أزمة الهوية في (إسرائيل) ... بقلم : حسام الدجني

الإثنين 21 يناير 2013

أزمة الهوية في (إسرائيل)

حسام الدجني

مع اشتداد حمّى الدعاية الانتخابية داخل (إسرائيل)، عادت إلى السطح أزمة الهوية في (إسرائيل)، وكشف المجتمع (الإسرائيلي) زيف ادعائه بأنه مجتمع علماني ديمقراطي، حيث حملت الدعاية الانتخابية معالم الشخصية الصهيونية التي تقوم على الكراهية والعنصرية ليس فقط تجاه الفلسطينيين، وإنما وصلت إلى كل المكونات الاثنية والعرقية والأيديولوجية داخل (إسرائيل).

والكل يعرف أن هناك صراعاً أيديولوجياً بين العديد من التيارات اليهودية منذ نشأة الدولة العبرية على أنقاض فلسطين عام 1948م، وأن الدولة لم تنجح في دمج المكونين الإثنيين اليهود الغربيين (الأشكناز)، واليهود الشرقيين (السفارديم) في مجتمع واحد وتحت مظلة هوية واحدة، ولم تتوقف الأزمة عند هذا الحد، ففي الآونة الأخيرة بات واضحاً أن المجتمع الإسرائيلي أصبح يتجه نحو اليمين واليمين المتطرف، وهذا ما تؤكده نتائج استطلاعات الرأي في انتخابات الكنيست 2013م، وما أفرزته نتائج انتخابات الكنيست لعام 2008م، وأن الخلاف لدى الأحزاب الدينية والانقسامات كبيرة، ففي المجتمع الإسرائيلي يوجد تياران دينيان هما التيار الديني الأرثوذكسي والتيار الديني الصهيوني، فالتيار الديني الأرثوذكسي ينقسم هو الآخر إلى تيارين هما التيار الأرثوذكسي الغربي والتيار الأرثوذكسي الشرقي، فالتيار الغربي ينقسم إلى التيار الحسيدي والتيار الليتائي، أما التيار الشرقي فهو يعبر عن اليهود الشرقيين علمانيين كانوا أم متدينين وتمثله حركة شاس بزعامة أريه درعي.

أما التيار الآخر وهو التيار الديني الصهيوني وهو يؤمن بالاستيطان على أرض فلسطين، ويعتبره أنه يعادل كل فرائض التوراة، وتغلغل هذا التيار في الجيش ومؤسسات الدولة، بحيث أصبح يسيطر على أكثر من نصف المقاعد المهمة في الجيش وأولويته المختارة.

وهناك أيضاً أقليات تعكس التباينات وأزمة الهوية، فاليهود الروس يمثلون 20% من المجتمع الإسرائيلي وهم بالمناسبة لا يجيدون اللغة العبرية بطلاقة، ويعيشون ضمن جيتو خاص بهم، ويستمعون للأغاني الروسية، وبذلك هم حالة ثقافية خاصة داخل مجتمع به العديد من المكونات الثقافية الأخرى ولعل أهمها:
1- الثقافة العلمانية: وهي ما تتبناها الدولة بشكل علني.
2- الثقافة الوطنية القومية: وهي عبارة عن مزج بين العلمانية واليهودية.
3- ثقافة الحريديم: اليهودية الحريدية (المتزمتة) وهي تعيش ضمن جيتو خاص بها، وتشكل عبئاً ثقافياً على اليهود العلمانيين، وتمثل 8% تقريباً من المجتمع الصهيوني.

وهناك أيضاً الأقلية العربية وهم السكان الأصليون للبلاد ولكنهم من أكثر الأقليات داخل (إسرائيل) يتعرضون للعنصرية والتمييز، ويمثلون 20% من سكان (إسرائيل)، ولكن اليهود ومن خلال دعايتهم الانتخابية يلوحون بترانسفير يقتلعهم من أراضيهم ليكشف المجتمع الإسرائيلي عن وجهه الحقيقي تجاه الأقليات وتجاه حرية المعتقد، حيث شاهدنا ما قام به بعض المتطرفين من رفع صوت الأذان وسط أهم الأحياء الراقية في (تل أبيب) في إشارة للإزعاج الذي يتعرض له اليهود في المدن المختلطة أو في المستوطنات من سماعهم لصوت الأذان.

إن أزمة الهوية في (إسرائيل) تنذر بحجم المأزق الذي تعيشه الدولة، وأنها تحمل بذور ودلالات السقوط والانكماش، وكما قال ميكافيلي في نصائحه للأمير: " إن الطريقة المثلى للحفاظ على الدولة وحمايتها من الثورات والحروب الداخلية هي خلق عدو خارجي يشكل وجوده قضية مشتركة للشعب".

من هنا نرى أن سياسة (إسرائيل) العدوانية هي شرط بقائها وديمومتها، وتجاوزها لأزمة الهوية، ولذلك فإن المستقبل لمرحلة ما بعد الانتخابات الصهيونية سيحمل معه مقومات حرب في المنطقة حتى تستعيد (إسرائيل) وحدتها الداخلية.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية