحور المسروق كأنهن يعشن سكرة الموت في فرارهن من الحياة الطيبة إلى الشهوات التي نمقت، فسمى الحاقدون عريها جمالاً ، ودعارتها فناً ، وسكرها حرية وانفتاحاً .


حتى وصلنا إلى مظاهر في شوارعنا تؤذي قبور الميتين من الآباء وتبكي صخراً شهد في التاريخ وجود خولة وأسماء وفاطمة .


في صورة العري المحموم المنثور والمدعوم انكسار لنور تمايل على سطح القمر كأنه وحي سماء لا يموت ولا ينكسر ، بل يعلو كأنه وحي الصفاء الذي يبقى في الأرض يحفظها وينجيها من كل عابث مختال .


في حكاية النور هذه رسم صبية تزينت بحجابها وتمردت على وحل الناعقين القاعدين كل مرصد ، تعلو بجبينها و تحمل في روحها هدي آيات تنزلت عليها في سجدة سحر ومناجاة .


يكثرن في الميادين كلها ... تعج بهن الجامعات ... وبيوت الله... ومحافل العمل النافع النقي ، تجدهن حين تحدق في مشية هادئة ، وسمت أنثوي هادئ مستور كأنهن خبيئة غيمة بيضاء تحمل في كثافة روحها خفة الثلج وبياضه .


من بين ما عرفنا في زماننا أحلام الطيبة الرائعة ، فتاة عشرينية عاشت كما فتيات زمانها تحب الحياة ، وتعيش زينتها تبحث عن الرفاهية وتجدها في صحبة كثر فيها الخير .


كنت أشاهدها من بعيد لا تختلف عن غيرها إلا بجدية كانت تكتنز عيونها ، وحس وطني لا يغادر ثقافتها ، لذلك حرصت في عملها انتقاء الرسالة فيه ، فاختارت تقديم الأخبار على قناة محلية تخصصت في تفاصيل الوجع الفلسطيني وهمومه .


في نقلها للهم كانت تكبر في داخلها نوازع لم تعرفها في غربة اللجوء خارج الوطن ، الذي لم تعش فيه روح القهر المباشر على أيدي الجنود الذين جملتهم مؤتمرات مدريد وأخواتها .


في حياتها الجامعية كانت تعرف زميل دراستها محمد دغلس ، الذي لم يكن يظهر ما جند له في كتائب القسام ، كان جندياً في الأمن الوطني ، حليق لا يربي ذقنه ، يحرص على انتقاء الأصحاب من غير ما ينتمي .
في جامعة بيرزيت كان يظنه الكثيرون بعيداً عن السياسة لا يعشق متاعبها ، حتى جاءت انتفاضة الأقصى التي قدم فيها رئته ونصف كبده وأجزاءً من قدمه إلى الشهادة ولم يمت .


كان في حلقات عمله يقوده بلال البرغوثي ، الذي أقسم ثأراً لشهداء فلسطين الذين يتساقطون في كل يوم كالمطر .


رد القسام الذي كان في حلم بلال في حينها أريد له أن يكون نوعياً، فكان دغلس عقله المدبر فاختار من يعرف جيداً فكانت أحلام ، التي يميزها الذكاء والجرأة ونوع المهمة التي تنوعت بين اختراق مواقع العدو وزرع العبوات الناسفة في عمق الكيان ، حتى وصلت إلى ضالتها في تجمع لجنود الاحتلال لتأخذ على عاتقها نقل المجاهد المصري إليه ، وتفجيره في عملية راح فيها 18 جندياً إسرائيلياً وعشرات الجرحى .


في برنامج بثته القناة الأولى الإسرائيلية خصص جانب منه للقاء أحلام التي تحدثت فيه بعد حكم المؤبد لأكثر من 18 مرة كانت واثقة بأن الفرج قريب ، وكان حديثها مفعماً بالتوكل على الله ، لترد على معد البرنامج حين سألها عن الندم والحزن بضحكة واثق ولتردف القول : لا يجزع المجاهد ولا يندم وإنما يقاتل حين يتخلى أصحاب العدالة عن نصرة الضعيف .


في أيام سجني التقيتها وهي تدخل المحكمة يوم حكمها ، كانت تقف وفي حراستها أكثر من ثلاثين جندياً يحملون أسلحتم يحدقون مكان موطئ قدمها وهي تلفت إلى السماء لا تعبأ بهماليج دولة زائلة .


في المحكمة يطلب منها الوقوف لقاضي المحكمة ... تسخر وتقول: لا يوقفني أحد لقاتل وإنما نحسن الوقوف ساعة المعركة والمواجهة .


عند عودتها رأيتها تبتسم كأنها تعزف نشيد الحق و رأيت في عيونها قول الشاعر
عهداً على الأيام ألا تهزموا والنصر ينبت حيث يرويه الدم


أيقنت في ساعتها أن نسل الكريمات لا يغادر بطن الأرض ، وأن أسماء و جينها تحفظه السماء ، فالذهب لا يعرفه إلا من خبر الطرق ، وذهب الأرض هن أولئك اللواتي يعلو فيهن الفعل ، ويصدق معهن العزم المعقود في غرة عيونهن .


حين أذكرها أشفق على رجال الأمة الذين يترنحون في ذل يسكرهم ، فيظنون ذلك حياة ، ويتيهون في بحر أيامهم حتى يصدقون أن مضي الأيام ينسي الوجع .


في حكاية أحلام الرائعة معادلة لا تنقضي ففيها ... يسكن الرشاش حين تصدق رواية العزة ، ويهدأ الحزام حين يغادر الخوف بيوتنا المحاصرة ، وقديما قالوا لا يصنع المجد إلا من أيقظ خيله ونام على سيفه .


وفي الختام رضي الله عنك أحلام وفرج الله كربك ، وكل عام وأنت بألف خير .

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية