أسرانا وأمتنا ... بقلم : محمد مشينش

الجمعة 22 مارس 2013


أسرانا وأمتنا

محمد مشينش

لم تعد قضية الاسرى مسجونة مع ابطالها خلف قضبان سجون الكيان الصهيوني، فها هي تنطلق وقد عمّدت بدماء الشهداء وصمود الابطال متجاوزة قسوت السجان ومكره، معززة من ثقة ابناء الامة بان هذا العدو لن يحقق النصر ابدا ولن تركع هذه الامة، وما بقي الا ان تخطو الامة خطوتها التاريخية وتعيد استحضار مكامن قوتها كأمة واحدة وليس كدويلات منفردة ليس على مستوى الجغرافية بقدر ما هو استحضار لموقف موحد نابع من الارث الحضاري والتأريخي في التعاطي مع قضية الاسرى منذ ان اضاءت الدنيا ببعثة نبينا محمد صلوات ربي وسلامه علبه.

فها هو رسول الله يأمر امته بتكليف شرعي فيقول :"ان على المسلمين في فيئهم ان يفادوا اسيرهم، ويؤدوا عن غارمهم "، كما انه وهو المأخوذ بفعله تشريعا للامة في حادثة عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما ارسله رسول الله ليفاوض قريشا في الحديبية فقامت قريش بأسره، فما كان من رسول الله الا ان يقوم بعمل يدلل على ضرورة اتخاذ اجراءات وخطوات لأجل اطلاق سراح الاسرى وعدم ابقائهم عند العدو، فقد أَسر من فرسان قريش ممن كانوا يتجسسون على مخيم المسلمين، وجعلهم مادة المفاوضات مع سهيل بن عمرو والتي ادت الى اطلاق سراح عثمان بن عفان ومعه احد عشر صحابيا رضي الله عنهم اجمعين.

وفي العهد الراشدي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما اراد ماهان قائد جيش الروم في معركة اليرموك ان يقتل خمسة اسرى من صحابة رسول الله اثناء المفاوضات مع خالد بن الوليد رضي الله عنه، وخالد عند ماهان في معسكر الروم ووسط ما يقرب من 300000 من عساكر الروم،رفع خالد ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم سيوفهم وهددوا ماهان وهو وسط جيشه بالقتل ان هو مس الاسرى، ولم يتركوهم واستعدوا للموت دونهم، فأعرض ماهان عن قتلهم واطلق سراحهم وعادوا مع خالد سالمين الى معسكر الجيش الاسلامي.

اما السلطان نور الدين زنكي رحمه الله ومعه الميسورون من الامراء والتجار في ذلك الوقت فقد كانوا يجعلون خراج اموالهم في مفادات الاسرى فهم لا منجى لهم – الاسرى – الا بهذه الطريقة، وقد كانوا يَخصّون الاسرى المغاربة اكثر من غيرهم لبعدهم عن اوطانهم. احداث كثيرة سجلها التاريخ تثبت ان الامة تعطي قضية اطلاق سراح الاسرى ونيلهم حريتهم اولوية كبيرة وتجند طاقاتها لاجل ذلك.

ومع استمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين وما يقابله من مقاومة انتجت آلاف الاسرى من ابناء الشعب الفلسطيني الذي رفع الراية نيابة عن الامة في مواجهة هذا العدو مسجلا نجاحات رغم الامكانات المحدودة في اجبار هذا العدو الغاصب لعقد صفقات من اجل اطلاق سراح مجاميع من الاسرى من ابناء الامة مرغما على ذلك غير مخير، والتي كان آخرها صفقة وفاء الأحرار والتي حررت ما يزيد عن الالف اسير ممن أذلوا هذا الكيان الصهيوني مرتين،مرة عندما اثبتوا له ان الاجيال لن تنسى حقوقها وان المقاومة منهج حياة بالنسبة للشعب الفلسطيني ومرة اخرى عندما نالوا حريتهم وهو من فتح لهم ابواب السجن بيده مجبرا على ذلك بفضل الله اولا وبفضل ابداعات المقاومة، ولأن الشعب الفلسطيني نجح في ان يجعل المقاومة منهج حياة لأبنائه فها نحن نعيش هذه الايام والتي يسجل فيه الاسرى الابطال ملحمتهم الخالدة في التخلي عن الحاجات الرئيسية للانسان في المأكل طلبا لحريته وليضربوا مثلا للعالم كله اننا شعب ومن خلفنا امة لن نستسلم. ولان دورة التاريخ تتكرر في كثير من جوانبها والعِبَر تأخذ من خبر من كان قبلنا فإن الامة يجب ان تشترك في هذا النضال وان لا يبقى الشعب الفلسطيني منفردا في هذه المواجهة فهو لا يدافع عن نفسه فقط بل يدافع عن مقدسات المسلمين كافة ويدافع عن قيم ومبادئ الانسانية في الحرية وتحرير الاوطان، وتمتلك الامة الاسلامية ومن ورائها احرار العالم اساليب كثيرة لأجل اطلاق سراح الاسرى، ومنها الى ما هو اكبر في الخلاص من هذا الكيان المغروس عمدا من القوى المعادية للاسلام والعروبة في قلب الامة.

فالكل يعرف ان هذا الكيان ما كان ليوجد وليبقى لولا دعم الغرب له، وبالمقابل فلن نفلح في ازاحته ان لم نكن موحدين كأمة، ولعل عنوان قضية الاسرى خير عنوان في هذه المرحلة ولتكن نقطة الشروع لاجل انخراط الامة في هذه المعركة، فلعبة القوانين وحقوق الانسان والحريات لطالما كانت المدخل لتدخلات خارجية من الغرب ضد الدول بغير حق، وبالمقابل فهي خير مدخل لأمتنا للوقوف مع الحق ونصرته في فلسطين، ولعل قادة الامة يمتثلون قول أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز عندما وقع بعض المسلمين في الأسر عن البيزنطيين فبعث إليهم عبد الرحمن بن عمرة لفك أسرهم وقال له : ( أعطهم لكل مسلم ما سألوك،فوالله لرجل من المسلمين أحب إلي من كل مشرك عندي، إنك ما فاديت به المسلم فقد ظفرت به، إنك إنما تشتري الإسلام)...... فاشتروا الاسلام يا قادة الامة.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية