أي انتخابات ستشرف عليها الحكومة الجديدة؟!...بقلم : لمى خاطر

الأربعاء 08 فبراير 2012

أي انتخابات ستشرف عليها الحكومة الجديدة؟!

لمى خاطر
بداية، يبدو أنه لا مفرّ من التفاؤل هذه المرة بإعلان الدوحة الأخير بين حركتي حماس وفتح، ربما لأن الرعاية القطرية للاتفاق قد تشي بأن هناك جدية حقيقية للمضي بالاتفاق خطوات عملية إلى الأمام، وربما لأن الخروج من مأزق رئيس الحكومة بآلية توافقية سيعني أن الملفات العالقة الأخرى ستحلّ بطريقة توافقية أيضاً ترضي جميع الأطراف، وكذلك لأن الأصل ألا نحكم على أي شيء أو تنتبأ بفشله قبل إعطائه الفرصة الكافية، رغم أن تكرر الاتفاق مرّات ومرّات ثم وصوله إلى طريق مسدود ما زال يفرض قتامته على المشهد كله.

ومع ذلك، فثمة مفصل لا يزال يستعصي على الفهم، وهو أن المدخل دائماً للتصالح يطرح من بوابة الحاجة لانتخابات جديدة، وجعلها غاية التصالح والوفاق، ولا تجد الفصائل ضيراً قبل الوصول إليها من المرور بمحطة انتقالية عاجلة لا تراعى فيها الأولويات التي كنا ننتظر أن تكون مقدمة على التوافق السياسي وعلى صياغة أي إعلان!

لا أدري إن كان القادة السياسيون الذين يبدون متحمسين لإجراء انتخابات جديدة واعين لما تشي به تلك الحماسة، أو لمغزى إفهام الجمهور أننا سنتوافق ونتصالح ونطوي الانقسام ونشكل حكومة توافقية ذات مهمة محددة هي التحضير لإجراء الانتخابات! وهنا، لا أستغرب أن تغضّ جميع الفصائل الطرف عن أية صيغة توافقية لتشكيل الحكومة في سبيل الظفر بموعد لانتخابات جديدة، فغالبيتها تركز أنظارها على فرص تحسين حظوظها الانتخابية مستفيدة من الظروف الحالية، ومراهنة على ما يبدو لها مآزق تعاني منها الحركتان الكبيرتان، ولكنني أفترض أن حماس ينبغي أن تكون واعية جيداً لما تنطوي عليه هذه الحالة من تأثير مبكّر ومباشر على وعي الشارع الفلسطيني؛ لأن التوافق على حكومة تجهز للانتخابات يعني أننا تصالحنا إلى حين إجرائها، وأن هناك حاجة ملحّة لألّا تتكرر نتيجة السابقة حتى نتجنب السيناريو السياسي والاقتصادي والأمني الذي أعقب تلك النتيجة! أي أن العملية الانتخابية ستفتقر إلى أهم مقومات نزاهتها، وسيكون قوام دعايتها الانتخابية الحاجة لانتخاب جهة لا تجلب الحصار ولا تؤلّب علينا العالم. ولعل معظم الفصائل على الساحة باستثناء حماس يهمّها أن يتشكّل في وعي المواطن الفلسطيني هاجس الخوف من معطيات مرحلة تبدأ بفوز جديد لحماس ولبرنامجها في الانتخابات.

ألم يكن الأولى أن تكون الانتخابات آخر محطة يتم طرحها على مائدة المصالحة بعد الاجتهاد في معالجة كلّ مسببات وآثار الانقسام؟ وهل زالت أصلاً الأسباب التي أدّت إلى الانقسام؟ وعلى رأسها رفض حركة فتح التسليم بنتائج الانتخابات، أو السماح لحماس بأخذ دورها في الحكم، أما كان ينبغي، وبعد الانتهاء من المعالجات الميدانية لآثار الانقسام (وهي متعددة وواسعة) التوجه نحو حوار وطني شامل يهدف لوضع تصوّرات عن آلية مواجهة كلّ المآزق السياسية والاقتصادية التي تكتنف الواقع الفلسطيني، ثم الخروج بوثيقة شرف وطني تحظى بإجماع فصائلي، وتؤكد الالتزام بنتائج أي انتخابات قادمة، والتصدي لكلّ محاولات الإفشال وللرفض الغربي لها في حال لم توافق مزاجه؟ مع ضمان غطاء عربي يحمي حقوق الطرف الفائر في تنفيذ برنامجه الإداري والإصلاحي دون عراقيل؟

كما أرجو أن تلاحظ حماس أن حركة فتح لا زالت على تعنتها السياسي، ولا زالت تجاهر بفرض برنامجها على الكل الفلسطيني رغم فشله وانكساره وثبات عدميته، ورغم أنه بات محلّ رفض شعبي، فهل ستكون في وضعها المتعنّت هذا مؤهلة للتنازل لصالح برنامج الطرف الفائز؟ أم ستعيد كرة 2006، ولكن بوجوه وآليات جديدة؟ ودعكم من كل ما يقال في الإعلام وخلال اللقاءات وما تقدّمه حركة فتح من مبادرات كلامية، ذلك أنها أخفقت حتى الآن في الالتزام بكلّ ما تعهدت على تقديمه بين يدي اتفاق المصالحة وعلى رأسه الإفراج عن المعتقلين السياسيين، فكيف سنضمن ألا تنكث وعودها الأخرى وفي الملفّات السياسية الكبرى؟!

قلنا وما زلنا نقول: ما زال الوقت مبكراً جداً على القفز نحو مساحة الانتخابات، فلا الميدان جاهز لتقبّل الفكرة، ولا المواطن قادر على استيعاب جدواها في ظل واقع جامد وعصي على التغيير، ولا الوضع السياسي ناضج لدرجة تبعث على الاطمئنان بأن تكرار النتيجة سيعقبه احترامها والتسليم بها. هذا على افتراض أن الحكومة الجديدة ستمتلك أصلاً تلك القوة السحرية والخارقة التي تمكنها من إزالة كل المعيقات من أمام العملية الانتخابية، وتوفير عوامل إخراجها في أجواء نزيهة، وتحييد اليد الخارجية عن التدخل فيها، ونزع فتيل التوتير وسوء النوايا، وإنهاء مظاهر الشقاق الكبيرة، في زمن قياسي!

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية