الذكرى أل 14 لأول استشهادي في انتفاضة الأقصى
بهاء الدين سعيد... فارس الاقتحام والفداء
المكتب الإعلامي- خاص
دخل التاريخ من أوسع أبوابه, ليحفر اسمه في سجل العظماء, يجود بماله ودمه وعرقه, من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا, وكلمة الذين كفروا هي السفلى, أحيى في الأمة حب الشهادة والاستشهاد, فكان الشجاع الفذ الهمام الذي لم تلن له قناة, ولم تلين له عزيمة, وبقى على العهد:" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".
في مثل هذا اليوم وقبل "14 " عام أقدم شاب فلسطيني اعتمر قلبه بالإيمان والعزيمة والصدق, وحب الجنة, وحب لقاء له, كان أول فدائي فلسطيني في انتفاضة الأقصى.
هي 14 عام ذكرى عظيمة, مرت على ارتقاء الأسد الهمام, والفارس المغوار, صاحب الطلة البهية, ورجل الموقف الشجاع والطريق السليم, هي تسع سنوات مرت على رحيل القائد المؤسس, بهاء الدين سعيد, "مقتحم مغتصبة كفار داروم",حيث ودع بهاء زوجته وطفله سلامة مُودِعَاً لديها وصيته ،طالباً منها الصبر والدعاء بأن يتقبله الله شهيداً ،وخرج مجاهداً بماله ونفسه ..
بيانات العملية
في تمام الساعة الخامسة صباحا تسلل بهاء الدين 28 عاما إلى داخل مستوطنة كفارداروم عبر فتحة صغيرة حفرها تحت السياج ومنه عبر دفيئات المستوطنة الزراعية البلاستيكية ومنها تسلل إلى غرفة الجنود الصهاينة الذين أشتبك معهم فى معركة حقيقية رغم إصابته أثناء ذلك واستمر في قتاله حتى ارتقى شهيداً معمداً بدمائه الزكيه بعد أن قتل وجرح العديد منهم " اعترف الاحتلال في حينه بمقتل جنديين لحقهما ثالث إضافة لعدد من الجرحى.
فلا يمكن أن تذكر مغتصبة كفار داروم الصهيونية المقاومة بقوة السلاح على أراضى المواطنين في دير البلح، من دون أن يذكر الشهيد بهاء الدين سعيد، الذي نفذ أول عملية اقتحام للمغتصبات الصهيونية، في انتفاضة الأقصى، وذلك في 18تشرين ثاني (نوفمبر) 2000، والتي كانت فاتحة عمليات اقتحام المستوطنات الصهيونية وجاءت تلك العملية بعد شهر وعشرين يوما من اندلاع انتفاضة الأقصى، وقتل فيها أربعة جنود صهاينة، وأصيب عدد آخر بجراح.
من هو بهاء الدين
الشهيد بهاء الدين سعيد، الذي تربى وترعرع منذ نعومة أظفاره على الانتماء الصادق لفلسطين شابا عاديا، كان مولعا بالمقاومة التي خاضها منذ اندلاع الانتفاضة الأولى، في إطار مجموعات صقور فتح، التابعة لحركة فتح آنذاك، إذ واصل عمل الجهادي المقاوم مع اندلاع انتفاضة الأقصى في صفوف ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية والتي تغيرت لاحقا الى "كتائب الناصر صلاح الدين, الجناح المسلح لحركة المقاومة الشعبية". والتي انطلقت لترد الظلم والعدوان الصهيوني على أبناء شعبنا ومقدساته.
جهاد طويل
كتب القائد الهمام تاريخ جهاده بأحرف من دم وعرق, حينما كان شابا يافعا في صفوف حركة فتح، بمشاركته في فعاليات الانتفاضة الأولى بقوة، ومن ثم انضمامه إلى مجموعات صقور فتح والفهد الأسود، ومشاركته في العديد من العمليات الفدائية. وقد اعتقل خلال إحدى تلك العمليات على طريق كوسوفيم الاستيطاني، شمال خان يونس، وكان ذلك في العام 1990.
و بعد اعتقاله بخمسة أشهر، تمكن من الفرار من سجن غزة المركزي خلال تقديمه للمحكمة العسكرية في مدينة غزة، إذ كسر شباك الزنزانة وهو في انتظار تقديمه للمحكمة وفر منها. وفي مطلع عام 1993 تمكن من الخروج من القطاع، بعد أن ضاقت الأمور بالمطلوبين، الذين صار واحدا منهم، وكانت وجهته إلى ليبيا. لم تكن ليبيا آخر محطاته ، بل كانت محطة هامة في تاريخه، حيث تلقى تدريبات عسكرية قوية، من خلال دورات مكثفة، لكن عيناه ظلتا متجهتين نحو الوطن الذي عاد إليه بنفس طريقة الخروج منه حيث اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني لمدة شهرين، ومن ثم أطلقت سراحه،والتحق بأجهزة السلطة العسكرية أملا في خدمة أبناء شعبه ومواصلة طريق في خدمة الوطن.
فكان " بهاء الدين " هو من زرع بذرة المقاومة الشعبية في المنطقة الوسطى, وهو قائدها في الألوية سابقا والكتائب فيما بعد.
تفاصيل العملية
اقتحم الشهيد بهاء الدين مغتصبة كفار دروم في صباح الجمعة الموافق 18/11/2000م ، حيث كان مسلحا برشاش من نوع كلاشنكوف ومسدس وخنجر؛ مستوطنة كفار داروم. وبعد أن أطلق النار على حراس المستوطنة، وباغت الجنود وهم نائمون في مهاجعهم، مفرغا ذخيرته فيهم، ومشتبكا معهم بالسلاح الأبيض، ولقد اعترف العدو بمقتل أربعة جنود صهاينة وإصابة آخرين واستمر شهيدنا بهاء الدين بالاشتباك مع الصهاينة حتى نال الشهادة أخيرا.
بهاء الدين من جديد في الأسرة
وبعد عشرين يوما من استشهاد بهاء كانت زوجته الحامل على موعد مع مولودها الثاني، الذي أصرت هي وبقية أفراد عائلتها على منحه اسم والده بهاء الدين ليبقى بينهم ولا يفقدوه، ولتربيه على السير على نهج والده، إذ من المقرر أن تحتفل العائلة مع نهاية هذا العام بالسنة السابع لمولد بهاء الدين الصغير.
تأثير الدرة
وقالت زوجة الشهيد أبو السعيد إن مشهد استشهاد الطفل محمد الدرة أثر كثيرا في زوجها، الذي كان قلبه يعتصر ألما على ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من مجازر، وكان يفرح حينما يسمع عن عملية فدائية، ولكنه لم يكن يظهر ما يمكن أن يفعل على الرغم من تحركاته ونشاطه الكثير، إلا انه كان غامضا وسريا جدا، في عمله العسكري، كما تقول.
من جانبه يقول شقيقه نبيل أبو السعيد, إننا أول ما نتذكر الانسحاب الصهيوني من المستوطنات نتذكر أول عملية اقتحام لتلك المستوطنات وبطلها بهاء الدين، فلا يمكن أن يذكر الانسحاب أو كفار داروم دون أن يذكر بهاء الدين، كما قال.
وقال إن بهاء الدين لم ترق له جرائم قوات الاحتلال بحق أبناء شعبه، وسقوط أعداد كبيرة من الشهداء، خلال الأيام القليلة، التي عاشها من عمر انتفاضة الأقصى، فقرر الانتقام لهؤلاء الشهداء، من خلال عملية تشفي صدور أبناء الشعب الفلسطيني. وأوضح أبو السعيد أن شقيقه كان يتمتع بذكاء كبير، إذ كان يخطط لأن يغنم عددا من قطع السلاح، خلال تنفيذه لعمليته، من أجل تسليح عناصره ومجموعاته، لتواصل طريق المقاومة والجهاد.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية