أم عماد.. حين تغيب ... عبدالله قنديل

أم عماد.. حين تغيب ... عبدالله قنديل

الأربعاء 30 ديسمبر 2009

أم عماد.. حين تغيب 

 عبدالله قنديل

كم كانت لحظة أليمة حينما تلقيت نبأ وفاة الحاجة أم عماد شحادة والدة الأسير عماد شحادة، وشقيقة الأسير حاتم إسماعيل فهي التي شاركتنا الاعتصام الأسبوعي لذوي الأسرى مرارا وتكرارا دون أن نفقدها في مرة من المرات.


الراحلة أم عماد وكعادتها في كل أسبوع، فقد بُح صوتها وتعِب قلبها وهي تستجدي تارة، وتستنجد تارة، وتوجه تحياتها تارة لابنها ولشقيقها أيضا، ولكن إرادتها لم تتعب من التواجد منذ الصباح الباكر لكل يوم إثنين وهي تحمل ذات الصورة التي تجمع صورة ابنها وبجوارها صورة شقيقها، ولعل من يشاهد تلك الصورة يتعرف على هذه المرأة الصابرة التي ما فتئت تروح وتغدو على أمل أن تعانق ابنها الذي فارقها قسرا منذ خمسة وعشرين عاما، قضتها في بكاء الليل شوقا للقائه، وفي تفكير النهار: هل سيجمع القدر بينهما أم لا؟ ولعل هذا ما كان عرفناه اليوم حيث الفراق الكبير(الموت) بعد الفراق الصغير(السجن).


كم كانت رائعة هذه الأم الوفية الصابرة وهي تكافح من أجل هذه القضية كفاحا عجز عنه الكثير من أشباه الرجال، فمشوارها الطويل خير دليل وشاهد على ذلك.



لله درك أم عماد وأنتي تهتفين بالحرية لإبنك ولشقيقك ولكل الأسرى، ولله درك وأنتي تتحدثين بنبرة فيها من الشموخ والصبر والإرادة ما فيها، ولعل صرخاتك في الاثنين الماضي كانت ملفتة للنظر وأنت تتحدثين عبر إحدى الفضائيات بكل حرقة ومرارة وألم.


اليوم يا أم عماد ترتاحين من عناء هذه الدنيا الفانية، ترتاحين بعد أن تعبتي تعبا شديدا، كيف لا ودموعك الصادقة كانت سيدة كل لقاء، نعم لم تتحقق الأمنية في هذه الدنيا لكني على يقين بأن إيمانك وصبرك كانا كذخيرة المحارب تبقى حتى الرمق الأخير من الحياة، وإن إيمانك جعلك واثقة بأن اللقاء إن لم يكن في هذه الدنيا، فإن لقاءا جميلا وأبديا سيجمعكم في جنان الرحمن بإذنه تعالى.


إن كل ما تمنته أم عماد هو أن ترى إبنها الذي حرمت من رؤيته منذ أربع سنوات بفعل منع الزيارة، هذا هو كل جرمها، فأن تقبله وأن تعانقه بات إرهابا وإجراما في عصر بات فيه المحتل هو الضحية، ومن يطمع في رؤية أو عناق إبنه هو الجلاد فهي معادلة هذا الزمن المر، فكل الذين يتشدقون وينادون بالمحافظة على حقوق الإنسان وتحريم الظلم قد أصموا آذانهم، وأغمضوا أعينهم عن مثل هذه المأساة التي ينفطر لها قلب كل حر.



إن عهدنا معك يا أم عماد أن نبقى أوفياء لقضية هؤلاء الليوث الضواري، وإن أقل ما نوفي به هو أن الصورة التي اعتدنا على رؤيتها معكِ في كل اعتصام لن تغيب عنا بإذن الله، فهي ستبقى موجودة إلى أن ييسر الله فرجا قريبا لابنك عماد ولشقيقك حاتم، فرحمك الله رحمة واسعة، وأسأل الله العظيم أن يحشرك مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية