استقالات عاجلة ... بقلم : يوسف رزقة

الجمعة 21 يونيو 2013

استقالات عاجلة

يوسف رزقة

"مربط ويريد أن يفك التربيط". هذا ملخص استقالة رامي الحمد الله من رئاسة الوزراء. ما بين 2/6/2013 -20/6/2013 ثمانية عشر يوما، وهي مدة قصيرة بين التكليف بالوزارة والاستقالة منها، ولكنها مدة كافية لمن كان أكاديميا حرا ليشعر بوطأة القفص الذي دخل إليه ربما بحسن نية. الدكتور الحمد الله يسجل المدة الأقصر في تاريخ الاستقالات من رئاسة الوزراء في رحلة السلطة الفلسطينية، وربما في تاريخ الوزارات في الوطن العربي، الدكتور المستقيل لم يجد شيئا مغريا للبقاء في المنصب وهو يرى الحبال تلتف حول عنقه ويديه، والأخطر أنها تلتف حول فكره وحريته، لذا قرر أن يستعيد فكره وحريته، وأن يركل الوزراء بقدميه بلا أسف.

ربما أدرك الحمد الله أنه كان مخطئا بقبول التكليف، وبتغول رئيس السلطة على صلاحياته، بعد أن اغتصب منه مسبقا صلاحية وضع نائبين له أحدهما للاقتصاد والآخر للسياسة. ما فعله رئيس السلطة كان استحداثا مثيرا للنظام السياسي الفلسطيني المقرر. لأن اختيار النائب هو من صلاحية رئيس الوزراء عادة، ومن ثم قال المحللون في الحكومة إنها حكومة رئيس السلطة، وأن الحكومة لا شأن لها بالسياسة، ولا شأن لها بالمال، وأن رئاسة الحكومة محدودة في المسائل الإرادية الداخلية. لست أدري لماذا تقبل الحمد لله التكليف وفيه هذه المثالب وتلك المحدودية الضيقة؟ ولكن المعلوم الآن من خلال الاستقالة السريعة أن الرجل لم يكن يدرك حجم القيود، ولا عدد الأربطة التي تقيده وتقيد تصرفاته، حتى إذا ما أدرك الفارق الهائل بين الصورة والواقع، وبين رئاسة حكومة ورئاسة جامعة، قرار العودة إلى حريته وإلى الجامعة. قال المحللون عن حكومة رامي الحمد الله: إن رئيس السلطة تمكن من إقامة سلطة برأس واحد، وخلع نظام الرأسين بعد الخلاص من سلام فياض الذي استمد قوة مركزه من عوامل خارجية، مالية وسياسية.

ويومها حسب بعضهم أن العافية ستعود للنظام السياسي الفلسطيني، وإذا بالسمنة (24وزيرا) تتكشف عن ورم جديد لا عن عافية افتقر إليها النظام السياسي طويلا.

قد يتراجع الدكتور رامي الحمد الله عن الاستقالة استجابة للضغوط التي تقول له: أرجوك ما تسود وجهنا، ولا تشمت بنا الآخرين، وخذ من الصلاحيات ما تريد، المهم أن تعود وأن تستمر لسنة أو أكثر، وجرب وستكون مبسوطا؟! وكأن النظام السياسي حالة وجدانية وعاطفية يديرها الأب في محيط من العواذل والشامتين، بينما النظام السياسي على الورق مؤسسة مكتملة تتحدد فيها صلاحيات العاملين بدقة.

قد يتراجع وقد لا يتراجع، وهذا القرار له، والشأن شأنه، ولكن ما يعنينا نحن كمراقبين وكشركاء في الحق العام هو أن الاستقالة تكشفت عن ورم، لا عن حالة عافية، ولا أحسب العافية يمكن أن تعود للنظام السياسي الفلسطيني في ظل سلطة الفرد وتفرد رئيس السلطة بالقرار، ومن ثم فقد وصلت رسائل الاستقالة حتى إذا تراجع الدكتور الحمد الله عنها .
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية