اتهامات باطلة
د. أيمن أبو ناهية
من العيب أن نسمع من شخصيات أمثال الخبير الاستراتيجي المصري حمدي بخيت في مداخلة هاتفية على فضائية الجزيرة مباشر (الجمعة) تتهم حركة المقاومة الإسلامية – حماس باختطاف 7 جنود مصريين في سيناء، لتوريط مصر في مواجهة مع (إسرائيل)، فهل تأكد الخبير من صحة أخباره، وهل سبق وأن تورطت حماس بمثل هذه الأعمال الشنيعة، كي يتهمها بهذه التهمة الكاذبة؟ لا أعتقد أن حماس ستقدم على مثل هذه الأعمال وما الدافع من ورائها؟ وهل يوجد أهداف تريد تحقيقها الحركة من مثل هذه الجريمة النكراء؟ ألم تصرح الحركة بتأكيد براءتها من أي أعمال تمس أمن وسلامة مصر وشعبها؟ فهي أبدت استعداداً كبيراً في ضبط الحدود والأنفاق بغية محاصرة الجناة، بعدما تأكد أن الجناة هم من قبائل بدو سيناء لا علاقة لحماس ولا للشعب الفلسطيني بهم إطلاقاً.
لذا أستهجن ما يقوله الخبير من أكاذيب على الشعب الفلسطيني، خاصة قطاع غزة وبالذات على حركة حماس، باتهام الحركة بضلوعها المباشر في أحداث مصر الداخلية، وكأن الشعب الفلسطيني ليس لديه هموم ومشاكل، ليتدخل في الشؤون المصرية وغير المصرية، إذ إن ما لديه من هموم ومشاكل كفيلة بجعله لا ينظر خارج نطاق دائرة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بما يخص اللاجئين وما يحاك ضدهم في البلاد العربية من مؤامرات، وقضية تهويد القدس والأقصى، والأسرى في سجون الاحتلال، والاعتقالات والحصار والدمار الذي أحدثته الحروب الإسرائيلية في قطاع غزة، ناهيك عن مشاكله الداخلية من انقسام وتبعاته وفقر وبطالة، ويضيق بنا المقام في ذكرها فالقائمة طويلة.
إن كل ما يحاك ويدبر لحركة المقاومة الإسلامية – حماس من اتهامات وتلفيقات، هي بريئة منها لأن الحركة قد سبق لها وأن أعلنت أنها لم ولن تزج نفسها في أي عراك عربي وترفض المساس بأي أمن عربي، بل ترفض أي تدخل من أي طرف فلسطيني بالذات في الشؤون العربية الداخلية، فكيف ستجيزه على نفسها؟
!
إن حركة حماس تعتبر أمن مصر خطا أحمر لا تسمح لأحد المساس به، لأنه مرتبط بأمن فلسطين، وأن أمن سيناء من أمن غزة، فلا يعقل أن "نطرف أعيننا بأصابعنا" أو أن نهدم أمن المنطقة المحاذية لنا، إذ هي المتنفس الوحيد لنا على العالم الخارجي، لذا تحرص حماس كل الحرص على استتباب الأمن في منطقة سيناء لضمان أمننا وتأمين غذائنا الذي لطالما حرمنا منه بسبب الحصار الإسرائيلي.
إن نظرية تعدي حماس على أمن وأملاك المصريين هي من النظريات المشوبة بالكذب والبطلان، فقد اتهم الفلسطينيون من قبل بالاعتداء على الكنيسة، وأحداث سيناء، والمشاركة في الثورة المصرية ضد النظام السابق، وقتل جنود مصريين، أو إطلاق صواريخ من الأراضي المصرية تجاه الاحتلال، وكانت كلها أكاذيب ملفقة من وزير الداخلية الأسبق (حبيب العادلي) ولا ننسى الإعلام المسموم الموالي للنظام السابق الذي لا يزال يقود الدفة نحو الباطل، لكن تم التأكد من عدم صحة هذه الأقاويل والإشاعات التي تهدف لضرب العلاقة بين الشعبين الشقيقين.
أعتقد أن نشر الفوضى وإثارة القلاقل في مصر ما هي إلا من صناعة النظام السابق الذي لازال متغلغلا في الأماكن الحساسة في الدولة، ويوجه بآلة ريبورت خارجية، تهدف إلى تدمير الثورة بل الجمهورية، إلى أبد الآبدين، حتى لا تقوم لها قائمة، ولا تستطيع السير إلى الأمام، وهم يدركون بأن مصر هي قلب العرب النابض وقوتهم، وتدميرها يعني تدمير الأمة العربية بأكملها.
وإن إثارة الفوضى في مصر ما هي إلا فتح طريق مباشر لأمريكا و(إسرائيل) للتدخل في شؤونها الداخلية وضرب الثورات العربية في العمق بقربها من قطاع غزة وليبيا وتونس والسودان وبالتالي سيطرتها على الممرات المائية والبرية وبذلك تقع المنطقة برمتها في أيديهم ليستولوا على خيراتها ومواردها وبترولها. فلا تستغرب من القول إن يد الولايات المتحدة و(إسرائيل) ممدودة في العمق العربي, وهنا ثمة مجموعة من الحقائق تجعلنا نتوقف قليلاً عندها: أن كلاهما أبداً لن يرضى بدور المتفرج في المنطقة، خاصة عندما تصبح اتفاقية السلام "كامب ديفيد" مهمشة بل مجمدة والعلاقات بمصر منقطعة تماماً، وأن عدم الاستقرار لمصر وبقاء الوضع على حالة الترهل يصب في مصلحتيهما، كي يكون لهما موضع قدم وبسط نفوذهما هناك وسيظل مثال التدخل في الصومال وجنوب السودان ودارفور حاضراً في العقلية الأمريكية الإسرائيلية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية