العقوبات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية لما بعد الانتخابات
د.عدنان أبو عامر
لم يتقاضَ الموظفون الفلسطينيون رواتبهم الكاملة للشهر الثاني على التوالي بعد تجميد إسرائيل يوم 3/1، لـ500 مليون شيكل، ما يقارب 127 مليون دولار، من عائدات الضرائب الفلسطينية، رداً على تقديم السلطة طلباً للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية.
ردود الفعل الفلسطينية على القرار الإسرائيلي جاءت غاضبة، فقد هدد صائب عريقات كبير المفاوضين يوم 4/1 بتفكيك السلطة في حال استمرت اسرائيل بحجب الأموال الضريبية عنها، بوصفه عقاباً جماعياً للفلسطينيين، رغم أن إسرائيل تتقاضى 3% من قيمة الأموال التي تجبيها ضرائب على البضائع.
التهديد الفلسطيني المتكرر بحل السلطة أو تفكيكها عبارة دعائية ليس أكثر، فالسلطة لا تملك قرار حل نفسها، لأن وجودها يخدم الأمن الإسرائيلي، وإسرائيل لن تسمح بانهيارها، بدليل أنه في ذروة القطيعة بينهما فإن تنسيقهما الأمني يجري على قدم وساق لملاحقة عدوهما المشترك حماس، ويعلمان أن تراجع التنسيق يعني عودة العمليات الفدائية ضد الجيش والمستوطنين.
الملاحظ أن هذه الردود تأتي في إطار الاستنكار الإعلامي والتنديد الدعائي دون ترجمتها على أرض الواقع، مع ضيق الخيارات الفلسطينية، وعدم توفر بدائل أمامهم، نظراً للتحكم الإسرائيلي في أوضاعهم من جهة، والانقسام الفلسطيني من جهة أخرى، والانشغال العربي وعدم توفر إسناد إقليمي ودولي لهم من جهة ثالثة، مما يمنح إسرائيل حرية كاملة في معاقبتهم كما تشاء.
وكان لافتاً ألا تعلن حماس موقفاً بشأن تجميد إسرائيل لأموال السلطة، خاصة وأن موظفيها في غزة يعانون منذ 8 أشهر من عدم تلقيهم رواتبهم بسبب رفض حكومة التوافق الاعتراف بهم، رغم أن بعض متحدثيها شكك في إعلان السلطة عجزها عن توفير رواتب موظفيها، وهي تفتعل الأزمة المالية لأسباب سياسية وإعلامية للضغط على المانحين، وإبراز أن موظفي الضفة وغزة يعانون ذات المعاناة، مع أن بإمكانها تحويل بعض نفقات الوزارات التشغيلية إلى بند الرواتب.
وفور صدور القرار الإسرائيلي بتجميد أموال الضرائب الفلسطينية، بدأت السلطة تبحث عن حلول مالية إجرائية تتعلق بتفكيك الأزمة المالية، وأعلنت أنها ستتجه لطلب تفعيل شبكة الأمان العربية في حال استمر تجميد أموال الضرائب، وهو ما ناقشه الرئيس عباس ورئيس الحكومة الحمد الله مع المسئولين العرب عقب القرار الإسرائيلي.
المهم أن السلطة تهدد بأنها على حافة الانهيار، لعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، ووضعها المالي صعب جدا، وإذا استمر هذا الوضع، فقد لا يكون لديها وقود في سيارات الأمن للحفاظ على النظام، ويبدأ الموظفون بالتسرب لقطاعات وظيفية أخرى.
كاتب السطور اطلع على تقرير لديوان الموظفين الفلسطيني، ذكر أن الأموال التي تجمدها إسرائيل بين عام وآخر تشكل رواتب القطاع الحكومي لـ160 ألف موظف يتلقون رواتب منتظمة، ومستفيدين من ذوي الشهداء والأسرى والحالات الاجتماعية الفقيرة يحصلون على إعانات دورية كل 3 شهور فقط، ليصل إجمالي المستفيدين منها 200 ألف فلسطيني.
وفي محاولة لإدارة الأزمة المالية عقب استمرار إسرائيل باحتجاز أموال الضرائب، أعلنت الحكومة صرف 60% من رواتب الموظفين، لأن الدخل المحلي الشهري للسلطة يبلغ 200 مليون شيكل، قرابة 50 مليون دولار، وقيمة الفاتورة الشهرية لرواتب الموظفين 850 مليون شيكل، 215 مليون دولار، ما يعني أن السلطة تعتمد على المساعدات والمنح لتغطية العجز المالي القائم.
فيما اضطرت السلطة للاستدانة من البنوك المحلية لدفع60%من الرواتب، والـ40% المتبقية منها ستصرفها فور توفر السيولة الكافية.
وقد اتخذت السلطة الفلسطينية بعض السيناريوهات للتخفيف من آثار تجميد أموال الضرائب تمثلت بمنح صغار الموظفين رواتب كاملة تقل عن 2000 شيكل، 500 دولار، وذوي الرواتب العالية تصرف 60% من الراتب كلما ارتفعت قيمته.
ومع ذلك، فقد أثرت هذه الخطوة بمنح 60% من رواتب الموظفين على مجمل الحركة الشرائية في الأراضي الفلسطينية، وبدل أن يتم إيجاد حل لأكثر من 40 ألف موظف من حكومة حماس السابقة ممن لا يتلقون رواتب نهائياً، أضيف إليهم جيش من الموظفين يقدر عددهم بـ160 ألفاً باتوا يتلقون نصف راتب!
أخيراً.. تبدو السلطة على قناعة بأن أزمة احتجاز أموال الضرائب لن تحصل فيها انفراجة قريبة حتى انتهاء انتخابات إسرائيل أواسط مارس القادم، وأي تراجع من قبل الحكومة الإسرائيلية في خطوتها ضد السلطة يعني دعاية انتخابية للمنافسين في معسكر اليمين، وهو ما لن يسمح به "نتنياهو".
ولذلك سيبقى الوضع الفلسطيني مرشحاً لمزيد من التأزم الاقتصادي والتدهور المعيشي إلى حين تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة أوائل مايو القادم، وهي فترة زمنية طويلة لا يضمن أحد نتائجها الصعبة على الواقع الفلسطيني الذي يعيش ضائقة اقتصادية متفاقمة في جميع المجالات.
د.عدنان أبو عامر
لم يتقاضَ الموظفون الفلسطينيون رواتبهم الكاملة للشهر الثاني على التوالي بعد تجميد إسرائيل يوم 3/1، لـ500 مليون شيكل، ما يقارب 127 مليون دولار، من عائدات الضرائب الفلسطينية، رداً على تقديم السلطة طلباً للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية.
ردود الفعل الفلسطينية على القرار الإسرائيلي جاءت غاضبة، فقد هدد صائب عريقات كبير المفاوضين يوم 4/1 بتفكيك السلطة في حال استمرت اسرائيل بحجب الأموال الضريبية عنها، بوصفه عقاباً جماعياً للفلسطينيين، رغم أن إسرائيل تتقاضى 3% من قيمة الأموال التي تجبيها ضرائب على البضائع.
التهديد الفلسطيني المتكرر بحل السلطة أو تفكيكها عبارة دعائية ليس أكثر، فالسلطة لا تملك قرار حل نفسها، لأن وجودها يخدم الأمن الإسرائيلي، وإسرائيل لن تسمح بانهيارها، بدليل أنه في ذروة القطيعة بينهما فإن تنسيقهما الأمني يجري على قدم وساق لملاحقة عدوهما المشترك حماس، ويعلمان أن تراجع التنسيق يعني عودة العمليات الفدائية ضد الجيش والمستوطنين.
الملاحظ أن هذه الردود تأتي في إطار الاستنكار الإعلامي والتنديد الدعائي دون ترجمتها على أرض الواقع، مع ضيق الخيارات الفلسطينية، وعدم توفر بدائل أمامهم، نظراً للتحكم الإسرائيلي في أوضاعهم من جهة، والانقسام الفلسطيني من جهة أخرى، والانشغال العربي وعدم توفر إسناد إقليمي ودولي لهم من جهة ثالثة، مما يمنح إسرائيل حرية كاملة في معاقبتهم كما تشاء.
وكان لافتاً ألا تعلن حماس موقفاً بشأن تجميد إسرائيل لأموال السلطة، خاصة وأن موظفيها في غزة يعانون منذ 8 أشهر من عدم تلقيهم رواتبهم بسبب رفض حكومة التوافق الاعتراف بهم، رغم أن بعض متحدثيها شكك في إعلان السلطة عجزها عن توفير رواتب موظفيها، وهي تفتعل الأزمة المالية لأسباب سياسية وإعلامية للضغط على المانحين، وإبراز أن موظفي الضفة وغزة يعانون ذات المعاناة، مع أن بإمكانها تحويل بعض نفقات الوزارات التشغيلية إلى بند الرواتب.
وفور صدور القرار الإسرائيلي بتجميد أموال الضرائب الفلسطينية، بدأت السلطة تبحث عن حلول مالية إجرائية تتعلق بتفكيك الأزمة المالية، وأعلنت أنها ستتجه لطلب تفعيل شبكة الأمان العربية في حال استمر تجميد أموال الضرائب، وهو ما ناقشه الرئيس عباس ورئيس الحكومة الحمد الله مع المسئولين العرب عقب القرار الإسرائيلي.
المهم أن السلطة تهدد بأنها على حافة الانهيار، لعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، ووضعها المالي صعب جدا، وإذا استمر هذا الوضع، فقد لا يكون لديها وقود في سيارات الأمن للحفاظ على النظام، ويبدأ الموظفون بالتسرب لقطاعات وظيفية أخرى.
كاتب السطور اطلع على تقرير لديوان الموظفين الفلسطيني، ذكر أن الأموال التي تجمدها إسرائيل بين عام وآخر تشكل رواتب القطاع الحكومي لـ160 ألف موظف يتلقون رواتب منتظمة، ومستفيدين من ذوي الشهداء والأسرى والحالات الاجتماعية الفقيرة يحصلون على إعانات دورية كل 3 شهور فقط، ليصل إجمالي المستفيدين منها 200 ألف فلسطيني.
وفي محاولة لإدارة الأزمة المالية عقب استمرار إسرائيل باحتجاز أموال الضرائب، أعلنت الحكومة صرف 60% من رواتب الموظفين، لأن الدخل المحلي الشهري للسلطة يبلغ 200 مليون شيكل، قرابة 50 مليون دولار، وقيمة الفاتورة الشهرية لرواتب الموظفين 850 مليون شيكل، 215 مليون دولار، ما يعني أن السلطة تعتمد على المساعدات والمنح لتغطية العجز المالي القائم.
فيما اضطرت السلطة للاستدانة من البنوك المحلية لدفع60%من الرواتب، والـ40% المتبقية منها ستصرفها فور توفر السيولة الكافية.
وقد اتخذت السلطة الفلسطينية بعض السيناريوهات للتخفيف من آثار تجميد أموال الضرائب تمثلت بمنح صغار الموظفين رواتب كاملة تقل عن 2000 شيكل، 500 دولار، وذوي الرواتب العالية تصرف 60% من الراتب كلما ارتفعت قيمته.
ومع ذلك، فقد أثرت هذه الخطوة بمنح 60% من رواتب الموظفين على مجمل الحركة الشرائية في الأراضي الفلسطينية، وبدل أن يتم إيجاد حل لأكثر من 40 ألف موظف من حكومة حماس السابقة ممن لا يتلقون رواتب نهائياً، أضيف إليهم جيش من الموظفين يقدر عددهم بـ160 ألفاً باتوا يتلقون نصف راتب!
أخيراً.. تبدو السلطة على قناعة بأن أزمة احتجاز أموال الضرائب لن تحصل فيها انفراجة قريبة حتى انتهاء انتخابات إسرائيل أواسط مارس القادم، وأي تراجع من قبل الحكومة الإسرائيلية في خطوتها ضد السلطة يعني دعاية انتخابية للمنافسين في معسكر اليمين، وهو ما لن يسمح به "نتنياهو".
ولذلك سيبقى الوضع الفلسطيني مرشحاً لمزيد من التأزم الاقتصادي والتدهور المعيشي إلى حين تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة أوائل مايو القادم، وهي فترة زمنية طويلة لا يضمن أحد نتائجها الصعبة على الواقع الفلسطيني الذي يعيش ضائقة اقتصادية متفاقمة في جميع المجالات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية