إعلام المقاومة: بين الواقع والواجب! ... بقلم : عماد عفانة

الأحد 19 أبريل 2015

إعلام المقاومة: بين الواقع والواجب!

عماد عفانة


بعد الحرب الطاحنة التي دارت خلال الـ51 يوما، كان يفترض ان تدور حرب أخرى لا تقل في شراستها و أهميتها عن سابقتها وان اختلفت في جنودها و أساليبها, ألا وهي الحرب الاعلامية لاستثمار وإلى أبعد مدى مجريات وبطولات ونتائج الحرب لصالح الشعب والقضية.

*** تعد الحرب مجرد عبوات متفجرة أو كمائن أو رصاص أو أنفاق وخطف جنود فحسب، فقد أضحت حسابات «تويتر» و «فيسبوك» و مواد اعلامية من فيديوهات مرئية على «يوتيوب» توازيها في الأهمية وربما تفوقها، حيث بات الاعلام الجديد يصنع من الهزيمة نصرا ومن النصر المحقق هزائم ماحقة، إن لم يكن على الارض فللمعنويات والنفسيات، خصوصا اذا كان هناك اجماع على النصر والهزيمة تبدأ أولا من النفس.

كان يفترض بإعلام المقاومة أن يرعب العدو ومن والاه بفيديوهاته التي تصور عمليات المقاومة الحربية وبطولاتها مع ما يرافقها من دعاية و خطاب معلن و آخر مبطن , و أن تدهش هذه المقاطع المرئية متخصصي الإعلام و التصوير بكل ما كان يجب ان تحمله من احترافية في التصوير و الاخراج لإيصال الرسالة بالقوة التي توازي خطابها المزلزل الذي عبر عنه باقتدار الناطق الاعلامي للقسام ابو عبيدة الذي كان يستند على قوة عمليات المقاومة على الأرض.

إلا أن المقاومة لم تنجح في ايصال أي من هذه الرسائل المزلزلة إلا مرتين:

الأولى عبر الاستناد على الصور التي قرصنتها من حواسيب العدو الخاصة لعملية زيكيم .

والثانية عبر التصوير الجزئي لعملية ناحل عوز التي كان ينبغي أن تكون أفضل بأضعاف ما تم عرضه.

لكن كيف يمكن لإعلام المقاومة أن يخوض حربه الاعلامية وما هي وسائله و استراتيجياته وأهدافه المفترضة..؟.

كان يفترض بإعلام المقاومة أن ينتقل من شكل المقاومة السرية المطاردة الملاحقة قبل 2005م إلى مرحلة جديدة خصوصا مع تحول المقاومة من شكلها العصابي الصغير إلى شبه السلطة التي باتت تحوزها في غزة بكل ما باتت تمتلكه من مقومات كالحدود و الأرض و السكان, وان يتحول إعلام المقاومة تحولا جديدا نوعيا وكميا من إعلام التنظيمات التي لا يتعدى انتاجها شرائط فيديو رديئة التصوير قام بتسجيلها هواة تصوير لبعض العمليات القتالية تارة وتارة أخرى لضحايا الاجتياح و القصف الصهيوني للمدنيين وتدعو باقي العرب والمسلمين للمساندة والدعم.

إلى إعلام الفضائيات وتوظيف شبكات الاعلام الجديد مع انتشار شبكة الانترنيت و توسُع استخداماته لتفتح معه ساحة حرب جديدة عبر تنظيم لخلايا «الهاكر» المخترقين للمواقع والشبكات الحاسوبية، خصوصا مع تحول شبكة الإنترنيت لفضاء حروب حقيقية أسلحتها حواسيب وبرامج حاسوبية وجنودها مهندسون معلوماتيون وخبراء حاسوب أو شباب متحمسون وأهدافها هي اختراق مواقع العدو على شبكة الإنترنت وتعطيلها أو تخريبها أو قرصنة محتوياتها السرية , أو الدعاية الإعلامية و ترويج وجهات نظر و دحض مواقف العدو.

إلا أننا وحتى الآن لم نر على شبكة الانترنت أي موقع إعلامي للمقاومة يكون بمثابة منصة اعلامية تتقدم مواقع المقاومة في فلسطين، وتحوز الانتشار على موقع Youtube الشبكة الاجتماعية للفيديوهات على سبيل المثال، كما هو حال منصات اعلامية لتنظيمات إسلامية أخرى في سوريا والعراق وغيرها..!!.

ولم نعرف بعد ما هي الموانع التي قد تمنع مقاومتنا الفلسطينية من توظيف هذا الفضاء الاعلامي الالكتروني لنشر التسجيلات المرئية و بث الرسائل المسجلة , واستقبال انضمام الشباب العربي والمسلم في كافة بقاع الأرض لخلايا المقاومة الالكترونية للدفاع عنها وترويج خطابها المشرف وتجنيد كافة وسائل الدعم لها، لتتحول المقاومة الفلسطينية من مقاومة ذات خصوصية محلية، الى قبلة للجهاد والمقاومة الذي لا لبس فيه ولا غبش ولا التباس كالذي يعتري كافة التنظيمات الأخرى في بلاد العرب والمسلمين..!!.

طرح الدكتور محمود الزهار قبل أشهر قليلة فكرة إحياء الجبهات المتاخمة للحدود الفلسطينية المحتلة، وتفعليها لتشكل قواعد دعم واسناد للمقاومة الفلسطينية الفريدة والمحاصرة في قطاع غزة، إلا أن الفكرة لم تجد لها سبيلا على ما يبدو نظرا لتعقد ظروف دول الطوق بدءا من سوريا مرورا بالأردن ولبنان وليس انتهاء بمصر، عوضا عن الحرج الذي كان سيعتري رأس حربة المقاومة أمام هذه الأنظمة نظرا لانطلاق الفكرة على لسان قيادي بارز فيها.

توظيف الاعلام الجديد وشبكات التواصل كمنصات للتواصل والتجنيد عن بعد مع كل ما له من محاذير، إلا انه كان سينتج لا محالة أجنحة ستتطور تلقائيا لتكون عسكرية تتكون من العديد من الفيالق و السرايا والمجموعات التي ستكون النواة الأولى لطلائع جيش التحرير لفلسطين، عوضا عن الفيالق التي يشكلها البعض تحت رايات ملتبسة لتخريب البلاد وذبح العباد.

انطلقت المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة مع انطلاق الانتفاضة الأولى 1987م، ومع ضعف اعلام م. ت. ف بعد الخروج من لبنان نظرا للشح المالي، ثم تلاشيه مع توقيع اوسلو، لم نرى للمقاومة المنطلقة في الأراضي المحتلة مؤسسات إعلامية بديلة تمثل المقاومة في مختلف دول العالم، لتعمل على إصدار المواد الإعلامية بأشكالها المختلفة السمعية والمرئية والمطبوعة، سواء السياسية أو الثقافية أو الفنية وبمختلف اللغات الحية.

كما لم نر جهدا لإنشاء مؤسسات إعلامية محترفة مناصرة أو تتبع لحركات في البلدان التي تنشأ فيها ، أو حتى الاعتماد على حسابات المناصرين و الأعضاء على شبكات التواصل الاجتماعي ”تويتر” و ” الفيس بوك” حول العالم، والعمل على استغلال وتوظيف أصحاب هذه الحسابات التقنية على الأقل لخدمة ”الهاشتاغ ” و خدمة موقع ” Justpastit ” , للتغلب على ما قد تحذفه إدارة هذه الشبكات لمواد المقاومة، أو اغلاق الحسابات، فضلا عن توظيف المحترفين منهم في مجموعات للهاكرز للعمل على اختراق و تعطيل حسابات صهيونية مدنية وعسكرية رسمية على ” تويتر” و ”يوتوب” و نشر مواد دعائية للمقاومة والقضية الفلسطينية .

يمكن الحكم بالنجاح على اعلام المقاومة اذا حققت عدد من المؤشرات على هذا النجاح مثل قدرة دعايتها على تحقيق أهدافها المتمثلة في:

1- كسب ثقة جمهور المسلمين حول العالم , بالدرجة التي يمكن معها استقطاب وتجنيد المناصرين والأتباع.

2- ترسيخ فكرة المقاومة وترديد شعاراتها وفيديوهاتها وصور عملياتها ، مع ترسيخ الرعب والخوف في لاوعي وذاكرة العدو حتى يجبنوا عن مواجهتها أو يهربوا خوفا منها، تماما كما تحقق ذلك في تصريح أحد قادة قوات النخبة الصهيونية الذي نجا من الموت في حرب الـ 51 يوما بان قدمه لن تطأ غزة أبدا ، وذلك تحت تأثير الخوف بمفعول الدعاية الذي يجب أن تحتل موقعا متقدما وفاعلا ومؤثرا في تحقيق هذه الغاية، مستفيدة من كل مفاصل الضعف في كيان العدو، ومن أهم مفاصل الضعف هو توزع شعب المغتصبين الصهاينة على نحو 70 جنسية، ما يسمح للمقاومة باللعب على المتناقضات لبث الفتنة والفرقة فيما بينهم وانهاء طريقة التعامل معهم ككتلة واحدة عصية على الاختراق.

3- استخدام رموز من أجل هدم رموز عبر تصدير الكثير من الأيقونات والرموز والعلامات حتى تصبح مثل الماركة المسجلة أو البصمة المُميِّزة للمقاومة مثل : راية المقاومة الخضراء الموشحة بالشهادتين, على اعتبار أن هذا العلم سيسود المنطقة وصولا إلى التحرير ثم دولة الخلافة الموعودة في فلسطين.

4- صناعة رموز جديدة على حساب باقي الرموز و العلامات التي تميزت بها المجتمعات و الدول من التماثيل و النصب المشيدة في الشوارع لشخصيات تاريخية، واستبدالها برموز المقاومة كالصواريخ والطائرات تماما كما فعلت كتائب القسام مؤخرا.

5- التميز بالتسامح والتعاون مع مختلف الأطياف والطوائف والديانات و الأحزاب، في سبيل تحقيق الغايات والأهداف النبيلة لشعبنا وأمتنا بالاستناد الى فقهيات ديننا الحنيف، خصوصا وأن جمهور الاعلام الجديد حول العالم يتميز بهذا التنوع الديني والطائفي والسياسي، ويسعنا أن نسع الجميع لصالح استرجاع حقنا السليب.

6- اذا كانت فكرة الخلافة تحتل حيزا واسعا في أدبيات وإعلام تنظيمات أخرى وتستقطب من خلالها آلاف المريدين والأنصار حول العالم، فان المقاومة الفلسطينية أحق الناس في التنظير لهذه الخلافة الموعودين بعودتها على ارض فلسطين كما بشرنا نبينا الأكرم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي، لاستقطاب هؤلاء لصالح اشرف واحق قضية بنص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وأخيرا من حقنا وكما رأينا تحولا ايجابيا للمقاومة في حرب الـ 51 يوما يُعتبر تحولا نوعيا في التكتيك ووسائل القوة، أن نرى تحولا نوعيا وكيفيا موازيا لإعلام المقاومة تستفيد وتفيد التحول المحمود للجانب العسكري للمقاومة، بالاستفادة من كل الوسائل التكنولوجية الحديثة في التصوير و الاخراج و الدعاية و التأثير على الجمهور المحلي و الجمهور العربي والاسلامي والجمهور العالمي – وكل له خطابه الذي يناسبه- بما يتوافق مع أهداف و أفكار المقاومة على الصعيد العام والتي تسعى لمستقبل يكفل الكرامة و العيش الحر للشعب الفلسطيني على أرضه أسوة بكل شعوب المنطقة والعالم, وعلى الصعيد الصهيوني استخدام وسائل و صور متقنة و رموز غاية في الدلالة لبث رسائل الرعب للأعداء والخصوم وإلحاق أكبر الأضرار النفسية بجنوده وقادتهم و حاضِناتهم الاجتماعية و السياسية.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية