أزمة العقل اليهوديّ ... بقلم : محمود صالح عودة

الإثنين 06 فبراير 2012

أزمة العقل اليهوديّ


محمود صالح عودة

حقّق اليهود على مرّ التاريخ إنجازات كثيرة كان أهمّها في المجال الماليّ والاقتصادي، ممّا جعلهم يصمدون أينما كانوا حول العالم تقريبًا بالرغم من قلّة عددهم، فافتخر كثير منهم بذلك "العقل اليهوديّ" من وراء تلك القوّة، وانبهر غيرهم بذلك العقل.

ولكن هل ما زال "العقل اليهوديّ" يستحقّ كلّ هذه الهالة الكبيرة من حوله؟ أم أنّ حجمه الحقيقي يبدو مع الأيّام أصغر ممّا يتصوّر الكثيرون؟
لقد فضح قبل عدّة أسابيع شاب مجهول الهويّة ولكن يعتقد أنّه سعوديّ، يلقّب نفسه بـ"أو إكس عمر" ويعتبر نفسه وهّابيّ التوجّه من خلال رسائله، دولة إسرائيل برمّتها، عندما كشف تفاصيل مئات الآلاف من بطاقات الاعتماد الإسرائيليّة، إضافة إلى علمه المسبق بإغلاق موقع البورصة الإسرائيلي، وموقع شركة إل-عال للطيران.

كلمة "فضيحة" هنا لا تأتي استخفافًا بالقدرات الإسرائيليّة، بل تعبيرًا حقيقيًا عن عجز تلك القدرات أمام قدرة وإرادة لا شكّ في إسلامها وعروبتها، كشفت عورة الدولة الرائدة في مجال الحواسيب والهاي-تك، والتقنيات العسكريّة والأمنيّة المتطوّرة، بل الأكثر تطوّرًا في العالم. أضف إلى ذلك أنّ الهاكر "أو إكس عمر" لم يتوقّف عند اختراق المواقع وكشف المعلومات، بل تحدّى جهاز المخابرات "الموساد" وأمهله مدّة أسبوعين ليقبض عليه، ولكنّ الأخير لم يفعل.

ممّا يزيد من هول هذه الفضيحة هو الهلع الإسرائيلي إثر عمليّات "الإرهاب الإلكتروني" تلك، والمحاولات الإسرائيليّة للتقليل من شأنها، مقابل تعظيم شأن سرقة بعض القراصنة اليهود عددًا من عناوين البريد الإلكتروني العربيّة، وهو ما يمكن أن يقوم به أيّ "هاكر" مراهق. ناهيك عن أنّ موقع نائب وزير الخارجيّة الإسرائيلي داني أيالون تعرّض للاختراق من قبل مجموعة أخرى، بعد أن أطلق تصريحات شديدة اللهجة ضدّ تلك العمليّات.

عجز إسرائيل في التصدّي لهذه الهجمة يعدّ انتكاسة لصورتها وهيبتها، ودليل أزمة حقيقيّة يعاني منها "العقل اليهوديّ"، لا سيّما وأنّها تأتي في زمن قلّ فيه المصدّقون للصهيونيّة، ليس لتغيّر ميزان القوى الإعلامي شيئًا فشيئًا وحسب، وليس للهزّة الأرضيّة الثوريّة في العالم العربيّ الإسلاميّ فقط، بل لأنّ العالم بات يرفض المنطق الصهيونيّ الذي يقود "العقل اليهوديّ" منذ مائة عام.

إذ أصبح ذاك "العقل" يعتمد على تزييف التاريخ وقلب الحقائق، إلى جانب استغلال الخطاب العاطفيّ الانفعاليّ؛ فكلّ صهيونيّ اليوم يبرّر كلّ ما يقوم به نظام كيانه بـ"المظلوميّة" التاريخيّة لليهود التي تمثّلت بالمحرقة "الهولوكوست"، ضاربًا عرض الحائط تاريخ غيره وحقّ غيره وواقع غيره.

لقد حوّلت الحركة الصهيونيّة أتباعها إلى متقوقعين منكفئين على ذواتهم، وحوّلت "العقل اليهوديّ" من عقل يمتلك دهاءً ومنطقًا لا يخلو من الخبث، إلى عقل ما زال يمتلك الدهاء، إنّما فقد كلّ المنطق.

أثبت "الهاكرز" المسلمون العرب - إلى جانب العقول العربيّة التي نفتها الأنظمة البائدة خدمة لإسرائيل وصفّت غيرها - أنّ في العالم العربيّ والإسلاميّ كفاءات تفوق الكفاءات الإسرائيليّة بكثير، وأنّ كثيرًا ممّا علمته الشعوب العربيّة عن إسرائيل وقوّتها كان في إطار الحرب النفسيّة التي شاركت فيها الأنظمة العربيّة العميلة والبائدة.

وإن لعبت تلك الأنظمة دورًا مركزيًّا في الحرب على العقل العربيّ والإسلاميّ في الماضي، فإنّ من أولى الواجبات على كلّ نظام جديد توفير البيئة الحاضنة لتلك العقول، وحمايتها والذود عنها في مواجهة كلّ من له مصلحة في تخلّفها وقتلها.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية