إغاثة اللاجئين ومسؤولية السلطة والفصائل
من المرارة بمكان أن نرى اللاجئ الفلسطيني يعيش قسوة اللجوء أكثر من مرة في حياته، وكأن اللجوء للفلسطيني أصبح ميراثا يسلمه جيل لآخر مع مفاتيح العودة والكواشين وذكريات النكبة والنكسة وآلامهما.
ما نراه اليوم من تكرار لحلقات التشرد والتشتت لآلاف العائلات الفلسطينية اللاجئة في سوريا ومن قبلها آلاف العائلات في العراق، يدعونا لطأطأة رؤوسنا خجلا بسبب تقصيرنا تجاه هذا اللاجئ تأبط عن يمينه فلسطين وعن شماله أبناءه ومعهم قسوة اللجوء مجددا، دافعا أبهظ الأثمان كالعادة في معركة لم يكن له فيها ناقة ولا بعير.
استمرار فصول هذه التغريبة الفلسطينية يدفعنا لأن نعترف بأن الجميع الفلسطيني سلطة وفصائل وهيئات مقّصرون -بل إن منهم من تواطأ- في حق من توارث حب فلسطين رغم مرارة اللجوء وقسوته أجيالا عديدة.
وإن كنا نتحدث عن رسوخ جذور اللاجئ نحو أرضه التي خرج جده منه قبل أكثر من 60 عاما، فأخشى ما نخشاه أن يأتي يوم نخجل فيه من ذكر كلمة فلسطين أمام أجيال قادمة من اللاجئين الذين لم يروا من أبناء شعبهم وفصائله إلا كل تقصير ونسيان وربما تخاذل عن نصرتهم وعونهم.
أكثر من مائتي عائلة فلسطينية ترزح تحت وطأة أسوأ الظروف في مخيم "سايبر ستي" شمال الأردن، جاءوه هربا من القصف والقتل المرعب في مخيمات سوريا، ونحو ستمائة عائلة أخرى اختارت أسوأ بيئات اللجوء الفلسطيني في دول المنطقة ملجأ لأبنائها بعد أن فقدت كل شيء في مخيماتها السورية.
ألا يستحق كل هذا وقفة خجل من الفصائل الفلسطينية والهيئات الشعبية والمدنية لاستدراك ما فاتها وإعادة تقييم موقفها من هذه الشريحة المعذبة والمغيبة عن جميع النقاشات والحوارات التي تتناول الملفات الفلسطينية؟!،
ربما من حقنا -كمتابعين على الأقل- التساؤل عن نتيجة مئات جولات ولقاءات المصالحة الوطنية منذ العام 2006، غير مزيد من الاستنزاف لطاقات شعبنا وفصائله وهيئاته من خلال إشغاله يوميا بتفاصيل هذا الملف أو ذاك!، ماذا لو خصص 1% من هذه اللقاءات وأجوائها الإيجابية لرعاية ومتابعة شؤون اللاجئين في ظل قراءات سابقة ولاحقة لتدهور الأوضاع في بلاد الشتات الفلسطينية، ووضع خطط طوارئ لإغاثتهم؟!
وحتى نكون منصفين هنا، لا بد أن نفرق بين الرسمية الفلسطينية التي تزعم امتلاكها القرار السياسي والسيادي المستقل، ولم تقدم شيئا لشعبها في الشتات، وبين فصائل تقف في خندق مقاومة الاحتلال – وهي غير معفاة من دورها – وقامت من خلال هيئات شعبية تابعة لها بأضعف الإيمان.
وما دمنا نتحدث عن ثنائية سلطة وفصائل، يحق لنا التساؤل أيضا ما الذي يمنع من أن تتوحد الجهود، وأن تفضي لتشكيل رأي عام فلسطيني ضاغط على طرفي الثنائية لخوض معركة الدفاع عن لاجئين "استوطى الجميع حائطهم" ورد اعتبارهم وكرامتهم؟!.
وما دامت السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس تنافح بشراسة في المحافل الدولية عن تمثيلها، ما الذي يمنعها من امتلاك ذات الجرأة على شريك الوطن، واتخاذها قرارا بالعودة إلى المربع الوطني وقبول الآخرين شركاء لها في عمل وطني إغاثي لا يقلّ قيمة عن هدف تحرير الأرض والانسان؟!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية