الدحلانيون الجدد في الضفة ومستقبل المصالحة
عزالدين أحمد إبراهيم
هل أصبح مستقبل المصالحة في مهب الريح؟سؤال نطرحه على النخب الفلسطينية الذين للأسف ابتلع معظمهم ألسنتهم، وأصبحوا عاجزين حتى عن شهادة الحق والتحلي بالشجاعة والكشف عن حقيقة من يعطل عجلة المصالحة التي كنا وما زلنا نقول إنها ضرورة فلسطينية لا غنى عنها.
ولكن السؤال الأهم، هل الضرورة الفلسطينية تعني بحال من الأحوال أن يدفع المواطنون الفلسطينيون في الضفة الغربية ضريبة من حياتهم وحرياتهم وراحتهم ولقمة عيشهم في سبيل أصحاب النفوذ من قيادات أمنية وسياسية هي الوحيدة المستفيدة من استمرار حالة الانقسام؟!
في أي إطار يمكن أن نضع محاربة الناس في أرزقاهم في الضفة من خلال منع توظيف معلمة في نابلس حصلت على المرتبة الأولى في امتحان التعيين لاعتبارات قالت عنها وزيرة التربية في حكومة فياض إنها أمنية؟!ن بل وتطلب منها الوزارة مراجعة هذه الأجهزة لمعرفة سبب عدم تعيينها في تواطؤ واضح ووقح.
وفي أي إطار يمكن أن نضع استمرار اختطاف مواطنين أصدرت المحاكم قرارات بالإفراج عنهم وتصر الأجهزة الأمنية في الضفة على مواصلة اعتقالهم؟! بل وتواصل هذه الأجهزة حملات الاستدعاءات والاعتقالات.
والأكثر مرارة، في أي إطار يمكن وضع قيام الأجهزة الأمنية باعتقال واستدعاء الأسرى المحررين من سجون الاحتلال بتهمة "تعكير صفو الأمة" وابتزازهم وملاحقتهم في لقمة العيش؟!، هل هذه هي المكافأة لهم على سنين الصبر والألم في باستيلات الاحتلال؟!
قلنا سابقا، لا ننفي أن هناك نوايا صادقة لدى عدد من قيادات فتح في إنهاء هذه الصفحة السوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني، ولكن هل هذه النوايا قادرة على الوقوف في وجه بطش هذه الأجهزة، بل هل هي قادرة على مصارحة نفسها قبل ان تصارح شعبها بالقول إن هذه الأجهزة لن تسمح بتهيئة أجواء المصالحة مهما كان الثمن؟!
ومن خلال متابعة التصريحات الأخيرة لعدد غير يسير من قيادات فتح في موضوع المصالحة والتصعيد الواضح ضد حماس – رغم صمت غالبية قيادات حماس وعدم ردهم – يمكن ملاحظة ان تأثير هذه الأجهزة تطور صعودا ليشمل الأداء السياسي لقيادة فتح في أعقاب فترة من الأجواء الايجابية في التعاطي الإعلامي بين الطرفين، ولا ندري هل سبب تناغم المستوى السياسي مع الأمني ضد حماس في هذه اللحظة يعود إلى "استدراك متأخر لخطأ المصالحة مع حماس" أم هو خضوع سياسي لضغوطات أمنية لا نعلم طبيعتها!!
هناك رأي آخر يفسّر حالة الجمود في حراك المصالحة، واذا حضر السبب بطل العجب كما يقولون، فلطالما كانت فتح وقيادتها ما تلجأ الى الصف الوطني ومربع المصالح الوطنية في حالة الانسداد السياسي والتجاهل الامريكي، أما وقد عادت المياه لمجاريها الآن من خلال اتصالين مع محمود عباس في أقل من 48 ساعة الاول من باراك أوباما والثاني من وزير خارجيته هيلاري كلينتون، فلتعد المصالحة الوطنية إلى قاع الأولويات بالنسبة لسلطة رام الله والنافذين في حركة فتح.
لا نبالغ إذا قلنا أن هناك دحلانيين جددا، محمد دحلان ورفاقه مجرد تلاميذ بالنسبة لهم، بذلوا وسيذلون كل جهد لإفشال كل ما يتهدد مصالحهم، نفوذهم تجاوز الأجهزة الأمنية إلى الدوائر السياسية في السلطة وحركة فتح.
ننصح قيادات حماس قبل من نرتجي فيهم الوطنية من قيادات فتح، بعد أن صفقنا وهللنا لما تم انجازه في الدوحة ومن قبل في القاهرة، ودافعنا عن الاتفاق، وأبدينا تفاؤلا حذرا، ننصحكم بمراجعة أنفسكم قبل مراجعة ما اتفقتم عليه، تعلمون جيدا أن هناك طرفا فاعلا في الضفة لن يسمح لكم ولا لغيركم باستعادة الصف الوطني، وسيصنع المستحيل لإفشال أي اتفاق، وبدون تحييده لن يحلم الشعب الفلسطيني بأي مصالحة قريبة
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية