أزمة الكهرباء تجسد إخفاقنا
أحمد أبورتيمة
أحمد أبورتيمة
منذ ستة أعوام وغزة تعاني من أزمة انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي..وفي الأشهر الأخيرة زادت حدة هذه الأزمة كما لم يحدث من قبل..
تقول حركة حماس إن هذه الأزمة تأتي في سياق الحصار المفروض على القطاع، وإن من يتحمل مسئولية هذه الأزمة هو دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية والنظام الحاكم في مصر-الذي كنا نظن أنه سقط- بهدف دفع الناس إلى الثورة على حماس..
هذه الحجة الحمساوية كانت تلقى قبولاً من قبل الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة لأنها قريبة من العقل فوفق مبدأ من المستفيد فإن حماس هي أكثر الأطراف السياسية تضرراً من أزمة الكهرباء بعد المواطن الفلسطيني، لأن هذه الأزمة حدثت في ظل حكمها والناس سيحملونها المسئولية عنها، بينما من يسره أن يلعن الناس حماس ويندموا على انتخابها هم أعداؤها سواءً كانوا طرفاً فلسطينياً أو إسرائيل أو عرباً، لذا فإن القول بأن حماس هي التي تتعمد افتعال هذه الأزمة يبدو ساذجاً..
لكن طول عهد المشكلة ومرور الأعوام دون أن يلوح في الأفق حل لها زاد من مستوى ضجر الناس وتذمرهم وأفقد فريقاً منهم اتزانه في إطلاق الأحكام، وهي حالة متفهمة حين يزيد الضغط النفسي والمعاناة، فلم يعد الناس يهتمون كثيراً إن كانت حماس بريئةً أو مدانةً، لأن المحصلة النهائية أن هناك معاناةً.. وما يهم المواطن الفلسطيني هو أن يعيش حياةً طبيعيةً بغض النظر عن أي تبرير يمكن أن يساق..
في ظل ازدياد الضغط النفسي على المواطن الفلسطيني في غزة صارت الأجواء مهيأةً لرواج إشاعات تتهم حماس بأنها هي التي تتعمد افتعال أزمة الكهرباء، ومع أن أخباراً كهذه لا تبدو منطقيةً إذا أعملنا عقولنا إلا أن أجواء التوتر والضغط لا تبقي مساحةً للعقل، ولا يعود المواطن قادراً على ضبط نفسه، أو مهتماً كثيراً بالتحقق مما يسمعه إذ أن شعوره بالضيق والتذمر يدفعه لاستسهال ترديد هذه الشائعات، خاصةً أن حماس هي التي في الواجهة لذا فإنها هي الطرف المدان من وجهة نظر المواطن وهي من يتحمل المسئولية.
في فترات اشتداد أزمة الكهرباء بين الحين والآخر تشتعل الاتهامات المتبادلة بالمسئولية، وما تتصف به هذه الاتهامات والاتهامات المتبادلة أنها اتهامات سياسية يسهل إطلاقها دون تكلفة وعناء تحقق، بينما ما يفصل في مثل هذه الأزمة هو الحكم المستند إلى الأدلة والحقائق والوثائق والأرقام،وهذا ما ينبهنا إلى أن جزءاً من الأزمة تتحمله حالة الفوضى وغياب المسئولية والتدقيق التي تتسم به ثقافتنا..
في المجتمعات التي تحترم نفسها لا يمكن أن تمر الأزمات دون تشكيل لجان تحقيق مستقلة تتجاوز حالة التعبئة الإعلامية وتنفذ إلى بواطن الأمور وتقدم تقريراً موضوعياً نهائياً فيه خلاصة تحرياتها تحدد الجهات المسئولة والنسبة التي تتحملها كل جهة من المسئولية ويكون لهذا التقرير مصداقيته أمام الجمهور..أما في مجتمعات لا تحترم نفسها فيمكن بمنتهى البساطة أن يظل المواطن حائراً ستة أعوام كاملة أمام أزمة تؤثر على أبسط مقومات حياته، وهو ضحية أقاويل وإشاعات تتقاذفه ذات اليمين وذات الشمال دون أن يعرف من المتسبب في هذه الجريمة..
لا يهمني ما الذي ستخلص إليه اللجنة المفترضة ومن الطرف الذي ستحمله المسئولية، أو الطرف الذي ستبرئه، لكن ما يهمني هو الفكرة ذاتها، وكيف نؤسس لثقافة تعتمد أساليب التحقيق والتدقيق العلمية التي يمكن من خلالها أن نميز بين الصواب والخطأ..
هذه دولة الاحتلال بجوارنا لا يحصل فيها إخفاق إلا وتسارع لتشكيل لجنة تحقيق لاستخلاص العبرة وتحديد الطرف المسئول، فنسمع عن لجنة فينوغراد ولجنة تيركل وغيرها من الأسماء في أعقاب كل إخفاق، ومن المثير للأسى أننا ننظر إلى مثل هذه اللجان بأنها إقرار صهيوني بالهزيمة ونكبر ونهلل حين نسمع نتائجها، لكننا لا نقول إن تشكيل هذه اللجان هو علامة حيوية في المجتمع الإسرائيلي ويقظة نقدية ورغبة في تطوير الأداء وتجاوز الأخطاء..
إذا كان من المؤكد أن العامل الخارجي يتحمل مسئوليةً أساسيةً في أزمة الكهرباء فإن من المحتمل أن العامل الداخلي يتحمل جزءاً منها أيضاً بفعل سوء الإدارة، والفيصل في هذا الأمر هو تشكيل لجنة تحقيق ومساءلة..
نحتاج إلى لجنة فينوغراد فلسطينية تتشكل من شخصيات مستقلة مشهود لها بالكفاءة والنزاهة تقف في منتصف المسافة بين فرقاء السياسة، وتعطى صلاحيات للدخول في كل المواقع وتطلع على كافة الأرقام والحقائق ثم تقدم تقريرها إلى الجمهور الفلسطيني مباشرةً تحدد فيه الأطراف المتسببة في هذه الأزمة ونسبة كل طرف من المسئولية دون مداهنة أو مجاملة..
إن الحاجة ملحة لترسيخ ثقافة المساءلة والتحقيق في مجتمعاتنا حتى نتجاوز حالة الفوضى والعبثية وخلط الأوراق ورمادية المشهد وحتى نحيي هذه الثقافة فإنه يتعين علينا أن نعيش في ظلام دامس وسيظل بيننا وبين النور أمد بعيد..
تقول حركة حماس إن هذه الأزمة تأتي في سياق الحصار المفروض على القطاع، وإن من يتحمل مسئولية هذه الأزمة هو دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية والنظام الحاكم في مصر-الذي كنا نظن أنه سقط- بهدف دفع الناس إلى الثورة على حماس..
هذه الحجة الحمساوية كانت تلقى قبولاً من قبل الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة لأنها قريبة من العقل فوفق مبدأ من المستفيد فإن حماس هي أكثر الأطراف السياسية تضرراً من أزمة الكهرباء بعد المواطن الفلسطيني، لأن هذه الأزمة حدثت في ظل حكمها والناس سيحملونها المسئولية عنها، بينما من يسره أن يلعن الناس حماس ويندموا على انتخابها هم أعداؤها سواءً كانوا طرفاً فلسطينياً أو إسرائيل أو عرباً، لذا فإن القول بأن حماس هي التي تتعمد افتعال هذه الأزمة يبدو ساذجاً..
لكن طول عهد المشكلة ومرور الأعوام دون أن يلوح في الأفق حل لها زاد من مستوى ضجر الناس وتذمرهم وأفقد فريقاً منهم اتزانه في إطلاق الأحكام، وهي حالة متفهمة حين يزيد الضغط النفسي والمعاناة، فلم يعد الناس يهتمون كثيراً إن كانت حماس بريئةً أو مدانةً، لأن المحصلة النهائية أن هناك معاناةً.. وما يهم المواطن الفلسطيني هو أن يعيش حياةً طبيعيةً بغض النظر عن أي تبرير يمكن أن يساق..
في ظل ازدياد الضغط النفسي على المواطن الفلسطيني في غزة صارت الأجواء مهيأةً لرواج إشاعات تتهم حماس بأنها هي التي تتعمد افتعال أزمة الكهرباء، ومع أن أخباراً كهذه لا تبدو منطقيةً إذا أعملنا عقولنا إلا أن أجواء التوتر والضغط لا تبقي مساحةً للعقل، ولا يعود المواطن قادراً على ضبط نفسه، أو مهتماً كثيراً بالتحقق مما يسمعه إذ أن شعوره بالضيق والتذمر يدفعه لاستسهال ترديد هذه الشائعات، خاصةً أن حماس هي التي في الواجهة لذا فإنها هي الطرف المدان من وجهة نظر المواطن وهي من يتحمل المسئولية.
في فترات اشتداد أزمة الكهرباء بين الحين والآخر تشتعل الاتهامات المتبادلة بالمسئولية، وما تتصف به هذه الاتهامات والاتهامات المتبادلة أنها اتهامات سياسية يسهل إطلاقها دون تكلفة وعناء تحقق، بينما ما يفصل في مثل هذه الأزمة هو الحكم المستند إلى الأدلة والحقائق والوثائق والأرقام،وهذا ما ينبهنا إلى أن جزءاً من الأزمة تتحمله حالة الفوضى وغياب المسئولية والتدقيق التي تتسم به ثقافتنا..
في المجتمعات التي تحترم نفسها لا يمكن أن تمر الأزمات دون تشكيل لجان تحقيق مستقلة تتجاوز حالة التعبئة الإعلامية وتنفذ إلى بواطن الأمور وتقدم تقريراً موضوعياً نهائياً فيه خلاصة تحرياتها تحدد الجهات المسئولة والنسبة التي تتحملها كل جهة من المسئولية ويكون لهذا التقرير مصداقيته أمام الجمهور..أما في مجتمعات لا تحترم نفسها فيمكن بمنتهى البساطة أن يظل المواطن حائراً ستة أعوام كاملة أمام أزمة تؤثر على أبسط مقومات حياته، وهو ضحية أقاويل وإشاعات تتقاذفه ذات اليمين وذات الشمال دون أن يعرف من المتسبب في هذه الجريمة..
لا يهمني ما الذي ستخلص إليه اللجنة المفترضة ومن الطرف الذي ستحمله المسئولية، أو الطرف الذي ستبرئه، لكن ما يهمني هو الفكرة ذاتها، وكيف نؤسس لثقافة تعتمد أساليب التحقيق والتدقيق العلمية التي يمكن من خلالها أن نميز بين الصواب والخطأ..
هذه دولة الاحتلال بجوارنا لا يحصل فيها إخفاق إلا وتسارع لتشكيل لجنة تحقيق لاستخلاص العبرة وتحديد الطرف المسئول، فنسمع عن لجنة فينوغراد ولجنة تيركل وغيرها من الأسماء في أعقاب كل إخفاق، ومن المثير للأسى أننا ننظر إلى مثل هذه اللجان بأنها إقرار صهيوني بالهزيمة ونكبر ونهلل حين نسمع نتائجها، لكننا لا نقول إن تشكيل هذه اللجان هو علامة حيوية في المجتمع الإسرائيلي ويقظة نقدية ورغبة في تطوير الأداء وتجاوز الأخطاء..
إذا كان من المؤكد أن العامل الخارجي يتحمل مسئوليةً أساسيةً في أزمة الكهرباء فإن من المحتمل أن العامل الداخلي يتحمل جزءاً منها أيضاً بفعل سوء الإدارة، والفيصل في هذا الأمر هو تشكيل لجنة تحقيق ومساءلة..
نحتاج إلى لجنة فينوغراد فلسطينية تتشكل من شخصيات مستقلة مشهود لها بالكفاءة والنزاهة تقف في منتصف المسافة بين فرقاء السياسة، وتعطى صلاحيات للدخول في كل المواقع وتطلع على كافة الأرقام والحقائق ثم تقدم تقريرها إلى الجمهور الفلسطيني مباشرةً تحدد فيه الأطراف المتسببة في هذه الأزمة ونسبة كل طرف من المسئولية دون مداهنة أو مجاملة..
إن الحاجة ملحة لترسيخ ثقافة المساءلة والتحقيق في مجتمعاتنا حتى نتجاوز حالة الفوضى والعبثية وخلط الأوراق ورمادية المشهد وحتى نحيي هذه الثقافة فإنه يتعين علينا أن نعيش في ظلام دامس وسيظل بيننا وبين النور أمد بعيد..
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية