أين أصدقاء القدس؟!
رشيد حسن
تتعرض القدس إلى عدوان خطير، لم يشهد تاريخها الطويل له مثيلاً، فالعدو الصهيوني يوشك على إنجاز تهويدها، وتغيير معالمها العربية - الإسلامية، واستبدال الرواية العربية، بالرواية التلمودية الأسطورية، فيما معركة الأقصى في ذروتها.. متخذة من اقتحام رعاع وسوائب المستوطنين واليهوديات الساقطات للمسجد يومياً، من أجل تيئيس المرابطين في القدس وأكناف بيت المقدس، وحملهم على الموافقة على اقتسام المسجد بينهم وبين اليهود، على غرار ما حدث للمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
إن المتابع للأحداث وتطورات الاعتداءات الصهيونية على الأقصى المبارك، يجد مفارقة غريبة تدمي القلوب.. ففيما يعلن العدو عن أهدافه، ويعمل على تحقيقها بكل صلف وغرور وعنجهية، مرتكباً أبشع جرائم التطهير العرقي، نجد الأنظمة العربية والإسلامية، تكتفي بالصمت، أو على الأكثر بإصدار بيانات التنديد والشجب والاستنكار، بألفاظ خشبية ميتة، عفا عليها الزمن، وأصبحت في الواقع تحرض العدو على الاستمرار في ارتكاب الجرائم، وتنفيذ المخططات العدوانية، لتكريس الأمر الواقع، في موعد أقصاه 2020 للاحتفال بالقدس مدينة توراتية بأغلبية يهودية.
ونتساءل بألم ومرارة لماذا لم تقم تونس وليبيا والقاهرة، وهي الأقطار التي تعيش الربيع العربي، وكنست ثوراتها الطغاة الفاسدين، لماذا لم تقم بحشد جهودها لنصرة القدس وإنقاذ الأقصى، ودعم العرب المقدسيين المرابطين في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وفضح المؤامرة الصهيونية؟؟
كنا نتوقع، ولا نزال أن تبادر هذه الثورات إلى تبني قضية القدس والأقصى، وتعيد قضية فلسطين إلى صدارة الأحداث والاهتمامات.. بعدما قام نظاما مبارك وابن علي بالتأمر عليها، والعمل على تصفيتها.. لصالح المشروع الصهيوني الاستئصالي؟؟
إن التغيير الجوهري في هذه الأقطار والمتمثل بنجاح الثورات، يفرض أن تتصدر قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين اهتمام هذه الثورات، وتتصدى للمؤامرة الصهيونية المدعومة أميركياً وأوروبياً، وتشكل خطراً وجودياً على الأمة كلها.
إن تقاعس دول الثورات عن نصرة القضية الفلسطينية كما يجب، حيث تتعرض لخطر التصفية، والقدس الأقصى للتهويد، يؤشر إما أن هذه الثورات لم تكتمل بعد، ولا يزال الهم المحلي وعدم الاستقرار يسيطران عليها، أو أن المتنفذين في هذه الثورات وكما أكدت تصريحات رموزهم ليسوا معنيين كثيراً بالقضية الفلسطينية في الوقت الحاضر.. في حين أن فوز التيارات الإسلامية في هذه الدول، وتصدرها المشهد الانتخابي والسياسي، يفرض على هذه التيارات أن تعطي القضية الفلسطينية الاهتمام والمكانة الأولى؛ لأنها قضية مقدسة، تمس العقيدة الإسلامية، ويشكل الاعتداء الصهيوني على الأقصى.. اعتداء صارخاً على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وعلى عقيدتهم ومقدساتهم "فالقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين" ولطالما أصدرت هذه الجماعات البيانات التي تدين مبارك وابن علي لتفريطهما في القدس والأقصى.
باختصار... كنا نتمنى لو دعت القاهرة وتونس وليبيا، دول الثورات العربية إلى مؤتمر لأصدقاء القدس، على غرار أصدقاء سوريا، لإنقاذ القدس والأقصى، ودعم المرابطين الذين يتصدون لجيش العدو وقطعان المستوطنين بالصدور العارية، لحماية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من التهويد والتدنيس، واتخاذ قرار جماعي بقطع العلاقات مع العدو، ووقف التطبيع، وإحياء المقاطعة الاقتصادية.
مواقف المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، تزيدنا اطمئناناً ويقيناً... بأن للأقصى ربا يحميه.
صحيفة الدستور الأردنية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية