الجدار الفولاذي والعنف المتوقع
د.عصام شاور
تتزايد الأنباء عن وقوع عمليات إطلاق نار على الحفارات المصرية العاملة على الحدود مع غزة ، ورغم عدم التأكد من صحتها فإنها بداية متوقعة قد يلجأ إليها من يشعرون بأنهم على وشك فقدان المصدر الوحيد الذي يعينهم على تحمل شظف الحياة في غزة المحاصرة، فأسرهم يتهددها الجوع والفاقة نتيجة لعمل تلك الحفارات التي تردم الأنفاق وتمنع تكرارها بعملية "فولاذ مصبوب" ، فالأمر بالنسبة للمتضررين مسألة حياة أو موت ورد فعلهم متوقع وإن كنا لا نوافق على مثل تلك الأعمال.
من الضرورة بمكان أن لا يغفل المراقبون أن أي أعمال عنف على الحدود المصرية الفلسطينية قد تكون بناء على مخطط مسبق ومدروس لبعض المتربصين من أجل إشعال الفتنة بين مصر وغزة، وعملية بناء الجدار الفولاذي الذي تقوم به مصر يعتبر فرصة سانحة لهؤلاء، وكما لا نستبعد لجوء بعض اليائسين لمثل تلك الأفعال فاحتمال تدخل العابثين هو أمر متوقع ، ولا ننسى أن مثل تلك الفرصة لا يمكن لـ(إسرائيل) تفويتها دون أن تحرك عملاءها من أجل إثارة الشعب المصري والحكومة المصرية ضد الشعب الفلسطيني وخاصة إذا تم استهداف رجال الأمن المصريين وسقط منهم قتلى وجرحى.
الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة لا يمكنها فرض السيطرة التامة على الحدود ليل نهار، وكلما ضاقت الحياة في القطاع نتيجة هدم المزيد من الأنفاق كلما أصبح المتضررون أكثر، ولن تكون الحكومة في قطاع غزة قادرة على منع الشعب الفلسطيني من الدفاع عن مصدر رزقه الأخير وشريانه الوحيد للصمود في وجه الحصار، فمظاهر الاحتجاج قد تتصاعد وتتطور من عمليات إطلاق نار فردية إلى اقتحام شعبي للحدود المصرية كما حدث في السابق.
نأمل ألا نصل إلى تلك المرحلة، ولكن المعطيات على أرض الواقع لا تبشر بخير، فالشعب المهدد بالإبادة لا يهمه كثيرا الحديث في السياسة أو السيادة طالما أن الموت هو الخيار الوحيد الذي أرادته له (إسرائيل) والأنظمة العربية، والحل الوحيد لعدم الدخول في دوامة العنف التي قد تؤلب الجماهير في العالمين العربي والإسلامي ضد كثيرين هو فك الحصار عن قطاع غزة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية