أوجاع اليرموك؟!
د. يوسف رزقة
مخيم اليرموك في دمشق هو الوجع الجديد للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي الشتات. الوجع في اليرموك لا يحتمل ولا يطاق، وينكأ جراحات النكبة والمخيمات. قتلى الشعب الفلسطيني في سوريا تجاوز 825 قتيلاً. الرقم المذكور هو الرقم المعلن رسميًا، ولكن ما هو غير معلن يتجاوز هذا الرقم. بعض الفلسطينيين قتلوا إعدامًا بدم بارد لأنهم من فلسطين أو لأنهم من "حماس".
وجع اليرموك لا يقف عند حد القتلى وعند الجرحى، بل يتجاوز ذلك إلى تهجير السكان من بيوتهم ومراكز أعمالهم وممتلكاتهم بقوة السلاح. كل المحاولات الشعبية لإجراء اتفاق لتجنيب المخيم الاقتتال والقصف باءت بالفشل. الدم ما زال ينزف في اليرموك وغيره، ولا أحد يملك رؤية دقيقة لمستقبل الفلسطيني في سوريا؟! الأطراف تدفع بالفلسطينيين إلى أتون الصراع الدموي. المعركة ليست معركة الفلسطيني. الفلسطيني يحترم الضيافة واللجوء ولا يتدخل في شؤون الغير.
الفلسطيني اللاجئ تعلم دروسًا بليغة من الأردن ومن لبنان ومن العراق ومن الكويت. الفلسطيني في اليرموك وفي غير اليرموك ينظر إلى القدس ونابلس ويافا وحيفا. الفلسطيني في مخيمات الشتات له معركة واحدة هي معركة العودة إلى الوطن المغتصب. لا معركة للفلسطيني في خارج فلسطين مهما كانت المحفزات الغيرية التي تضغط عليه للدخول في معارك جانبية خارج فلسطين المحتلة.
لقد دفع الفلسطيني ثمنًا باهظًا على أيدي الأنظمة العربية عبر سنين النكبة، وكانت مجمل فاتورة الدم أعلى من فاتورة الدم التي دفعها على يد الإسرائيلي المحتل، فقصص المخيمات الفلسطينية التاريخية تحكي جرأة مفرطة للأنظمة العربية وأجهزتها الأمنية والعسكرية على الدم الفلسطيني. وها هو النظام السوري يسير على طريق الدم نفسها التي سارت عليها أنظمة مجاورة، مما اضطر الفلسطيني إلى الفرار بروحه وأولاده إلى البرازيل ودول أمريكيا اللاتينية لعله يجد ملاذاً آمنًا أو رحيمًا.
القتل يستحرُّ بالفلسطيني في اليرموك، وجبران باسيل الوزير اللبناني يفجر في وجه الفلسطيني قنبلة عنصرية خطيرة بقوله لا وجود للفلسطيني الفار من اليرموك في لبنان. ابن اليرموك ليس مغرمًا بلبنان الذي صنع صبرا وشاتيلا، وليس مغرمًا بنظام يمنع أبناء المخيمات الفلسطينية من (70 مهنة) محترمة، ويمنع تمليك بيت الأب إلى الابن بالوراثة. الفلسطيني ابن اليرموك أو غيره لا يفر بروحه إلى لبنان رغبة، بل رهبة واضطرارًا، وهو سيعود إلى سوريا أو إلى وطنه فلسطين عندما تتوقف معارك سورية، وتصبح بلدًا آمناً للحياة.
الدم والعنصرية نيران مشتعلة ضد الفلسطيني في كل مخيمات الشتات، بعض هذا الدم والعنصرية فجة وشرسة كما في سوريا ولبنان، وبعضها ناعمة منافقة، والسبب أن الفلسطيني بلا وطن، وبلا قيادة مسؤولة، لذا يجدر بكل فلسطيني أن يعمل لوطنه، وأن يفتش عن قيادة مسؤولة قادرة على حماية دمه، وحماية كرامته من العنصرية، ومن باسيل وغير باسيل. القيادة الساكتة الصامتة على الدم وعلى العنصرية لا تستحق أن تكون في موقعها.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية