إغلاق معبر رفح وعلاقة حماس بالإخوان ... بقلم : أحمد أبو رتيمة

الثلاثاء 21 مايو 2013

إغلاق معبر رفح وعلاقة حماس بالإخوان

أحمد أبو رتيمة

وأنا أكتب هذه السطور تكون خمسة أيام قد مضت على إغلاق معبر رفح، المتنفس الوحيد لأهالي قطاع غزة، وهو المعبر الوحيد الذي يربطهم بالعالم الخارجي، وفي ظل غياب إشارات على انتهاء الأزمة قريباً قد يتواصل إغلاق المعبر أياماً أخرى، مما يعني تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع وإعاقة سفر المرضى وأصحاب الاحتياجات الضرورية..

إغلاق المعبر جاء في أعقاب جريمة اختطاف الجنود المصريين في سيناء، وهي جريمة ذات صلة بالأوضاع الداخلية في مصر، والتوتر بين أهالي سيناء والحكومة المصرية، ولا توجد أي علاقة من قريب أو بعيد لغزة بهذه الجريمة..

يستسهل الإعلام المصري تحميل حركة حماس وقطاع غزة مسئولية كل مصيبة تقع في مصر، ويتورط في تصديق هذه التلفيقات الكاذبة حتى ذوو النوايا الطيبة الذين يقولون ربما تأتي عناصر من غزة عبر الأنفاق لتدريب عناصر سيناء وإمدادهم بالسلاح، مع أن سيناء هي التي تمد غزة بالسلاح وليس العكس لأن غزة محاصرة من الجهات كافة، وتواصلها الوحيد بالعالم هو عبر سيناء، ثم إن سيناء بحكم ترامي أطرافها وطبيعتها الجبلية وغياب مظاهر العمران فيها، وسهولة اختراقها من المخابرات الإسرائيلية كونها ملاصقةً للحدود مع (إسرائيل) تنشط فيها الكثير من عصابات المخدرات وتجارة الأعضاء وقطاع الطرق والجماعات المتطرفة، فإن سلمنا بهذا المنطق فإن غزة هي التي بحاجة إلى حماية نفسها من الانفلات الأمني في سيناء وليس العكس..

المهم أن معبر رفح أغلق دون أي سبب منطقي، وظل هذا الإغلاق متواصلاً حتى بعد بث شريط فيديو أثبت بشكل يقيني أن خاطفي الجنود هم من بدو سيناء، وهي حقيقة كانت مؤكدةً حتى قبل هذا الفيديو، ولا يمكن الفصل بين الإغلاق غير المبرر لمعبر رفح وبين حالة التحريض الممنهج في الإعلام المصري ضد غزة، فهذا التحريض المكثف هو الذي يخلق أجواءً مهيئةً لحصار غزة.

في قطاع غزة تشعر حركة حماس بالحرج، فهي لا تستطيع أن تعلي صوتها بمطالبة مصر بفتح معبر رفح في ظل كون الرئيس الحالي إخوانيا، فلا بد من الترفق معه في لغة الخطاب، والبحث عن أعذار له، ومراعاة تعقيد الأوضاع الداخلية حتى يستطيع تجاوزها ويتمكن من إنجاح مشروعه الإسلامي الذي هو مشروع حركة حماس، ولو أن ذات الإغلاق حدث في زمن مبارك لما تأخرت حماس عن الضغط الإعلامي لإجبار الحكومة المصرية على فتحه، لكنها اليوم تجد نفسها مكبلةً لا تملك القدرة على الحركة والمناورة..

إن من مفارقات القدر أن تدفع حماس ثمن حكم الإخوان في مصر وهي أول من احتفل بفوزهم وأطلق الآلاف من أهالي غزة الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجاً بفوز مرسي.. أليس مؤلماً أن يتسلل الندم والإحباط إلى نفوس الغزيين على اليوم الذي احتفلوا فيه بفوز مرسي!!

لا ننفي صعوبة أوضاع الرئيس مرسي، ولا نريد أن نشق عليه، لكن هذه الأزمة تنبهنا إلى إشكالية خطيرة يقع فيها الإسلاميون عموماً وهي الخلط بين العلاقات الإخوانية وبين متطلبات العمل السياسي، أو بين فكر الجماعة وقيادة المجتمع..

مصر ليست "إخواناً" بل هي كيان سياسي أياً كان رئيسها، تخضع قراراتها لحسابات سياسية محضة فهي لا تبالي إن اقتضت حساباتها السياسية أن تنحاز إلى فلسطين أو إلى (إسرائيل)، وهي لن تلتفت إلينا إلا إذا شكلنا حالةً سياسيةً وإعلاميةً تجبرها على ذلك، فحسابات الساسة لا تسمح لهم بالتفكير في مشاعر الأخوة والرحمة والشفقة..

حتى بمنطق الأخوة فإن أفضل عون نقدمه لإخواننا في مصر على أنفسهم وعلى أعدائهم هو أن نعمل سياسياً وإعلامياً للضغط باتجاه إنهاء المهزلة التي ستسيء إليهم قبل أن تسيء إلى أي فريق آخر، وستذكرهم بالعار في التاريخ..

إن تشكيل حالة إعلامية وسياسية ضاغطة هو وحده الضامن لتحقيق أهدافنا.. دعونا من فكر الاجتماعات السرية والغرف المغلقة فهذا يصلح في تعامل تنظيم مع تنظيم، وليس حكومةً مسئولةً من شعبها مع حكومة أخرى..
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية