الحاكم المنتهِ الصلاحية ... بقلم : د.ديمة طارق طهبوب

السبت 08 سبتمبر 2012

الحاكم المنتهِ الصلاحية

د.ديمة طارق طهبوب

كان لبعض الرؤوساء على صلاحهم أو طلاحهم هيبة و كاريزما، فكانت الشعوب تستمع لعبد الناصر و هي تقف على قدم و تكاد تسمع صوت الابرة لو وقعت على الأرض، و كذلك كان هتلر و بعض رؤوساء أمريكا و آخرهم كلينتون من حضور العبارة و المنطق و الحجة و انسيابية الأداء ما يجعل المشاهد و السامع يقف ليرى ما في جعبتهم، و بغض النظر عما كشفه التاريخ عنهم الا أن الأعناق كانت تشرئب إليهم و شكلت خطاباتهم نقطة تحول في ذاكرة الناس و مجريات الأحداث إما تحقيقا أو تضليلا

الا أن هذا لا ينطبق على المسمى "الرئيس الفلسطيني" بأي شكل من الأشكال فالمتابع لخطاباته و مضمونه بغض النظر عن انتمائه الفصائلي، و إذا كان منصفا و مواليا للقضية قبل شخوصها، يرى أن خطاباته تنزع الهيبة عن صفة رئيس الدولة بما فيها من افتقار للدبلوماسية و الهذرفة و الهذرمة ناهيك عن السياق التراكمي لسيل من الخطابات المماثلة المسبوقة و المشفوعة بالتفريط في القضية الفلسطينية و المقدسات و حقوق الشعب الفلسطيني فوق الطاولة و تحت الطاولة مما أفقدنا الثقة و الاحترام للمرسل و الرسالة

فذات الإعلام الذي يبث خطابات "الرئيس" يكشف لنا ،مقروءا و مرئيا و مسموعا ،عن خفايا الفضائح و الفساد الطامة التي لم تغادر الا قلة وضعوا قصرا في الصفوف الخلفية المنفية عن دائرة القرار و التمثيل الفلسطيني لتصبح السلطة كالمافيات الروسية و الإيطالية تتحكم بحياة الشعب و أرضه و قراره و تأخذ نسبة من العدو الصهيوني مقابل التنسيق الأمني و القيام بواجب الشرطي عنه

و المؤلم أن الشعب الفلسطيني الذي شهد العالم الحر المنصف لتضحياته و تحدثت عنه دماؤه بات مجللا بالخزي و العار عندما تمثله زمرة تحسن التخاذل و الانبطاح تحت أقدام العدو ، فنحن كما قيل نملك أعدل قضية و لكن بأسوأ ناطقين و ممثلين لها!

و لكن العدو يعرف و عرف في غزة مؤخرا أن الشعب غير رئيسه و أن حكي القرايا و حساب السرايا مختلفان و أن عباس و زمرة رام الله لا يمثلون سوى أنفسهم و المنتفعين من أمثالهم

إن مصالحة يقودها أمثال عباس محكوم عليها بالفشل و قد آن للأطراف الأخرى ،مشاركة و راعية، أن تدرك ذلك و لا تعول على قيادة فاقدة للصلاحية القانونية و الشرعية و التمثيلية لا تملك أن تحكم على شبر من الأرض تحت أقدامها و حصار المقاطعة في زمن سابق يشهد لذلك

ما نعول عليه هو أن الانتفاضة التي جعلت العدو الصهيوني على قوته و جبروته ينخ ذات يوم قادرة أن "تبط" دملا داخليا و تبتر عضوا ميتا يعيقها فلا يمكن أن نتحرر من العدو و نحن محتلون داخليا!!! و ليحذر اهل الضفة من أن يشغلوهم باللقمة و الهدمة كما شغل زعماء العرب شعوبهم حتى مرغوا كرامتهم في الوحل، فلقد رضي الفلسطينييون أن يسفوا التراب و لا أن يتطاول عليهم الصهاينة

أما عباس الذي لم يسعدنا نطقه و لا حاله و سرق الخيل و المال فهو لا يمثلنا لا فلسطينيا و لا عربيا و لا دينيا و لا إنسانيا و لا سياسيا، لا يمثلنا فلسطينيين و عربا و مسلمين، ننظر لفلسطين كقضية وقف مقدس لا يجوز التنازل عن شبر منها ،سوى من عزم على تحريرها من البحر الى النهر

في أيام المجد كان الرؤساء يأخذون ألقابهم من أفعالهم فكان المعز لدين الله و الناصر و المؤيد و غيرهم أما عباس فسيخلد في التاريخ كرئيس منته الصلاحية و البضاعة المنتهية الصلاحية لها مكان معروف حتى لا تؤذي البشرية

لقد تأخر الشعب الفلسطيني عن ربيعه الداخلي و كان الأولى به أن يثور بعد أن كشف الإعلام عن وثائق التفريط بالقدس و المسجد الأقصى كي لا يتحقق فينا قول جولدا مائير يوم حُرق المسجد الأقصى اذ قالت "لم انم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا أفواجاً من كل حدب وصوب، لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذة أمة نائمة"!!!

فلسطين التي علمت العالم كيف تنتج الفصول كلها حرية لن يعجزها ربيع داخلي لتزهر المقاومة و الشرف و الحق من جديد

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية