خميس بن عبيد القطيطي
يعيش قطاع واسع من أبناء الشعب الفلسطيني اليوم في ظل أزمات حادة بسبب الأزمة المالية التي تمر على فلسطين بطرفيها الضفة الغربية وقطاع غزة، ففي الضفة تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية من أعباء رواتب الموظفين وحتى الشهر الماضي كانت تصريحات المسئولين في السلطة أن رواتب الموظفين لم تدفع لأكثر من ستة أشهر وهي بلا شك أزمة مالية حادة تتطلب من الدول العربية وخاصة الخليجية الوقوف بقوة لمواجهة هذه الأزمة المالية الفلسطينية الحادة ومساعدة الأشقاء في فلسطين بما يمكن أن يعوض المساعدات الأميركية المهدد إيقافها عن الفلسطينيين إذا ما ذهبوا إلى الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، وفي قطاع غزة تبدو المشكلة أكبر من ذلك فهناك أزمات حادة في الغذاء والدواء والخدمات والمواد الاستهلاكية وغيرها من المطالب المعيشية لما يقرب من ثلث الشعب الفلسطيني الذي يبلغ في غزة وحدها أكثر من مليون ونصف المليون يعاني اغلبهم جرّاء ظروف معيشية قاهرة بفعل الحصار الجائر الذي ما يزال مطبقا على غزة.
منذ توقف جولات المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" ويبدو أن الموقف الدولي سلبي إلى أبعد الحدود، فلا الإدارة الأميركية تمكنت من إجبار "إسرائيل" على وقف الاستيطان وفتح آفاق رحبة في عملية السلام المتعثرة ولا اللجنة الرباعية الدولية تحركت للأمام فيما يخص القضية، فكل ما رشح عنهم مزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني وليس أدل على ذلك من موقف الإدارة الأميركية الحالي بوقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية إذا ما أقدمت على تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل وكانت الخارجية الأميركية قد أصدرت بيانها تعقيبا على موقف الجامعة العربية بتقديم الطلب للأمم المتحدة بأن عبرت عن استيائها واعتراضها على هذا الطلب في محاولة جاهدة لإعاقة هذا التوجه العربي الفلسطيني المشروع في وقت لم تستطع فيه تقديم خطوة للأمام في طريق الحل وإن كان العرب كثيرا لا يعولون على المفاوضات التي تطالب بها الإدارة الأميركية كحل وحيد للاستمرار في مسلسل قديم سئم العرب والفلسطينيون منه وهم يتوقون اليوم نحو آمال متجددة تنهض بالقضية الفلسطينية ترافقا مع تلك الإرادة العربية التي بدأت تتشكل في المنطقة من المحيط إلى الخليج والتي يبدو أنها تمثل انقلابا على النموذج الاستعماري المتبع سلفاً في المنطقة، لذا تحاول الأطراف الخارجية تكريس عناصر اللعبة القديمة في المنطقة اعتمادا على لغتها المعتمدة على التبعية والتشرذم والتواطؤ الذي ولى عهده ولا زالت هذه الأطراف تحاول إحداث التغيير في الشؤون العربية من خلال التدخل العسكري أحيانا والتلويح بالعقوبات أحياناً أخرى ومغازلة هذه الثورات العربية القائمة.
ولكي لا نخرج عن سياق الموضوع نعود مجددا للتأكيد على أن إيقاف المساعدات الأميركية والبالغة خمسمائة مليون دولار لا تمثل كبير أهمية إذا ما تحرك العرب جيدا في سبيل تعويض هذا الرقم وتقديم هذا المبلغ بل وبإمكان العرب تقديم مليار دولار كاملاً سنوياً للشعب الفلسطيني للمساهمة في انتشال أبناء الشعب الفلسطيني من أزماته المستمرة التي يعاني منها على الدوام في ظل هذا التراخي العربي وخاصة الخليجي عن هذا الدعم الواجب شرعا والمطلوب تقديمه فوراً لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة باستمرار والتي قد تدفع الطرف الفلسطيني للقبول بالحلول الهزيلة والعودة للمفاوضات دون شروط والخضوع للابتزاز الخارجي.
في الجانب الآخر فإن قطاع غزة اليوم يرزح تحت طائلة أزمة غذاء ودواء وخدمات ومواد وكانت منظمة التعاون الإسلامي قد أصدرت تقريرها الشهري استعرضت فيه الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة حيث أكد التقرير على أن الأمن الدوائي يحتضر وقد وصل إلى أزمة هي الأخطر من نوعها وذكر التقرير أن المستشفيات والمراكز الصحية تعاني نقصاً حاداً في الدواء والمستلزمات الطبية وقد توقفت بعض العمليات مثل العيون وجراحة الأطفال وقسطرة القلب وعمليات الأورام، كما أن حليب الأطفال العلاجي نفد تماماً، وتطرق التقرير إلى كثير من النواحي الإنسانية فيما يتعلق بالغذاء والمياه والكهرباء وغيرها من الخدمات مشيراً التقرير إلى الممارسات الإسرائيلية لحظر تحرك سفن المساعدات الإنسانية وقوافل الإغاثة والمتضامنين الذين يواجهون حظراً شديداً وأخطاراً تتربص بهم عند القدوم إلى غزة.
اللجنة الرباعية الدولية بدورها أيضاً ساهمت في ممارسة الضغوط على الفلسطينيين فيما يتعلق بمسألة تقديم طلب الاعتراف في الأمم المتحدة سالكة بذلك نفس الخط الخارجي في الوساطة الداعم للكيان الصهيوني المتراجع عن المبادئ والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية بل أن الأمر وصل إلى أبلغ من ذلك عندما تمت الإشارة في وقت سابق إلى موضوع المصالحة الفلسطينية باعتبارها خطرا يمس عملية السلام في موقف غير منطقي وممقوت مما يؤكد من جديد أن الأطراف الخارجية تعمق تعثر عملية السلام في المنطقة بدلاً من الالتزام بحلها الحل العادل والتمسك بالمبادئ السامية والأسس السليمة للوساطة الدولية من اجل الوصول بقضية الشرق الأوسط إلى برٍ آمن يأخذ بالاعتبار الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، وبالتالي تبقى القضية الفلسطينية في مربعها الأول الذي كانت فيه عام 1948م وبالتالي يتوجب من وسطاء السلام إعادة النظر في السياسة المتبعة في هذا الملف والالتزام بالحياد بين الطرفين العربي والإسرائيلي.
وتدخل القضية الفلسطينية منعطفاً هاماً في المرحلة القادمة تتمثل من خلال تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م والذي تم التأكيد والمصادقة عليه من قبل العرب جميعا لكن العرب للأسف الشديد يتخلفون عن دعم القضية مالياً وهو ما بات اليوم يشكل تحدياً هاماً في أحد أهم المحاور الداعمة للقضية الفلسطينية لتجنب الضغوط والابتزازات والإملاءات الخارجية، ونحن هنا نناشد الأسرة العربية وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي بتبني مبادرة عربية بتخصيص معونة سنوية باسم صندوق فلسطين بضخ مليار دولار سنويا لمواجهة تحديات المستقبل وتطبيقا لمواثيق ومبادئ لا زال العرب يتشبثون بها التزاماً منهم بواجب مفروض على العرب جميعا لدعم قضيتهم التي يدافع عنها أبناء الشعب الفلسطيني بالروح والدم.
كاتب عماني
صحيفة الوطن العمانية
منذ توقف جولات المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" ويبدو أن الموقف الدولي سلبي إلى أبعد الحدود، فلا الإدارة الأميركية تمكنت من إجبار "إسرائيل" على وقف الاستيطان وفتح آفاق رحبة في عملية السلام المتعثرة ولا اللجنة الرباعية الدولية تحركت للأمام فيما يخص القضية، فكل ما رشح عنهم مزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني وليس أدل على ذلك من موقف الإدارة الأميركية الحالي بوقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية إذا ما أقدمت على تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل وكانت الخارجية الأميركية قد أصدرت بيانها تعقيبا على موقف الجامعة العربية بتقديم الطلب للأمم المتحدة بأن عبرت عن استيائها واعتراضها على هذا الطلب في محاولة جاهدة لإعاقة هذا التوجه العربي الفلسطيني المشروع في وقت لم تستطع فيه تقديم خطوة للأمام في طريق الحل وإن كان العرب كثيرا لا يعولون على المفاوضات التي تطالب بها الإدارة الأميركية كحل وحيد للاستمرار في مسلسل قديم سئم العرب والفلسطينيون منه وهم يتوقون اليوم نحو آمال متجددة تنهض بالقضية الفلسطينية ترافقا مع تلك الإرادة العربية التي بدأت تتشكل في المنطقة من المحيط إلى الخليج والتي يبدو أنها تمثل انقلابا على النموذج الاستعماري المتبع سلفاً في المنطقة، لذا تحاول الأطراف الخارجية تكريس عناصر اللعبة القديمة في المنطقة اعتمادا على لغتها المعتمدة على التبعية والتشرذم والتواطؤ الذي ولى عهده ولا زالت هذه الأطراف تحاول إحداث التغيير في الشؤون العربية من خلال التدخل العسكري أحيانا والتلويح بالعقوبات أحياناً أخرى ومغازلة هذه الثورات العربية القائمة.
ولكي لا نخرج عن سياق الموضوع نعود مجددا للتأكيد على أن إيقاف المساعدات الأميركية والبالغة خمسمائة مليون دولار لا تمثل كبير أهمية إذا ما تحرك العرب جيدا في سبيل تعويض هذا الرقم وتقديم هذا المبلغ بل وبإمكان العرب تقديم مليار دولار كاملاً سنوياً للشعب الفلسطيني للمساهمة في انتشال أبناء الشعب الفلسطيني من أزماته المستمرة التي يعاني منها على الدوام في ظل هذا التراخي العربي وخاصة الخليجي عن هذا الدعم الواجب شرعا والمطلوب تقديمه فوراً لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة باستمرار والتي قد تدفع الطرف الفلسطيني للقبول بالحلول الهزيلة والعودة للمفاوضات دون شروط والخضوع للابتزاز الخارجي.
في الجانب الآخر فإن قطاع غزة اليوم يرزح تحت طائلة أزمة غذاء ودواء وخدمات ومواد وكانت منظمة التعاون الإسلامي قد أصدرت تقريرها الشهري استعرضت فيه الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة حيث أكد التقرير على أن الأمن الدوائي يحتضر وقد وصل إلى أزمة هي الأخطر من نوعها وذكر التقرير أن المستشفيات والمراكز الصحية تعاني نقصاً حاداً في الدواء والمستلزمات الطبية وقد توقفت بعض العمليات مثل العيون وجراحة الأطفال وقسطرة القلب وعمليات الأورام، كما أن حليب الأطفال العلاجي نفد تماماً، وتطرق التقرير إلى كثير من النواحي الإنسانية فيما يتعلق بالغذاء والمياه والكهرباء وغيرها من الخدمات مشيراً التقرير إلى الممارسات الإسرائيلية لحظر تحرك سفن المساعدات الإنسانية وقوافل الإغاثة والمتضامنين الذين يواجهون حظراً شديداً وأخطاراً تتربص بهم عند القدوم إلى غزة.
اللجنة الرباعية الدولية بدورها أيضاً ساهمت في ممارسة الضغوط على الفلسطينيين فيما يتعلق بمسألة تقديم طلب الاعتراف في الأمم المتحدة سالكة بذلك نفس الخط الخارجي في الوساطة الداعم للكيان الصهيوني المتراجع عن المبادئ والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية بل أن الأمر وصل إلى أبلغ من ذلك عندما تمت الإشارة في وقت سابق إلى موضوع المصالحة الفلسطينية باعتبارها خطرا يمس عملية السلام في موقف غير منطقي وممقوت مما يؤكد من جديد أن الأطراف الخارجية تعمق تعثر عملية السلام في المنطقة بدلاً من الالتزام بحلها الحل العادل والتمسك بالمبادئ السامية والأسس السليمة للوساطة الدولية من اجل الوصول بقضية الشرق الأوسط إلى برٍ آمن يأخذ بالاعتبار الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، وبالتالي تبقى القضية الفلسطينية في مربعها الأول الذي كانت فيه عام 1948م وبالتالي يتوجب من وسطاء السلام إعادة النظر في السياسة المتبعة في هذا الملف والالتزام بالحياد بين الطرفين العربي والإسرائيلي.
وتدخل القضية الفلسطينية منعطفاً هاماً في المرحلة القادمة تتمثل من خلال تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م والذي تم التأكيد والمصادقة عليه من قبل العرب جميعا لكن العرب للأسف الشديد يتخلفون عن دعم القضية مالياً وهو ما بات اليوم يشكل تحدياً هاماً في أحد أهم المحاور الداعمة للقضية الفلسطينية لتجنب الضغوط والابتزازات والإملاءات الخارجية، ونحن هنا نناشد الأسرة العربية وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي بتبني مبادرة عربية بتخصيص معونة سنوية باسم صندوق فلسطين بضخ مليار دولار سنويا لمواجهة تحديات المستقبل وتطبيقا لمواثيق ومبادئ لا زال العرب يتشبثون بها التزاماً منهم بواجب مفروض على العرب جميعا لدعم قضيتهم التي يدافع عنها أبناء الشعب الفلسطيني بالروح والدم.
كاتب عماني
صحيفة الوطن العمانية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية