الرشق: حماس تَدَّخر للاحتلال "مفاجآت وإعدادات" غير مسبوقة

الثلاثاء 23 ديسمبر 2014

الرشق: حماس تَدَّخر للاحتلال "مفاجآت وإعدادات" غير مسبوقة

كشف القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وعضو مكتبها السياسي، عزت الرشق، أنَّ ما عرضته كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في الآونة الأخيرة -سواء من قدرات أو معلومات حول طبيعة العمليات التي استهدف فيها الاحتلال- تمثل "غيضا من فيض ممّا تمتلكه الحركة وجناحها العسكري وما تدخره للاحتلال من مفاجآت وإعدادات غير مسبوقة".

ويوضح الرشق، في لقاء شامل وخاص بـ "المركز الفلسطيني للإعلام"، أن حركة حماس تتطلّع إلى علاقات طيبة ومنفتحة مع الجميع؛ دولاً وحكومات ومنظمات، تحت مظلة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ولن تترك الحركة منبراً أو محفلاً إلاّ وستطرق أبوابه من أجل حشد التأييد والدعم لصالح الشعب وقضيته العادلة. مؤكداً على أن الأصل بالعلاقات التي تبنيها الحركة مع جميع الأطراف -مهما بلغت التباينات والتناقضات معها تجاه مواضيع وعناوين مختلفة- نابع من قاسم مشترك معها يتمثل في القدس وفلسطين.

ورحب الرشق بقرار المحكمة الأوروبية الأخير، القاضي برفع اسم حركة حماس من قائمة المنظمات الإرهابية، معتبراً إياه خطوة في الاتجاه الصحيح الداعم لقضية شعبنا الفلسطيني وحقوقه العادلة، وقال: "نحن في حركة حماس نرى أنَّ قرار المحكمة الأوروبية برفع اسمنا من قائمة المنظمات الأوروبية هو تصحيح لقرار سابق ظالم وخطأ تاريخي وقع فيه الاتحاد الأوروبي". وهو من جانب آخر انتصار قانوني للشعب الفلسطيني في انتزاع اعتراف بحقه الطبيعي في الدفاع عن أرضه المحتلة وحقوقه المغتصبة.
 
وفيما يلي النص الكامل للحوار:

ما هي الرسائل التي توجهها في ذكرى انطلاقة حماس إلى: الاحتلال - الشعب الفلسطيني – المقاومة -الإقليم العربي والإسلامي – الأسرى؟
منذ انطلاقة حركة حماس المباركة بتاريخ 14-12-1987م، وهي تنتهج ميدان الأفعال لا الأقوال، تعمل بحكمة وتبدع بصمت، وتترك أفعالها هي التي تتكلم عنها، هذا هو منهجها، فميدانها الأفعال لا الأقوال، كما عبّر الشاعر العربي: السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ..


وعندما تبعث برسائل في مناسبات معيّنة، فهي رسائل الفعل التي تعبّر عن نهج المقاومة الذي تؤمن به الحركة، وهي في مضمونها رسائل الإثخان في العدو الصهيوني، فما دام الاحتلال جاثماً على أرضنا، وإجرامه مستمرا ضد شعبنا،  وآلاف الأسرى يقبعون في السجون، فإنَّ الحركة لن يهدأ لها بال، ولن تدخر جهداً في مقاومة ودحر الاحتلال.. هذا هو الطريق الذي أثبت نجاعته في قهر الاحتلال وزلزلة كيانه الهشّ.. واستطاعت المقاومة بفضل الله أن توحّد الشعب الفلسطيني، وقد لمسنا ذلك جلياً في الحروب الثلاثة الأخيرة التي خاضتها المقاومة الفلسطينية، حيث ضرب الشعب الفلسطيني أروع أمثلة الثبات والصمود والمقاومة برجاله وحرائره وأطفاله، وأظهروا التحاماً شعبياً منقطع النظير مع المقاومة، هذا التلاحم سيستمر ويتعزّز بإذن الله نحو مزيد من الصبر والإعداد والتضحية، وهو الأمر الذي يغيظ الأعداء والمتربصين بالشعب الفلسطيني والمتآمرين على حقوقه وثوابته، فتراهم يكيلون الاتهامات الباطلة، ويختلقون الشبهات بهدف التشويش والتشويه، لكنهم لن يفحلوا، فشعبنا الفلسطيني بات واعياً لطبيعة المعركة التي تحاك ضدّه، وأهدافها ووسائلها أصبحت مفضوحة سواء كانت سياسية أو إعلامية. 

وفي خضم هذه المعركة التي تنوّعت أدواتها وأشخاصها وأدوارها، لا يزال في الأمَّة العربية والإسلامية وأحرار  العالم الخير الكثير في الوقوف مع الشعب الفلسطيني والدفاع عن قضيته العادلة، وهناك أمثلة ونماذج لا يتسع المقام لذكرها هنا عن دعم الشعب الفلسطيني في ميادين شتى تقوم بها دول وحكومات وشخصيات وهيئات ومنظمات عربية وإسلامية ومن أحرار العالم، فهؤلاء لهم منّا كل التحيّة والتقدير، لأنهم يمثلون عمقنا الإستراتيجي والحاضنة الأم للشعب ومشروعه المقاوم. وعهدنا بهم أن يستمروا في هذا الدعم لأنَّ التحام الشعب الفلسطيني ومقاومته في مواجهة الاحتلال يشكّل واجهة مشرّفة للدفاع عن شرف الأمّة وكرامتها.

وكل محاولات التشويه والتحريض والخنق والحصار، التي تتعرّض لها الحركة وقياداتها ونهجها عبر مسمّيات مختلفة، وتحت غطاءات متنوعة، أثبتت فشلها وارتدّت على أصحابها ومموّليها، لأنَّ نصاعة المشروع الذي تؤمن به حماس وتعمل من أجله يعبّر عن تطلّعات الشعب الفلسطيني ونبض الأمَّة العربية والإسلامية، وقد علّمنا التاريخ أنَّ الشعوب هي التي ستنتصر.

هناك حديث عن قرب انطلاق المفاوضات الخاصة بالأسرى بين المقاومة والاحتلال، وذلك من خلال مساعٍ يبذلها الاحتلال مع أطراف عدة؟ هل تلقيتم رسائل وساطة بهذا الشأن؟ 

الخبر المؤكّد أنَّ حركة حماس تمتلك من الإرادة والخبرة ما يؤهّلها لإدارة أيّ صفقة تبادل قادمة تشرّف الشعب الفلسطيني، وتحفظ عهد الشهداء والجرحى، وتفي بالأهداف التي ضحّوا من أجلها. كما تمتلك الحركة من أوراق القوّة ما يمكّنها من انتزاع حقوقها من هذا المحتل المجرم.

منذ أن أُبلغنا بتأجيل انطلاق المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال عبر الوسيط المصري، لا جديد في الموضوع حالياً، وقد تحدث انفراجات في هذا الموضوع في أيّ وقت، طالما أنَّ الاحتلال يعيش في مأزق حقيقي أوقعه فيه نتنياهو بحماقته وغطرسته عندما دخل حرباً ضد قطاع غزة دون أن يحسب حساب المقاومة الشرسة والصمود الذي ينتظره من الشعب الفلسطيني.. لايزال الاحتلال إلى الآن يتجرّع التداعيات الوخيمة بعد انتصار المقاومة في معركة العصف المأكول داخلياً ودولياً، لذلك من المتوقع أن يسعى إلى طلب استئناف المفاوضات الخاصة بالأسرى، ووقتها فإنَّ للمقاومة وعلى رأسها كتائب القسّام كلمتها.

ما كشف عنه القسَّام مؤخّراً من فيديوهات لعملية زكيم وأبو مطيبيق، شكّلت صعقة للاحتلال، كيف تقرأ هذه المفاجئات؟

نستطيع القول: إنَّ هذا غيضٌ من فيض ممّا تمتلكه كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام وما تدخره للاحتلال من مفاجآت وإعدادات غير مسبوقة. هذه الكتائب المظفرة بإذن الله تمضي في طريق الإعداد والإبداع دون توقف. وعندما تضع الحرب أوزارها في كل مرّة تبدأ بالإعداد والتطوير الكمي والنوعي للعتاد والأسلحة؛ لتفاجىء العدو من جديد بأسلحة وأساليب مواجهة لم يسمع بها بل ربما لم تخطر على باله جواً وبراً وبحراً.

ما كشفته القسّام مؤخراً من فيديوهات يعمّق الشرخ الحاصل في عمق الاحتلال بين مختلف مكوّناته السياسية، ويضع نتنياهو وأركان جيشه في مأزق حقيقي، ويكشف بوضوح هشاشة بيت هذا الجيش الذي يسمّونه زوراً "الجيش الذي لا يقهر". هذا الجيش الذي فرّ جنوده بين مرعوب ومنتحر، وبين قتيل وجريح خلال معركة العصف المأكول خلال 51 يوماً.

كما يكشف حقيقة كذب وادّعاءات قادة جيش الاحتلال من خلال تسويقهم للكذب والوهم لمستوطنيهم ممّا يزيد من حجم الحنق والتذمر الشعبي من حكومة نتنياهو متصدّعة الأركان.

كيف تصف لنا استعدادات المقاومة بعد أشهر من انتهاء حرب العصف المأكول؟

معركة العصف المأكول ما هي إلاّ محطة من محطات وجولات الصراع مع العدو الصهيوني، وفي كل حرب يفرضها الاحتلال على شعبنا، تثبت المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام بما لا يدع مجالاً للشك، أنّها على قدر تحمّل مسؤولية الدفاع عن الشعب الفلسطيني.

المعركة مع الاحتلال لا تزال مستمرة، قد تطول وقد تقصر .. لكننا مؤمنون بأنَّ النصر يأتي مع الصبر والإعداد المتواصل عبر كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والإعلامية والثقافية والتربوية وغيرها.. 

الإعداد العسكري الذي تقوده كتائب القسّام لا يتوقف ما دامت المعركة مستمرة مع الاحتلال.. حتى في خضم المعركة معه لا يتوقف الإعداد والتصنيع والإبداع .. صحيح لا يمكن المقارنة العسكرية بين كتائب القسّام وجيش الاحتلال من حيث العتاد والآليات .. لكن المؤكّد أنَّ ما تمتلكه الكتائب وجندها لا يمتلكه جيش الاحتلال عبر تاريخه .. وهو الفيصل في الانتصارات التي تحقّقها كتائب العزّ القسامية وكل كتائب المقاومة الفلسطينية .. إن سألتم ما هو ؟ .. قلنا : إنَّه الإيمان بالله واليقين بعدالة القضية، ثمّ  قوة الإرادة والصمود والتضحية والإقدام والثبات والإيمان بالنصر .. والروح القتالية العالية، والإصرار على قهر الظروف والعقبات والنحت في الصخور.. وتفجير كل  أشكال الإبداع .. التي لا يستطيعها إلا أصحاب الحق وأصحاب الأرض ..وهو الأمر الذي لا يملكه جيش وجنود الاحتلال، فتراهم يفرّون من المعركة ولا يقاتلون إلاّ محصّنين وراء آلياتهم المدرعة، أو طائراتهم الحربية، ولا يقدرون على المواجهة.  بينما جند القسّام يواجهونهم من نقطة الصفر ببسالة وإقدام.. 

الإعداد في كتائب القسّام لا يتوقف، بل هو في تطوّر مستمر على مستويات مختلفة عبر التوسّع النوعي البشري، والتنوّع المبدع العسكري، وشعارهم في ذلك (وأعدوا) وحداؤهم في ذلك (وإن عدتم عدنا).

 صدور قرار المحكمة الأوروبية برفع اسم حركة حماس من لائحة المنظمات الإرهابية، في ظل تصويت بعض البرلمانات الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين، كيف تقرؤون ذلك؟ وما دلالاته؟

لا شك أنَّ هذه القرارات تعدُّ خطوة في الاتجاه الصحيح الداعم لقضية شعبنا الفلسطيني وحقوقه العادلة، ونحن في حركة حماس نرى أنَّ قرار المحكمة الأوروبية برفع اسمنا من قائمة المنظمات الأوروبية هو تصحيح لقرار سابق ظالم وخطأ تاريخي وقع فيه الاتحاد الأوروبي. وهو من جانب آخر انتصار قانوني للشعب الفلسطيني في انتزاع اعتراف بحقه الطبيعي في الدفاع عن أرضه المحتلة وحقوقه المغتصبة.

حركة حماس تتطلّع إلى علاقات جيدة مع الجميع دولاً وحكومات ومنظمات تحت مظلة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ولن تترك الحركة منبراً أو محفلاً إلاّ وستطرق أبوابه من أجل حشد التأييد والدعم لصالح الشعب وقضيته العادلة... لكنّنا على يقين أن تحقيق الشعب لحلمه في التحرير والعودة منبته فلسطيني ولن يأتي من الخارج، فكلّما كان الشعب صلب الإرادة قوي الكفاح استطاع أن ينتزع حقوقه، فعوامل القوة في شعبنا كبيرة ومتجذرة علينا أن نعزّزها ونؤسّس عليها، وحينها تأتي  مواقف الدول تأييداً للحق الفلسطيني الذي أصحابه ثابتون على أرضهم متمسكون بحقوقهم.

لن ندخل في حسابات النوايا والأهداف التي تقف وراء تلك الاعترافات، لكنّنا نؤمن بأنَّنا معنيون بالتسمك بحقوقنا وثوابتنا. وعلينا نحن الفلسطينيين الاستغلال الأمثل والاستفادة القصوى من هذه الاعترافات بما يعزّز حضور الحق الفلسطيني في كل التحالفات والمؤسسات الدولية. 

في مقاومتنا للمحتل لا نغفل أبداً البعد الدولي للقضية، فهذه الاعترافات وإن كانت شكلية، فهي تزيد من خنق الاحتلال وعزلته الدولية وتفضح إرهابه وإجرامه ضد شعبنا.

 ثم إنَّ الانحياز للاحتلال الصهيوني، والوقوف معه وتأييده في جرائمه المستمرة ضد الشعب والأرض الفلسطينية  الذي تتبناه الإدارة الأمريكية وبعض الدول هو تنكّر للمبادىء الإنسانية أولاً، بالإضافة إلى أنَّه مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية، فالذي يرى مدى الإجرام الصهيوني اليومي ضد الشعب الفلسطيني لا يسعه إن كان فيه ذرة من إنسانية إلاّ أن يقف مع الضحيّة، وهي تطالب بحقوقها الطبيعية في العيش على أرضها والتنعّم بالحرية.

ما هي أهم نتائج الزيارة الأخيرة لوفد حماس إلى إيران، وهل يمكن أن نقول إنَّ علاقة الحركة ستعود إلى وضعها الطبيعي والسابق مع الجمهورية الإسلامية؟

الأصل أن تكون علاقاتنا مع جميع الدول العربية والإسلامية علاقة طيّبة وجيّدة، ونحن نحرص على ذلك، ودائما كنّا نقول إنَّ القدس تجمعنا وفلسطين توحدنا، ومهما بلغت التباينات والتناقضات بين الدول والأحزاب والأطراف والاتجاهات  حول المواضيع والعناوين المختلفة، إلا أن القاسم المشترك هو القدس وفلسطين.. 


وإيران هي إحدى تلك الدول التي تربطها علاقة جيدة مع حركة حماس، وإن ظهر بعض الفتور في العلاقة في المراحل الأخيرة على خلفية بعض أزمات المنطقة، إلا أننا سعينا لتجاوز ذلك، والعمل على أن لا تؤثر بعض التباينات في المواقف ممَّا يحصل في المنطقة على أولوية التعاون في مواجهة المشروع الصهيوني ..

وحماس تسعى دوماً لاستثمار علاقاتها العربية والإسلامية في خدمة مشروعها الوطني ودعم قضيتها العادلة.

وزيارة إيران تأتي من منطلق اهتمام حماس بضرورة أن تبقى قضية الشعب الفلسطيني وقضية القدس والأقصى حيّة وحاضرة بقوّة في عمقها العربي والإسلامي بعيداً عن أيّ تجاذبات سياسية أو استقطابات إقليمية أو أبعاد طائفية.

زُرنا طهران أمس وزرناها اليوم، وسنزورها في المستقبل، وكذلك  كل  ما يتاح  ويمكن من الدول العربية والإسلامية لأنَّها عمقنا الإستراتيجي.

حال استمرار حكومة التوافق في التنكر لقطاع غزة وموظفيه ووزاراته، ما هو الخيار المتاح أمام حماس لإنقاذ الناس من هذا الوضع؟

من أولويات حكومة التوافق التي ينبغي عليها التعجيل بتنفيذها حسب الاتفاق وما يمليها عليها الواجب الوطني والإنساني الاضطلاع الفوري بمهمة السعي إلى إعادة الإعمار وفتح المعابر وكسر الحصار. بالإضافة إلى  مهامها  اليومية في التخفيف عن معاناة سكان غزة والموظفين الذين لم يتلقوا رواتبهم.

حركة حماس لم تتخل عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سواء قبل حكومة التوافق أو بعد اتفاق الشاطىء الذي جاء بها .. ولن تتخلى عن مسؤوليتها تجاه هذا الشعب الصابر المرابط، وهي تقوم بخدمته بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة.

حكومة التوافق الأصل أن تكون حكومة الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس. وعدم قيامها بدورها وعدم استلامها للوزارات وإدارتها لها في القطاع غير مبرّر، ويعمّق من الانقسام  ويهدّد النسيج الوطني ويعدُّ تنكّراً لمعاناة الشعب الفلسطيني الذي تعرّض لحرب عدوانية سافرة خلال 51 يوماً، وفي المقابل يعبّر عن عدم رغبة السلطة في استكمال تنفيذ بنود اتفاق المصالحة الوطنية المتوافق عليها.

نحمّل مسؤولية ذلك للرئيس محمود عباس باعتباره المسؤول الأول عن الحكومة، ونعدّ أيّ تعطيل لعمل الحكومة في غزة بمثابة رسالة سلبية تعبّر عن موقفه من المصالحة والتوافق الوطني.

وإزاء هذا الوضع وتلك المواقف، فإنَّ حركة حماس لن تترك الشعب الفلسطيني وحده، وستسعى مع القوى والفصائل الفلسطينية لإيجاد الحلول المناسبة للحؤول دون تدهور الأوضاع في قطاع غزة.

كثير من المتابعين والمحللين يبدون تخوّفاً على مستقبل حركة حماس سواء في المقاومة، أو حتّى العمل السياسي، وهذه المخاوف نتيجة لتجارب حركات إسلامية أخرى، وكذلك أيضاً نتيجة الواقع العربي والإقليمي الذي دخل في منحنيات أخرى، ما جديّة هذه المخاوف؟ وكيف لحماس أن تنأى بنفسها عن ذلك؟

السرّ في حركة حماس أنَّها حركة تحرّر وطني، تأسّست لمقاومة الاحتلال واسترداد الأرض كاملة غير منقوصة، وتحرير المقدسات والأسرى وعودة اللاجئين وإنجاز الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهو مشروع بدأته الحركة منذ انطلاقتها ولم تنفك عنه رغم الاغتيالات التي طالت قياداتها ورغم المحن والتهجير والطرد والإبعاد والإجرام الصهيوني... حركة حماس أمامها احتلال غاشم يغتصب أرضها، ويهوّد مقدساتها، ويهجّر شعبها، ويأسر الآلاف من خيرة أبناء الشعب الفلسطيني .. أمام هذه المعادلة لا خيار أمام حركة حماس إلاّ المضي في تحقيق مشروعها المقاوم، سواء عبر المقاومة وقد أبدعت في ذلك عبر حروب متتالية فرضت عليها فخاضتها وصنعت فيها الانتصار على العدو. أو عبر العمل السياسي والجماهيري ومن خلال خوض الانتخابات التشريعية التي فازت بها، ونالت ثقة الشعب الفلسطيني، وصمدت رغم الحصار الخانق ورغم العدوان الصهيوني المتواصل..

حماس جرَّبت الحكم، ولنقل إنّها تخلّت عنه بطريقة أو بأخرى لصالح المقاومة والتمسك بها، هل تعتقد أنَّ هذه التجربة، ستعيدها الحركة في حال تمَّ عقد انتخابات تشريعية ورئاسية مقبلة؟

حركة حماس انتخبها الشعب الفلسطيني بأغلبية عام 2006م، وفي كل محطة من محطات المواجهة مع العدو يتعزّز لدى شعبنا خيار المقاومة سبيلاً لتحرير الأرض والمقدسات. ومن ثمَّ فإنَّ رؤية حماس ومنهجها هو الأقرب للشارع الفلسطيني وهو المعبّر عن نبضه وتطلّعاته.

أضف إلى ذلك، أنَّ حركة حماس لم تخض الانتخابات التشريعية إلاّ لخدمة الشعب الفلسطيني، وحماية المقاومة، والحفاظ على الثوابت الوطنية، والعمل على عدم انحراف المشروع الوطني الفلسطيني، وهذه مهمّة لنا الشرف في تأديتها سواء كنّا ضمن الحكومة أو خارجها، لأنَّنا شعب يعيش تحت الاحتلال ويتعرّض لأبشع صنوف الاعتداء والإجرام الصهيوني الذي يطال الحجر والبشر والمقدسات.

واستطاعت حركة حماس كما أسلفنا أن تزاوج بين العمل السياسي والعمل العسكري، رغم الحصار الظالم وعدوان الاحتلال وعدم جديّة حركة فتح في الاتفاق على إستراتيجية نضالية موحّدة تجمع الكل الفلسطيني.


حركة حماس لم تتهرّب من مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني الذي انتخبها، وإنّما قدّمت تنازلات لإنجاح المصالحة والتوافق الوطني تصبّ في مصلحة الشعب وقضيته، وتفوّت الفرصة أمام المتربصين بمشروع المقاومة.

لا يمكننا أن نصف مرحلة فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006م إلى يومنا هذا بأنها مرحلة طبيعية مارست فيها الحركة الحكم، وإنَّه من الإجحاف ومجانبة الواقع القول بذلك، فمنذ فوز الحركة وهي تتعرّض للمقاطعة والحصار والعدوان من كل الجهات. 

في رؤيتنا لمجابهة الاحتلال الصهيوني لا يمكن أن نفصل بين الجانب السياسي المتمثل في تعزيز اللحمة الوطنية وخدمة الشعب والتوافق الوطني على أساس مشروع نضالي يجمع كافة الأطياف الفلسطينية، وبين الجانب العسكري المتمثل في مقاومة المحتل بكافة الأشكال والوسائل وفي مقدّمتها المقاومة المسلحة، وكلّ هذا ضمن إستراتيجية وطنية متفق عليها، قدّمنا خطوات إيجابية في سبيل ذلك، لكن التدخلات الخارجية وارتهان البعض لها، ورضوخه للضغوط، حال دون تقدّمها ونجاحها.

ولا تزال الحركة وفيّة لمبادئها ومنهجها، ولن تعدم الوسائل في المضي نحو تحقيقها على أرض الواقع، وقد تكون الانتخابات إحدى هذه الوسائل - على الرغم من أننا لازلنا تحت الاحتلال- وأبدينا الاستعداد لخوض الانتخابات، ونحن على يقين أنّ الشعب يلتف حول مشروع المقاومة. لكن نريد أن تسبق هذه الانتخابات بوادر حسن نيّة من حركة فتح في الضفة الغربية المحتلة لإطلاق الحريات وعدم التضييق على أبناء الحركة بالاستدعاء والاعتقال وتكميم الأفواه.

إنَّ تجربة الحكم في ظل الوضع القائم، وتحت مطرقة وسندان الاحتلال، هي مغارم كلّها، قد تكون في تجربتنا بعض الثغرات والأخطاء، وهذا من طبيعة الجهد البشري لكنّها تجربة ثرية ومهمة. 

حماس يتم التضييق عليها، إقليمياً ودولياً وحتّى داخلياً، ما هي عوامل صمودها، وقدرتها على مواجهة هذه التحديات؟ 

لم تكن يوماً طريق تحرير الأرض ومقاومة المحتل الغاصب عبر التاريخ محفوفة بالورود ومفروشة بالسجّاد، الطريق الذي اختارته حركة حماس لاستعادة أرضها وتحرير مقدساتها هو طريق ذات الشوكة دونه خرط القتاد كما تقول العرب.

في هذا الطريق قدّمت حماس شيخها المؤسّس وخيرة قادتها شهداء، ولا تزال تضحي وتقدّم الغالي والنفيس من أجل دحر وزوال الاحتلال، ومن أجل أن يعيش الشعب الفلسطيني حرّاً عزيزا على أرضه.



قد تؤثر حملات التضييق والحصار والتشويه حيناً وبرهة من الزمن، لكنَّها لا تستمر، فأجهزة المناعة التي يمتلكها جسم الحركة بفضل الله قادرة على حمايته من تلك الحملات، التي غالباً ما تنقلب على أصحابها لأنَّهم لا يمتلكون دليلاً ولا مستنداً في حربهم ضد حركة تمارس حقّها المشروع في مقاومة من احتل أرضها، وهجّر شعبها، وهوّد مقدساتها.

إذا كان الاحتلال الصهيوني بآلته العسكرية المتطوّرة، والدعم النوعي الذي يتلقاه من الإدارة الأمريكية، لم يستطع أن يحقق أيّا من أهدافه في حروبه الأخيرة التي فرضها على قطاع غزة، فكيف بمحاولات مشبوهة من هنا أو هناك ستفلح في النيل من حركة تمثل نبض الشارع الفلسطيني!!.

إنَّ حركة انطلقت تقاوم المحتل بالحجارة والصدور العارية، وصلت اليوم إلى إبداع طائرة بدون طيّار، وباغتت العدو بالجو والبحر والبر، هي حركة ولاّدة للعنصر البشري المقاوم، وولاّدة للإبداع العسكري النوعي، وهذا التوأم في الإبداع قادر بفضل الله وتوفيقه على ردع الاحتلال في كلّ مرّة، وفرض موازين الرعب، وزلزلة الكيان الصهيوني، وتحقيق الانتصار.



جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية