الاعتقال السياسي.. شاهداً وغائباً!... بقلم : لمى خاطر

الأربعاء 30 يناير 2013

الاعتقال السياسي.. شاهداً وغائباً!

لمى خاطر

في معظم حالات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية يصدر حكم قضائي بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وخصوصاً كوادر ورموز حركة حماس، ورغم ذلك ترفض الأجهزة الامتثال لقرار المحكمة وتستمر في احتجازهم ولا تفرج عنهم إلا حين ترى هي الوقت مناسباً لذلك!

لن أتحدث هنا عن هذا العوار الأمني القضائي المركّب، ولا عن حجم التغوّل على حقوق الناس، ولن أتساءل عن الجنحة التي قد يرتكبها قيادي حمساوي أمضى سنوات في سجون الاحتلال ولم يذق طعم الراحة أو الاستقرار وهو يقضي عمره ما بين سجون الاحتلال والسلطة، فالتهمة هنا معلومة بالضرورة وهي تتعلق بالنشاط ضد الاحتلال، أي أن الأجهزة الأمنية تطبّق معايير الاحتلال نفسها عند اعتقال المناضلين والناشطين وكوادر حماس!

لكنني سأوجه سؤالاً مباشراً لقيادة حركة حماس بشكل عام، ولناطقيها في الساحات المختلفة، لأسأل عن سبب تجاهلهم الواضح لقضية الاعتقال السياسي في الضفة، وعدم الحديث فيها أو حتى إدانتها إلا في محطّات متباعدة، على عكس ما تفعل حركة فتح إذا ما اعتقل أحد المحسوبين عليها في غزة حتى لو كانت خلفية اعتقاله أمنية أو جنائية، ومع العلم بأن معتقلي حماس في الضفة يدفعون ثمن التزامهم بمشروع حماس المقاوم ويُعتقلون إرضاءً للاحتلال الذي ألزم السلطة بالحفاظ على وضعية تفكك البنى التنظيمية لحماس في الضفة!

هل تخشى الحركة مثلاً على أجواء المصالحة؟ أم أنها تعدّ القضية شأناً ثانويا؟ أياً يكن الأمر فالحركة مقصرة في هذا الجانب وفق تقديري، وكما يرى عديد من المعتقلين السياسيين، ورغم أنني كنت ولا زلت على الدوام أرى أن إنهاء الاعتقال السياسي أو الحدّ منه منوط بالمعتقلين أنفسهم وذويهم والمعنيين بقضيتهم قبل كل شيء من خلال تفعيل النشاط الميداني المناوئ لهذا الاعتقال، ومن خلال رفض المعتقلين التجاوب مع تغوّل الأجهزة الأمنية، وضرورة عدم الامتثال للاستدعاءات، والشروع في إضرابات مفتوحة عن الطعام منذ لحظة الاعتقال، رغم ذلك، إلا أنّ تفعيل الجانب الإعلامي والسياسي للقضية ملقى على عاتق قيادة حماس وناطقيها، لأن عليهم أن يعرّفوا الجمهور بمستوياته المختلفة بنوعية الرموز التي يتمّ اعتقالها، ومن المستفيد من إنهاكهم وإبقائهم رهينة التداول بين سجون الاحتلال والسلطة على مدى السنوات الأخيرة!

وما كنت لأرى ذلك ضرورياً لو كانت أجهزة السلطة تستهدف حماس تحت غطاء الانقسام وحسب، ولكن حين يكون للاحتلال يد طويلة في هذه القضية فإن السكوت عنها تحت أية ذريعة لا أراه سوى سذاجة وإغفال للأولويات وتجاهل لما وراء هذه القضية الكبيرة وما تمثله من عثرة لا يجوز القفز عنها قبل إزالتها!

هناك من يستغرب من كون كثير من المحسوبين على حماس في الضفّة غير متفائلين بموضوع المصالحة أو راغبين فيها، وهو أمر ينبغي التوقف عنده مليّا، لأن أبناء حماس في الضفة يفترض أن يكونوا أول المستفيدين من ثمرات المصالحة بسبب أوضاع حركتهم، ولأنهم لا يمكن أن يتهموا بأنهم (مستفيدون من الانقسام)، ولذلك فإن عدم تفاؤلهم مستمد من رؤيتهم لمعادلة الاستئصال بجميع عناصرها، ولأنهم عايشوها واقعاً ولم يسمعوا عنها، ويعلمون جيداً خلفياتها، ولماذا سيتعذّر حلّها دون تغيير شامل في سياسات سلطة الضفة!

وأختم بسؤال أراه جوهريا، وسمعته من أحد المعتقلين السياسيين قبل مدّة، حيث قال: أتمنى أن أعرف علامَ تراهن قيادة حماس في حماسها لإجراء انتخابات جديدة، في ظلّ وضع الضفة الحالي، ومن تراه مستعدّاً من كوادرها للعمل للانتخابات التي تحتاج تنظيماً قوياً وهياكل حركية قائمة، فيما وجودها اليوم في الضفة يعتمد على حضورها كتيار وليس على قوامها التنظيمي؟!

وبعبارة أوضح؛ لا أعتقد أن حماس في الضفة ستكون مستعدة للتعاطي مع استحقاقات المصالحة ولا المغامرة بالإقدام على خطوات في الهواء قبل أن تضمن رفع اليد عنها كتنظيم، وقبل أن يمضي وقت كافٍ على تعافيها وعودة الدماء إلى عروق بناءاتها المختلفة، ومن يعتقد غير ذلك يبدو أنه يراهن على السراب، وأرجو أن أكون مخطئة!

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية