ألف قمر ينيرون تشرين ... بقلم : سليم سليم

الإثنين 17 أكتوبر 2011


بقلم: سليم سليم

أنشرح الصدر الفلسطيني أخيراً و تهللت أسارير الوجه بصفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال بعد سنوات عجافٍ من الحصار و الدمار والانقسام , وسيعانق بموجبها ألف أسير ويزيد من كافة ألوان الطيف الفلسطيني أهلهم وذويهم بعد غياب طال انتظاره منهم عددٌ لا بأس به من أصحاب المؤبدات و الأحكام العالية و جميع الأخوات الأسيرات بالإضافة إلى بعض القيادات على رأسهم نائل البرغوثي عميد الأسرى الفلسطينيين


وعلى الرغم من نجاحها الكبير تبقى الفرحة بهذه الصفقة منقوصة لأنها لم تشمل بعض كبار الأسرى من قيادات الفصائل لا سيما أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و مروان البرغوثي القيادي البارز في حركة فتح ولكن هذا أقصى ما تم الإمكان التوصل إليه من قبل المفاوضين , وقد تم التنازل عن هذه الأسماء وغيرها بالاتفاق مع قيادات الحركة الأسيرة وأعتقد بأن سعدات والبرغوثي وغيرهم من الأسرى سعداء بهذا الإنجاز

فاتورة الحساب التي دفعها الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة بعد أسر شاليط والتمسك ببقائه في الأسر كانت كبيرة جدا بدأها الاحتلال بحملة "سيف جلعاد" في صيف 2006 وكان حينها صيفاً ساخناً على الغزيين صهر الكثير من أجسادهم وأبنيتهم , ثم شددت إسرائيل حصارها المفروض أصلاً على غزة و شنت لاحقأ حرباً عنيفة أزهقت فيها وأصابت الآلاف ً

لم تكتفي إسرائيل باستخدام الحل العسكري فحسب للضغط على آسري شاليط للاستجابة لمطالبهم بتسليم الجندي الأسير بل جندت كل الأساليب للوصول إليه من أجهزتها التصنتية و جواسيسها الأرضية و رسائلها الإلكترونية و المطالبات الدولية و محاولة إغراء الفلسطينيين بآلاف الدولارات لإعطاء بعض المعلومات عن شاليط ولكن شيئاً من هذا القبيل سواء عسكرياً أو إستخبارتياً أو دبلوماسياً أو غير ذلك لم يكتب له النجاح في الوصول للمبتغى

إذاً هو إنجازٌ كبيرٌ يحسب للمقاومة الفلسطينية على الصعيد الأمني أن تقوم بالاحتفاظ بشاليط لهذه الفترة من الزمن وعلى مساحة جغرافيةِ ضيقة دون أي يستطيع الاحتلال أن يصل لشاليط أو أن يأخذ معلوماتِ إلا بدفع الثمن كما حدث عندما تم إعطاء شريط فيديو قصير لشاليط مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى في سجون الاحتلال

صحيح أن كم التضحيات كبيرٌ الذي قدمه الفلسطينيون مقابل الاحتفاظ ببقاء جنديٍ في الأسر للإفراج عن أسرى طال إعتقالهم لعقود طوال , ولكن التاريخ علمنا دورساً لن ننساها أبداً بأن باب الحرية الحمراء لا يفتح إلا بالدم قدمنا التضحيات لنفرج عن معتقلينا ونحتاج للمزيد من التضحيات أيضاً لنفرج عن باقي الأسرى في سجون الإحتلال وإلا هل تعتقدون بأن الإحتلال سيسلمنا الأسرى كهديةً على طبقٍ من ذهب ؟! , أو أن يعيدنا لبلادنا دون قتال ؟! لو كان هذا لأراحونا من العناء ومن نزف الدماء! , ولكننا نعرف جيداً بأن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة وهنا القوة لا تعني السلاح فقط فكل ما نستطيع به إيجاع المحتل فهو قوة وعلينا إستخدام السبل المناسبة للإفراج عن جميع الأسرى وأن نستخلص العبر من الأخطاء إن وقعت

ما أسرَّنا في هذه الصفقة كذلك بأنها أشتملت على كل ألوان الطيف الفلسطيني من فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهات وباقي الفصائل , و أتمنى من الأخوة من كل الفصائل وخاصة حماس بأن يعملوا خلال الإحتفاء بهذه الفعالية أن يكون علم فلسطين هو الموحد للجميع وأن يتناسوا أعلام أحزابهم وأغانيهم وأن يغردوا لفلسطين وللأسرى سواء المحررين أو الذين لا زالوا خلف السجون خاصة في وسائل الإعلام في مثل هذه المناسبات الوطنية البهيجة وليكن الأسرى عامل وحدة لنا جميعاً .

أعجبني أيضاً لعب المفاوضين في الصفقة على وتر الجغرافيا فقد أصروا على أسرى من القدس المحتلة وعرب ثمانية وأربعين علاوة على أسرى من غزة والضفة في دلالة على وحدة هذا الوطن وأنه لنا من بحره إلى نهره ولن ننساه , أضف إلى ذلك أسيرٌ من الجولان المحتل أي أن لنا عمقاً عربياً إستراتجياً شريكٌ لنا في تحرير فلسطين وهنا لا أعني سوريا فحسب بل كل الدول من الأمة العربية والإسلامية التي تعتبر فلسطين قضيتها المركزية .

وأكثر ما جعلني في حالةٍ من نشوة الفرح والسعادة بأن حركة حماس قامت بالإتصال بالسيد الرئيس محمود عباس وإطلاعه على صورة ما تم التوصل إليه في صفقة التبادل , وما تلاه من ترحيب الرئيس بهذه الصفقة والحديث عنها وكذلك تصريحات حركة فتح الصفقة عنها الإيجابية جداً والتي تصب في صالح شعبنا الفلسطيني وفي صالح وحدته الإستراتيجية , و موقف حماس فيه من الرقي الكثير خاصة و أن نتياهو أخذ في حسبانه في تنفيذ هذه الصفقة إحراج أبو مازن بعد توجهه للأمم المتحدة وإصراره على دولةٍ فلسطينية في حدود ال 67.

وهي فرصة أيضاً للرئيس عباس و في ظل هذه الأجواء الإيجابية لأن يقوم بالإفراج عن المعتقلين السياسين في الضفة المحتلة وتبيض السجون الفلسطينية من أي معتقلِ فلسطيني لأنه ليس من المنطق أن يخرج أسرانا من سجون الإحتلال في حين يبقى لدينا أسرى سياسين في الضفة المحتلة وحتى في غزة إن وجد , وهي فرصةٌ كبيرةٌ أيضاً لتطبيق المصالحة الفلسطينية الداخلية و تصفية الإنقسام لإلتئام شطري الوطن في غزة والضفة .

على كل حال مباركٌ لشعبنا صفقة التبادل هذه و لأسرانا الأبطال الذين أفنوا زهرة شبابهم في سجون الإحتلال ولذويهم الذين عانوا المرارة لفقدان الأحبة الذين جاءت الصفقة بمثابة لمسةِ وفاءٍ لصبرهم , وهنياً لألف قمر ينيرون سماء الوطن في شهر تشرين , وشكراً للمقاومة الفلسطينية ولحركة حماس على هذا الإنجاز الكبير , والرحمة لشهداء الوهم المتبدد الذين نفذوا العملية وعلى كل الشهداء الأطهار , و شكراً للربيع العربي الذي جلب لنا مصر جديدةً تكون فيها نزيهً وشفافةً في صفقة تبادل تسجل في التاريخ , وكذلك في مصالحة طال إنتظارها .
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية