إنهاء الانقسام بالضربة القاضية
د. فايز أبو شمالة
د. فايز أبو شمالة
إمّا أن يستسلم خط المقاومة، ويتوب عن الاستعداد والإعداد والتحريض على مقاومة العدو الإسرائيلي، ويعلن انهزامه العلني، ويكف عن المطالبة بحقه التاريخي في فلسطين، وإمّا أن يستسلم خط المفاوضات، ويعلن انهزام خطه، ويكف عن محاولته حل القضية الفلسطينية عن طريق المفاوضات، ويتوب عن اعترافه بإسرائيل، وما عدا ذلك؛ فلا ينطبق على الساحة الفلسطينية سياسة فن الممكن، وإمكانية مزاوجة المقاومة مع المفاوضات.
لا يمكن المزاوجة بين المفاوضات والمقاومة في صراعنا مع العدو الإسرائيلي، ويستحيل الخروج بموقف سياسي فلسطيني موحد بين اتجاهين فلسطينيين متناقضين، وأزعم أن أي محاولة للتوفيق بين الاتجاهين هي ضرب من الوهم، وللتأكيد على صحة ما أقول، سأرجع مع القارئ قليلاً إلى اتفاق القاهرة الذي وقع بين حركتي فتح وحماس قبل عشرة أشهر، في شهر مايو 2011، حيث تم الاتفاق على إنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة مستقلة؛ مهمتها التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية في يناير 2012. ولم يتم تطبيق الاتفاق، كي يأخذ السيد عباس فرصته السياسية الكاملة حتى شهر أيلول 2011، موعد عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة، وكي لا تتحمل حركة حماس مسئولية إفشال خطوات السيد عباس التي أعلن عنها رئيس وزرائه السيد سلام فياض قبل عامين. فما الذي حصل؟
فشل الرهان على شهر أيلول، ولم يتحقق أي إنجاز سياسي، وضاع الانتظار الفلسطيني سدى، فكان الملاذ للسيد عباس هو اللقاء مع حركة حماس من جديد، وتم اللقاء في القاهرة، وتم التوقيع على اتفاق المصالحة من جديد في 25 نوفمبر 2011، وبدل أن يطبق اتفاق المصالحة، صار الاتفاق على إعطاء السيد عباس مهلة زمنية إضافية لمدة ثلاثة أشهر، حتى 26 فبراير 2012، موعد صدور قرار الرباعية، فما الذي حصل؟
خلال تلك الفترة جرت مفاوضات عمان المباشرة بين كبير المفاوضين صائب عريقات، ونظيره "اسحاق مولخو" ولما لم تسفر عن أي تقدم يذكر، صار الحديث عن المصالحة من جديد، وجرى التوقيع على اتفاق الدوحة في شباط 2012.
لن ينتهي الانقسام طالما لم يحسم الجدل السياسي الفلسطيني، وطالما لم ينتصر الفلسطينيون لخط بعينه، ويعلنوا براءتهم التامة من الخط الآخر، وعليه؛ فإما أن تصير مقاومة العدو الإسرائيلي لعنة تطارد الفلسطينيين، وتصير المقاومة مرض الإيدز الذي يتقزز منه كل من نظر إليه، وإما أن يصير التنسيق الأمني الذي اعترف فيه السيد حسين الشيخ، وعاب عليه، واعترف فيه السيد ياسر عبد ربه، وهدد بتوقفه، يصير شرعياً، ومقبولاً من الجميع، ويصير مكملاً غذائياً للأطفال، وفاتح شهية للمرأة الفلسطينية الحامل.
إن التجربة الفلسطينية تقول: سينتهي الانقسام بالضربة القاضية إذا اتفق الفلسطينيون على البرنامج السياسي، إذ لا توجد منطقة وسطى بين المقاومة والتنسيق الأمني، وكما قال الشاعر العربي السوري نزار قباني لحبيبته: إنّي خيّرتك فاختاري، ما بين الموتِ على صدري، أو بين دفاتر أشعاري، اختاري الحبَّ أو ألّا حبَ، فجبنٌ ألا تختاري!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية