أي شيء إلا منظمة تحرير
د.ابراهيم حمامي
غريبٌ أمر هؤلاء الذين يعرفون أكثر من غيرهم أن عبّاس لا يحترم قانونا ولا نظاما، وغريبُ أمرهم حين يحتجون ويعارضون ويصدرون البيانات، ثم يكونون أول من يعطي الشرعية والغطاء لجرائم عبّاس السياسية والقانونية، وغريبٌ تمسكهم ببقايا منظمة أصبحت أي شيء إلا أن تكون للتحرير أو أنها فلسطينية.
السيد أبو أحمد فؤاد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمقيم في دمشق كان أول من كشف فضيحة اللجنة التنفيذية للمنظمة والتي قيل أنها صوتت لصالح العودة للمفاوضات المباشرة انصياعاً ورضوخاً واستسلاماً لإرادة المحتل، حيث أعرب في تصريح صحفي صدر عنه وبالنص " عن أسفه أن تصبح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية شكلية، ولا تلتزم باللوائح والأنظمة الداخلية التي أقرتها هي أو المجلس المركزي أو المجلس الوطني"، وأضاف" أن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير تتفرد بالقرارات، وتضرب بعرض الحائط قرارات الإجماع أو شبه الإجماع لهيئات المنظمة، وعلى سبيل المثال لا الحصر قال في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية لم يكن هناك نصاب قانوني لعضوية اللجنة التنفيذية والأعضاء الغائبين عن الاجتماع أكثر من النصف وبالتالي القرار غير شرعي من حيث الشكل والمضمون".
اليوم أكد عضو آخر في تنفيذية المنظمة ما ذكره السيد أبو أحمد فؤاد، حيث أكد عضو اللجنة التنفيذية حنا عميرة، المشارك في الاجتماع، أن كافة الذين حضروا الاجتماع بلغ عددهم 9 أعضاء فقط. مشيراً إلى أنه من المفترض أن يحضر 12 عضوًا كحد أدنى لاكتمال النصاب من أصل 18 عضوًا.
قد يجادل البعض أن النصاب هو النصف زائد واحد كما حدث في تصويت سابق يوم أن بصموا على العودة للمفاوضات غير المباشرة، وهو الأمر الذي لم يكتمل في الجلسة الأخيرة.
وقطعاً للطريق على المشككين من الداعمين لعباس وجرائمه فإن التقارير من أعضاء التنفيذية أنفسهم تقول أن من تغيب هم: رئيس وفد المفاوضات السابق أحمد قريع، وحنان عشراوي، وغسان الشكعة، وأسعد عبد الرحمن، وممثل جبهة التحرير العربية محمود إسماعيل؛ لم يحضروا الاجتماع، وأضاف أن زكريا الأغا ورياض الخضري أعضاء التنفيذية في قطاع غزة، إلى جانب فاروق القدومي ومحمد النشاشيبي لم يحضروا الاجتماع كذلك!
نكرر عجيب أمر هؤلاء الذين ارتضوا أن يكونوا ديكورات تجميل يلهو بهم عباس كما يشاء، أوقفوا المفاوضات .. أوقفنا، عودوا.. عدنا، هذا إن سلمنا بشرعية تمثيلهم أصلاً للشعب الفلسطيني.
قلنا قبل سنوات إن منظمة التحرير الفلسطينية بشكلها الحالي لا تمثلنا، يومها انقلبت الدنيا ولم تقعد، اتهمنا بكل الاتهامات ونعتنا بكافة الأوصاف ووصلنا للمحاكم، واليوم يقول ذلك أعضاء في تنظيمات فلسطينية تنضوي تحت المنظمة ليس آخرهم السيد نبيل عمرو أحد قيادات حركة فتح والذي شكك في مقال أخير له نشر بتاريخ 20/08/2010 تحت عنوان أزمة قرار لا أزمة خيار، بشرعية القرارات مبدياً ما يمكن وصفه بالتقزز من طريقة اتخاذ القرارات وموضحاً الغاء دور الفصائل ليقول نصاً: "لقد ألغي دور الفصائل عمليا، حين لم تشارك في اتخاذ الكثير من القرارات المهمة، إن لم أقل جميعها. لقد تم اختيار تكتيك مبتكر لإلغاء دور الفصائل من دون الإعلان عن ذلك بصورة مباشرة، إذ يؤخذ القرار في مكان ما، ثم يعرض على اللجنة التنفيذية، ونظرا لملابسات كثيرة توافق الفصائل أو تعترض أو تتحفظ، لكن بعد أن تكون الجهات المعنية قد تبلغت بالقرار وانتهى الأمر".
اليوم نعيد ونكرر للمرة الألف أنه لا شرعية لعباس وعصابته، حتى من المؤسسات التي يسيطر عليها، ولا شرعية لتلك المؤسسات أصلاً، وبأن منظمة التحرير بشكلها الحالي لا تمثلنا، وبأنه حان الوقت للفصائل التي ترفض هذا النهج أن تتخذ القرار الصحيح بعيداً عن تأثير المال السياسي الذي يلجمها حتى اللحظة، وأن تتخلى عن الحجج الواهية التي لا تنطلي على طفل صغير، كتلك التي ساقها أحد أعضاء المكتب السياسي للجبهة الشعبية أيضاً وهو السيد جميل المجدلاوي حيث قال قبل أسابيع حول الموقف من اللجنة التنفيذية للمنظمة حرفياً "" ان استمرار الجبهة في المشاركة في اللجنة التنفيذية يقلل الأخطار ويؤخر الانزلاق إليها"، نعم هكذا تأخير وتقليل، أما الانزلاق وبحسب كلامه فهو قادم لا محالة، والجبهة الشعبية تشارك فيه عبر التنفيذية فقط لتأخيره، هل هذا هو دور الجبهة وباقي المنضوين تحت سقف منظمة التحرير إياها؟ وكيف يمكن فهم موقف المجدلاوي وملوح من موقف أبو أحمد فؤاد وماهر الطاهر؟
منظمة التحرير الفلسطينية كانت يوماً منظمة للتحرير وكانت فلسطينية، لكنها اليوم من الممكن أن تكون أي شيء إلا ما تحمله من اسم، ففلسطينيتها مشكوك فيها وهي تجتمع بموافقة واذن وحماية الاحتلال، ومشكوك فيها وهي تتماشى وتتماهى وتمنح الغطاء لمن يجرم تاريخ ونضال ومقاومة شعبنا، ومطعون فيها وهي تبصم وتطأطئ وتنحني للضغوط.
من الممكن أن تكون هذه المنظمة أي شيء إلا منظمة تحرير وفلسطينية
يمكن أن تكون منظمة تمرير .... للقرارت التي يريدها الاحتلال عبر وكيله عبّاس
أو منظمة تعهير... لتاريخ ونضالات شعبنا وهي تقبل أن يتحكم فيها من يرى في كل أشكال نضالنا سخفاً وعبثية وحقارة
أو منظمة تزوير... لارادة الشعب الفلسطيني عبر قرارات لا يوافق عليها أحد، حتى تلك الفصائل التي تجتمع فيها، لكن القرارات تمر بقدرة قادر
أو منظمة تدمير ... حيث يتم تدمير مؤسساتها ومقدراتها والسكوت عن الفساد والافساد بأنواعه
أو منظمة تخدير... في محاول للإيحاء بأن هناك شرعية فلسطينية مزعومة
أو منظمة المخاتير ... ليحافظ كل من أعضائها على منصبه ومصالحه، ولتذهب القضية للجحيم
أسموها ما شئتم، لكنها اليوم لا تمثلنا ولا تمثل حقوقنا وقضيتنا، ولا تعنينا قراراتكم التي لا تساوي الحبر الذي كتبت به، إن كانت مكتوبة أصلاً وليست على طريقة للعلم فقط أقول لكم، وبطريقة التبليغ الشفهي، ليتم البصم والرضوخ من الجميع، ومن ثم وبعدها تصدر بيانات رفض القرارات، وسوق التبريرات!
قد تكون أي شيء إلا منظمة تحرير، ولا يشرفنا اليوم أن تتسمى بالفلسطينية، ولا نتشرف بأعضائها قديمهم وحديثهم، لأنهم شهود زور، ومشاركون في جرائم عبّاس بسكوتهم، وصمتهم، وبصمهم، الذي يصل حد الجريمة!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية