الريّان في قبضة فتح !!
كتب عز الدين – هذي حركة فتح .. تمضي في غيّها وضلالها .. جبروتها وقمعها .. حتى وصل الحدّ بها تعدّي "حدود" فلسطين وتجاوز المحرّمات الفلسطينية ، فتح تمضي اليوم في عتوّها مستهدفة أناسا طالما اعتُبروا خطا أحمر لعقود طويلة خلت، اليوم فتح تستهدف بضرباتها رجالا لا نزكيهم إذا قلنا أنّ رصيد أحدهم " النضالي " يوازي رصيد " الفتح " بأكمله أو يزيد !! ، حالة الاستباحة هذه للضفة ومحرماتها ما كانت لتتم لولا الوهن الذي دبّ قلوبنا والتسليم بواقع مرير فرضه " الفلسطينيون الجدد".
وقفتنا اليوم ما هي إلا جزءٌ من ردّ الوفاء لأهله، وأهله اليوم عظام لا ردّ لوفائهم ولا كفءَ لصنيعهم!! وهل من سبيل لمكافأة أحد أوائل الذين أسسوا " القسام " في الضفة المنكوبة ؟ ! اليوم يقف القلم عاجزا أمام شجاعة الشيخ - محمد أحمد الريّان - ورجولته ، فالريّان اليوم وبعظمة القسام الذي حوى بين ضلوعه يذكّرنا بعجزنا وضعفنا ، بل بتخاذلنا وجبننا ، والأهمّ من ذلك بقلّة شهامتنا وضياع نخوتنا ، اليوم تصرخ زنازين وقائي بيتونيا في أهل الضفة تخاطبهم أنّكم – وللأسف - ما وفّيتم المعروف ولا أدّيتم الأمانة .. ما صنتم العهد ولا حفظتم الجميل ، فمن يُشبح بين ثناياي الآن هو من حمل روحه على كفّه في ال1994 ونفذ عملية حاجز ديربلوط البطولية..هو من استشهد رفيقاه وأصيب هو وسجن من أجل أن يحيا شعبه بكرامة ، ولكنّ الكرامة التي صنعها الريّان بيديه تقف اليوم مشلولة عاجزة عن ردّ الجميل في الليالي الحالكات وحينما احتاج أهل الجميل له .
بطلنا اليوم ليس مجاهدا عاديا – وكل المجاهدين بطل – هو من جيل التأسيس الذين صنعوا المعجزات وصاغوا ملاحم البطولة واقعا في الوقت الذي كان يتآمر فيه " سجّان اليوم " على سلاحهم الطاهر وقسّامهم البطل ، هو ممن عايشوا أكبر استشهاديي فلسطين عمرا – الشيخ سليمان زيدان– وهو ممّن آووّا العيّاش واحتضنوه أشهر طوال ، وحينما حانت ساعة المواجهة ما تخلّى فارسنا ولا توانى ، بل امتشق سلاح العزّ وكان صاحب السبق في اقتحام الحواجز الصهيونية، هناك سندع للمجد أن يتكلم وللبطولة أن تروي ، هناك جُندِل الجنودُ الصهاينة وهناك روّت دماء عدنان مرعي تراب أرضه التي أحبّها في قراوة بني حماس في سلفيت ، وهناك " فلّ " علي العاصي ليأتيهم بعدها وقعاتٍ ومراتٍ حتى كتبت له الشهادة ، وأمّا عن الريّان فقد أصيب وما استطاع الانسحاب .
وأمّا الإصابة فهي عظمة وبطولة بحدّ ذاتها ، استغلّها العدوّ وضغطوا عليه بها، ولكن أنّى لهم أن يدلي "مؤسس" ببنت شفه ، وما كانت قوانينهم آنذاك تسمح بالمحاكمة على اعترافات الغير .. وأيّ غير؟ فهو شهيد –عدنان مرعي- ومطارد –علي عاصي- ، صمد صاحبنا وكان أسطورة في الزنازين ليقف المحققون عاجزين أمام عظمة إرادته ، ليحكموا عليه ثماني سنوات قضاها مبتسما لقضاء الله وحكمه،حُكم لتبدأ حكاية"الحقد" مع هذا " الرجل " ، ولكنّه قد جعل من سنوات سجنه منارا ، فكان أحد الذين تركوا بصمات واضحة لا يمكن محوها ، فقد كان حقا أحد فرسان الحركة الأسيرة وأحد أبرز أعلامها ورموزها .
عاد الريّان بعدها للسجن ثلاث مرات قضى فيها ثماني سنوات أخر ، وكُتب لي أن أحيا معه أياما طوال في قلعة الشهيد جمال منصور – سجن النقب الصحراوي - ، كثر هي المواقف التي ما زالت في ذاكرتي ولكنّي لن أنسى موقفا حدثني فيه عن بدايات الحركة الاسلامية، ومن العنوان يُفهم المقصود، فكل ولادة لا بد وأن يسبقها مخاض!! وأمّا عن مخاض ولادة حركتنا فقد كان عسيرا وشاقّا ، ولذلك ثبتت وصمدت، هناك قهرهم الريّان وهناك علّمهم عظمة القسّام مقابل عقدة النقص التي يعانون، فالحكاية بينهما قديمة قديمة، ليست وليدة اليوم ، هي حكاية الحقّ مع الباطل من أوّل الزمان، " في ال1989 تجمّعت قوى منظمة التحرير وأجمعوا أمرهم بينهم على القضاء على حماس في –غرب رام الله – وهذا يحتّم القضاء على أربعة رؤوس كان الريّان ثالثها في القائمة ، كان يمشي طريقا طويلة مقطوعة ليصل بيته وهناك جاءته الخفافيش ليلا ليأكدّوا على نسبهم بـ"جسّاس بن مرة" ، جابههم الريّان وحده متسلحا بإيمانه بالله عزّوجلّ وبتوكله عليه ، هناك علمّهم الريّان كيف استطاع " خنجر " القسّام بمعية الله هزيمة جيش مدجج من أبناء الغلّابة ومن حالفهم من قوى منظمة " التحرير " .. وأمّا الفصل الدامي في هذه الحكاية فقد روته دموع الريّان لا كلماته .. هناك في النقب بكى الريّان وهو يستحضر قصة رفيق الدرب الشيخ الشهيد - جمال عاصي- الذي استشهد بتاريخ 21/08/1989 حرقا " بالموليتوف " على يدّ أبناء الغلّابة وحلفائهم حيث كان يحتلّ المرتبة الرابعة بعد الريّان ! ! " .
أمضى الريّان خمسة عشر عاما من سنواته الأربعين مسجونا، كان فيها علما من أعلام الحركة الأسيرة ، كان ممثلا اعتقاليا أينما حلّ وارتحل.. عُرف عنه حنكته السياسية في التعامل مع الإدارة جنبا إلى جنب مع شراسته التي كانت تُلمس من دفاعه المستميت عن قضايا الأسرى وهمومهم، كان محطّ ثقة الجميع وحبّه، طالما قسى على أبناء الحماس ليفرح غيرهم من أبناء الفصائل الأخرى .. هذه أشهد بها أمام الله وأمام الجميع .. كان يقدّم الجميع بلا استثناء على حماس حتى لا يُتهم بالانحياز و"التعنصر" ... طالما خدمهم وعاش من أجلهم سنوات طوال فكافأوه بأن اختطفوه!! حقا هم "الجدد" الذين لا يحكمهم دين ولا تضبطهم أخلاق ولا يسيّرهم عرف أو قانون !!
باتت " السقاطة " معلما أساسيا من معالم " الغلّابة " ، ولكن ما توقعنا أن تبلغ سقاطتهم حدّ اختطاف " الريّان " .. الريّان أوّل الجهاد وأوّل العمليات وأوّل القسّام .. الريّان أوّل من قدم روحه ودمه وأرخصهما ليحيوا – هم – ، هذا حال " سقاطتهم " ، وأمّا عن نذالتهم فقد بلغت حدّا كبيرا لا يمكن وصفه فقد أقدموا على اختطاف الريّان – ممثل الأسرى - في يوم الأسير الفلسطيني !! ومع بداية إضراب الأسرى عن الطعام!! حقا هم " الجدد " ولكنّ اللوم يبقى على " الأصلاء " ..حتى وإن خان " الدخلاء " .. فقد حان وقت رد الجميل للريّان .. ولأصحاب الريّان .. ولقسّام الريّان .. حقا لقد حان .. قد حان وقت رد الجميل .. قد حان وقت رد الجميل ! ! !
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية