التقييم الإسرائيلي لموجة التصعيد الأخيرة في غزة ... بقلم : د. عدنان أبو عامر

الإثنين 25 يونيو 2012

التقييم الإسرائيلي لموجة التصعيد الأخيرة في غزة

د. عدنان أبو عامر


تمثل التقييم الأمني الإسرائيلي في شكل دعوات للردّ على إطلاق الصواريخ باتجاه "إسرائيل"، وفي ذات الوقت فإن التقدير السائد في الجيش يفيد بأن الضغط الداخلي على حماس أعطى مؤشراته، وبالتالي قررت "التنفيس" على شاكلة نيران صاروخية في المدى القصير باتجاه قواعد الجيش، لعدم إعطاء "إسرائيل" ذريعة لردّ فعل قوي.

ودعت المحافل لضرورة السماح لحماس بالنزول عن الشجرة، لكن في حال تواصُل إطلاق الصواريخ، فإن سلة الأدوات كبيرة، وتسمح بضربة أليمة جداً لحماس، بحيث إنّ من الأفضل لها أن تزن خطواتها.

ذات التقييم أشار إلى أن إعلان حماس مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، للمرة الأولى منذ أكثر من سنة، يعكس تغييراً في الوضع، وبالتالي فإن وجهة التطورات في الأيام المقبلة ما زالت غير واضحة.

وقد أثار هذا الأمر قلقاً في القيادة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية على حد سواء، خصوصاً أنه خلال الجولات السابقة عرف الطرفان كيف يكبحان النيران بسرعة نسبية، لمنع الانزلاق لمواجهة واسعة.

واتجه التقييم في بعض توصيفاته للموقف العسكري إلى أن الجولة الأخيرة مرتبطة على ما يبدو، بنحو غير مباشر، بما يحدث على الحدود المصرية، وأن كل ذلك يجري على خلفية فوز الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة.

وفي ذات الوقت زعم التقييم بأن حماس فوجئت بقوة الرد الإسرائيلي، وأن قواعد اللعب غير المكتوبة تجيز لـ"إسرائيل" بأن تجبي ثمن مقتل جندي لها، لافتة إلى أنّ الوضع قابل للانفجار.

ارتباط التصعيد في غزة بما هو عليه الوضع في مصر، دفع من أعد التقييم للقول إن الانتصار الذي يلوح لممثل الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسة المصرية، يمنح رجال حماس ريح إسناد، وإحساسا بأن في القاهرة يوجد رئيس يعتبر "واحدا منهم".

خاصة وأن هناك عدة تطورات في النشاط العسكري لحماس منذ بدأت جولة المواجهة الأخيرة في الجنوب، فقد كانت المرة الأخيرة التي كانت فيها شريكا رسميا بنار الصواريخ في نيسان 2011، وحتى في المواجهة الأخيرة في شهر آذار بقيت "خارج المناوشة"، وامتنعت عن الهجوم.

• تغيير آلية الرد

فضلا عن أن التطورات الميدانية الأخيرة أبرزت أن حماس تتصرف كجيش بكل معنى الكلمة: في الغالب، رجاله يوجهون النار نحو قواعد عسكرية، ولا يحاولون ضرب أهداف مدنية، ورجاله يقيدون أنفسهم بإطلاق الصواريخ نحو نطاق غلاف غزة، وليس نحو التجمعات السكانية الأبعد مثل بئر السبع أو أسدود، ومع ذلك فإن المنظمات الأخرى التي انضمت للنار تستهدف البلدات أيضا.

وتختم بالقول: إذا كانت امتنعت حماس حتى الآن عن المشاركة في إطلاق النار نحو "إسرائيل"، فإنها في الأيام الأخيرة تعيد تحديد قواعد اللعب: فهي ستطلق الصواريخ، ولكن نحو أهداف عسكرية فقط، وأن هذا القرار ينبع من عدة أسباب:

1- تعرضها لانتقاد شديد في شهر آذار عندما لم تشارك في إطلاق الصواريخ، وأرادت هذه المرة أن تثبت أمام باقي الفصائل، بأنها لا تزال منظمة "مقاومة"، يمكنها وتريد أن تواصل القتال.

2- هذه الجولة التصعيدية محاولة لخلق ردع، ولذلك واضح أن حماس لا تريد تصعيدا واسعا، وتمتنع عن توسيع مدى إطلاق الصواريخ، حاليا على الأقل.

3- بالنسبة لـ"إسرائيل"، يعد استئناف النار من جانب حماس سببا يدعو للقلق، لاسيما فقدان الردع الذي حققه الجيش في حملة الرصاص المصبوب، ومع ذلك فإن لديها كما حماس كل الأسباب للرغبة في الهدوء، وترك الموجة العنيفة هذه تمر.

في ذات السياق، يمكن استنتاج خلاصة ميدانية عملياتية من المواجهة تتمثل بأن حماس غيرت من طريقة عملها بصورة جعلت من الصعب على الجيش كشف صواريخها قبل إطلاقها، حيث تقوم بإطلاقها من خلال حفر أعدت سلفاً، وعملية الإطلاق تتم بالتحكم عن بعد.
وهي بالتالي تكون قد استخلصت العبر من المواجهات السابقة، وجربت خطتها العسكرية الجديدة ونظامها العسكري، وهي بذلك تظهر قدرة على التخطيط، واستخلاص العبر مما يجعل منها عدواً صعباً، وفي ضوء الرد الإسرائيلي "المقيد"، نظراً للاعتبارات الإقليمية، فإن ذلك قد يشجع حماس على تصعيد الوضع من جديد، لأنها بادرت للموجه الأخيرة من التصعيد لاعتقادها أن الجيش لن يجرؤ على رد عنيف في ظل التطورات السياسية في مصر.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية