الرئيسان أبومازن
خيري منصور
أخيراً توصّل الطرفان "فتح" و"حماس" إلى تشكيل حكومة فلسطينية جديدة برئاسة محمود عباس، إضافة إلى منصبه كرئيس للسلطة الوطنية، وهكذا يصبح الرئيس رئيسين في آن.
وكما يقول المقربون من عباس فهو يجازف بقبول هذه المهمة الشاقة وهو على دراية بما تضيفه إليه من متاعب. ولوقت طويل مضى لم يكن المتنازع عليه بين فتح وحماس أرضاً أو تاريخاً بل هو موقع المسؤولية في سلطة تسير حثيثاً إلى أن تصبح دولة، وهذه ليست التجربة الأولى التي يشغل فيها رئيس دولة منصب رئيس الوزراء، فقد حدث هذا مراراً لكن ليس على هذا النحو التصالحي، بحيث يتولى رئيس الدولة منصب رئيس الوزراء لأسباب احترازية ولاختصار الطريق الوعر الذي لن يتوقف فيه السجال بل الصراع على حكومة جديدة، ويُسهّل من هذا الأمر كون الحكومة المقبلة من الكفاءات أو التكنوقراط بحيث لا تشمل ممثلين عن فصائل سياسية أو أحزاب. فالاعتقاد السائد هو أن حكومة من المستقلين ستجد نفسها محررة من أعباء الصراعات الفصائلية، تلك الصراعات التي قصمت بأنياب حادة الكثير من الوقت والجهد في الحراك الوطني الفلسطيني.
بالطبع لن تكون الرئاسة المزدوجة خاتمة مطاف بقدر ما هي ذات صفة انتقالية، وحلّ سريع لإشكالية فلسطينية بدت بعد سنوات الانقسام كما لو أنها بلا نهاية.
وليس شعراً أو من باب مداعبة الوجدان القومي القول إنّ فتح وحماس هما ضفتا جرح واحد، بقدر ما هما شفتان أيضاً لفم واحد، فقد اتضح للفريقين بعد كل الخسائر التي تحوّلت إلى غنائم للاحتلال، أن الاستمرار في نظرية الخطين المتوازيين اللذين لا يلتقيان ليست من فيزياء النضال الفلسطيني، ولو كان آينشتاين حياً لاستثنى هذين الخطين من التوازي، لأنه ما من عاقل في عالمنا بإمكانه أن يتخيل مبرراً واحداً لانقسام شعب يعيش برمته موزعاً بين الاحتلال واللجوء، وحين يعلن نتنياهو بعظمة لسانه، كما يقال في أمثالنا الشعبية، عن كون المصالحة بين الشقيقين اللدودين بمنزلة إعلان حرب ضد دولته، فالأمر مفهوم ولا يحتاج إلى أي شرح أو تعليق، ولو قال عكس هذا لكان كاذباً بالدرجة الأولى أمام ناخبيه وتبعاً لما يفكر به حزبه الصهيوني الراديكالي.
إن المدهش والمثير للعجب ليس المصالحة بين توأمين ولدا من رحم واحد، ويتعرضان معاً للسكين والرصاص ذاته، بل هو ذلك الصراع الذي تضرر منه الشعب الفلسطيني كله، فالمحاصرون لا يحاصرون بعضهم إلا في لحظة انعدام وزن كي لا نقول لحظة غيبوبة سياسية. كما أن الجرحى لا يجهزون على بعضهم إلا إذا كانت الإصابة في صميم الوعي.
ما يأمله الفلسطينيون ومعهم العرب، أن يكون ما وراء الكواليس وبروتوكولات المصافحة وترديد الشعارات هو بيت القصيد، لأن ما كان على الدوام وراء الكواليس وبعيداً عن آلات التصوير، هو بيت الداء.
صحيفة الخليج الإماراتية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية