الغارة الصهيونية على سوريا الأسباب والتداعيات ... بقلم : ياسين عز الدين

الجمعة 01 فبراير 2013

الغارة الصهيونية على سوريا الأسباب والتداعيات

ياسين عز الدين

بعد مرور أقل من يومين على تهديد الكيان الصهيوني بضرب سوريا في حال وقع السلاح الكيماوي السوري بيد الثوار أو حزب الله نفذ طيران الاحتلال غارة على هدف قرب الحدود مع لبنان، قالت الصحافة الصهيونية والأمريكية أنه استهدف قافلة كانت تنقل سلاحًا متطورًا مضادًا للطيران من سوريا إلى لبنان فيما قالت الحكومة السورية أنه استهدف مركز أبحاث.

وأيًا ما كان الهدف فهذا يؤكد على أن الكيان الصهيوني بدأ باستغلال الوضع في سوريا من أجل ضرب مراكز عسكرية استراتيجية تهدد أمنه، ويتساءل المرء عن هدف الصهاينة من التدخل في سوريا؟ هل يريدون دعم الثوار أم يريدون دعم النظام؟ أم لهم أهداف أخرى؟ وإلى أين ممكن أن يسير الصهاينة في مشروعهم؟

للأسف أغلب التحليلات والكلام الذي يتناقله الإعلام حول موقف الصهاينة من سوريا هو مبني على أحكام مسبقة ومواقف أيديولوجية تحاول تجيير عداء الكيان لصالح هذا الطرف أو ذاك في الصراع بين الثوار والنظام الأسدي.

فمن ناحية يصر مؤيدو النظام على تصوير الثورة على أنها بأكملها مؤامرة على الممانعة والمقاومة ودعم النظام للمقاومة ضد المحتل الصهيوني، وفي المقابل هنالك تقليد لهذا الأسلوب عند بعض مؤيدي الثورة من خلال الإصرار على أن المحتل الصهيوني يفضل النظام السوري ويدعمه، وأنهما حلفاء بالسر بل حتى يذهب البعض للقول أن هنالك مؤامرة سرية بين الجانبين.

طبعًا الصهاينة لا يفضلون انتصار النظام لأنه سيء بالنسبة لهم، ولا يريدون انتصار الثورة لأنه خيار أكثر سوءا لهم، فالنظام وإن كان يعادي الكيان ويدعم المقاومة فهو قد أورث سوريا تخلفًا سياسيًا وماليًا واجتماعيًا وهذا أورثها ضعفًا في مواجهة الاحتلال، فبزوال النظام ومجيء نظام يسعى لمصلحة الشعب السوري وتطويره، فهذا سيقوي سوريا، وبما أن موقف الثوار مثل موقف جميع السوريين هو العداء للكيان الصهيوني فهذا سيء للصهاينة وخاصة على المدى المتوسط والبعيد.

إذن ما الذي يريده الصهاينة من سوريا؟ هنالك خياران يفضلهما الكيان: الأول هو تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية تتحارب فيما بينها وتضعف قوة سوريا في مواجهة الكيان الصهيوني، والثاني تفتت سوريا وانهيار الدولة بأكملها، وهذا خيار أقل تفضيلًا لأنه سيقود لعدم استقرار على الحدود مع الجولان وحدوث عمليات للمقاومة السورية والفلسطينية ضد المحتل الصهيوني، لكنه سيبقى تهديدًا محدودًا وقصير المدى لأن الحرب الأهلية ستدمر كل مقومات المقاومة في سوريا.

وهنا يجب أن ندرك حقيقة أن الصهاينة ينظرون لنا كلنا على أننا عدو: سواء كان الثوار أو الأسد أو حماس أو عباس أو الفلسطينيين أو الباكستانيين، كلنا في النهاية عرب ومسلمون عدو لهم، ولا يفرقون بيننا كثيرًا، إلا في تكتيكاتهم ولعبهم على انقساماتنا.

أكثر ما يخيف الصهاينة هو السلاح الكيماوي السوري والأسلحة المتطورة التي يمتلكها النظام، لأنها تشكل تهديدا استراتيجيا على الكيان، ولا شك أن استمرار الوضع الحالي في سوريا بشكل أطول واستخدام النظام لهذا السلاح ضد الشعب السوري يريح بال الصهاينة، لكن ماذا بالنسبة للسلاح الذي لن يستخدم؟ سيبقى رصيدًا للشعب السوري بعد رحيل النظام أو سيتم تهريبه لحزب الله (كما يخشى الصهاينة)، وفي كلتا الحالتين سيبقى تهديدًا طويل الأمد للكيان الصهيوني، وهذا ما لا يريدونه.

طبعا في ظل تخاذل العالم كله (وبالأخص الغرب) بنصرة الشعب السوري، فإن أحدًا لن يستطيع الإملاء على الثوار السوريين أي شيء بخصوص هذا السلاح المتطور بعد انتهاء الثورة، وسيدير الثوار ظهرهم لأمريكا وأوروبا الذين وقفوا يتفرجون على المجزرة التي تحصل هذه الأيام في سوريا.

ومن المؤكد أن أحد أهم أسباب تخاذل الأمريكان والغرب عن دعم الثورة السورية هو بحثهم عن ضمانات لأمن الكيان الصهيوني يأخذونها من الثوار، ولحد الآن لم يأخذوا شيئًا يريح بالهم فيلجأون للخيار الآخر وهو ترك سوريا تغرق في حرب تحرق الأخضر واليابس، وعندما تنتهي الثورة فستحتاج لسنوات طويلة حتى تعيد بناء نفسها، وبذلك يشترون أمنًا للكيان الصهيوني.

في ظل هذه المعادلات يريد الصهاينة استغلال الوضع من أجل ضرب مواقع السلاح الكيماوي والأسلحة المتطورة (مثل مضادات الطيران المتطورة) وتدمير أكبر قدر منها، حتى لا تبقى على الأرض لأن النظام زائل وزواله قريب، وإن زال النظام وهذه الأسلحة موجودة فسيكون الصهاينة قد ضيعوا فرصة ذهبية لا تعوض (كما يؤمنون ويعتقدون).

قد يقول قائل إن هذه الضربات تقوي الثوار على حساب النظام، ونرد بالقول إن الصهاينة لا يستهدفون سوى السلاح الاستراتيجي الذي يهدد الكيان وتأثير ضرباتهم معدوم على الميدان في سوريا، لأنّ هذه أسلحة لا مجال لاستخدامها ضد الثوار (فالصواريخ المضادة للطيران لن تستخدم لأنه لا طائرات لدى الثوار، ومركز الأبحاث لا دور له في الحرب ضد الثوار)، ولأن فجوة التسلح تبقى كبيرة بين النظام والثوار، وقوة الثوار تكمن في الانشقاقات داخل الجيش وتآكله من الداخل وهذا يعني سقوط كل هذه الأسلحة بيد الثوار بنهاية المطاف، وهذا ما يقلق الكيان ولهذا يجب أن نتوقع المزيد من الضربات المماثلة كلما اقتربت لحظة سقوط النظام.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية