أسرى يفطرون على الملح والماء
خالد معالي
حكاية صعبة ولا يصدقها العقل؛ ففي السجون يحين موعد أذان الإفطار في شهر رمضان في اليوم الأول منه، يصدح، دون أن يسمعه الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم عليه بالسجن 67 مؤبدًا، ولا إخوته الأسرى الأردنيون، ولا بقية الأسرى المعزولين والمضربين، وعندها تبلغ القلوب الحناجر، فلا أذان ولا طعام إلا الملح والماء، في الوقت الذي ينعم فيه المسلمون في الخارج بصوت أذان جميل، تخشع له القلوب، وبمائدة إفطار مما لذ وطاب، من أطيب الأطعمة والأشربة.
من لم يجرب الأسر، ولم يتجرع مرارة وقسوة قلب السجان، ويتناول ما لذ وطاب على مائدة الإفطار في شهر رمضان؛ عليه أن يتذكر ويتضامن مع إخوته الأسرى والأسيرات، وخاصة المضربين عن الطعام والمعزولين عن العالم الخارجي.
في أول يوم في رمضان الماء والملح هما وجبة الإفطار للأسرى المضربين، يضطرون إليهما؛ كي يحافظوا على عدم تلف معدهم وجهازهم الهضمي، حتى هما يحاول السجان منعهما عنهم؛ للضغط عليهم، الأسر يعني الموت البطيء؛ فالأيام تمر سريعًا خارج السجن، ولكن داخله تمر الثواني ثقيلة وبطيئة ومعها العذاب.
واجب على كل مسلم وفلسطيني وحر وشريف في العالم إيجاد وسيلة، أو تقديم ولو شيئًا بسيطًا للضغط على الاحتلال من أجل معاملتهم كأسرى حرب، وتحقيق مطالب الأسرى المضربين العادلة، وإخراج الأسرى المعزولين من قبور العزل الانفرادي _ومن بينهم الأسير المهندس ضرار أبو سيسي_ لكي يمضوا شهر رمضان الكريم بين زملائهم.
اعلم _أخي المسلم الصائم_ وأنت تدعو الله أن ينصر المسلمين أن الأسرى يحتجزون في شهر رمضان في غرف وزنازين ضيقة ومتسخة، يصاحبهم بها عشرات الفئران والحشرات الضارة، ويعرضون للتفتيش والقمع بشكل مستمر، وتصادر أغراضهم إذا ارتفع صوت أحدهم بقراءة القران أو الصلاة.
معاناة الأسرى في شهر رمضان تطال حتى ذويهم؛ إذ تحرم العائلة وجود ابنها أو رب الأسرة على مائدة السحور والإفطار، ما يفاقم من معاناة الطرفين طوال شهر رمضان الكريم.
هكذا تشكل قضية الأسرى في سجون الاحتلال _وبالأخص في شهر رمضان_ وجعًا وألمًا دائمين لكل حر وشريف، ليس فلسطينيًّا وحسب، بل عالميًّا أيضًا؛ كونهم يدافعون عن قيم الحرية والكرامة والعدالة.
القيم والمعاني الإنسانية السامية التي يجسدها الأسرى جديرة بأن يضحى لها، ويعلو شأنها، ومن حق الأسرى على المسلمين والخارج نصرتهم ولو بأضعف الإيمان، ولو بالدعاء، وتذكر معاناتهم عقب كل وجبة إفطار.
لو أن أسيرًا واحدًا فقط للكيان المحتل وقع في الأسر لاحقًا، وأضرب عن الطعام يومًا واحدًا فقط؛ لملأ الدنيا صراخًا، وتحرك على الاتجاهات والصعد كافة، وأنموذج "شاليط" مازال ماثلًا في الأذهان حتى الآن، فهل تحركنا سريعًا، وتضامنا مع أسرانا الأبطال ليزيد أجر وثواب صيام شهر رمضان؟، "والله يضاعف لمن يشاء".
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية