الفوضى الخلاقة وشرق أوسط جديد
أدهم أبو سلمية
مما لا شك فيه أن مصطلح " الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير " ليس وليد الربيع العربي الذي شهد التحولات الكبرى في المنطقة ولا زالت تداعياته متواصلة حتى اليوم.
" فالفوضى الخلاقة" هي نتاج سنوات من التحليل والترتيب والتخطيط في أروقة السياسة الأمريكية، التي كانت تفكر بشكل جدي طوال عقدين من الزمن، بإحداث تغيرات كبرى في المنطقة خاصة بعد اجتياح العراق للكويت، ففي الشهور الفاصلة بين غزو الكويت وتحريرها، قال جورج شولتز وزير الخارجية الأميركية الأسبق:" إن منطقة الشرق الأوسط ستشهد زلازل وتحولات مثل التي شهدتها أوروبا الشرقية، وهي تحولات ستكون بديلا لـ(الأفكار البالية) التي حكمت المنطقة عقودا أو قرونا".
لكن أمريكا وضعت خطتها على سلم الانتظار لأنها كانت ترى نفسها في عز قوتها، وقادرة على تحقيق مصالحها من الزعامات العربية التي قدمت الولاء والبراء للبيت الأبيض، وشعوب عربية مكلومة غير قادرة على رفع رأسها أمام سطوة الحاكم وجبروته. حتى جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة " كوندليزا رايس" عام 2008م، لتكون أول مسئول أمريكي يرفع عصى التغيير والفوضى في وجه الزعامات العربية، يوم شعرت أن قوة أمريكا باتت مهددة خاصة في اقتصادها الذي يشهد تدهوراً ملحوظاً.
بقي شعار " الفوضى الخلاقة " مرفوعاً، لكن أمريكا لم تفكر في استخدامه، حتى جاءت الثورات العربية فتفجرت المنطقة على غير ما كان يخطط الغرب، الأمر الذي أربك كل الحسابات، فتدافعت الأنظمة الغربية وعلى رأسها أمريكا لدراسة حقيقة ما يحدث وأين تسير المنطقة في ظل ثورة الشعوب المقهورة.
أدرك الغرب أنه أمام ثورة شعب، رفض الذل والهوان، وقرر الانتقام من حاكم ظالم، فما كان من أمريكا إلا استيعاب الصدمة، والإدعاء بأنها إلي جانب الشعوب في تقرير مصيرها والبحث عن حريتها، وبقي الغرب بكل دوائره السياسية والمخابراتية يترقب الإفرازات الجديدة لهذه الثورات، فإذا بالإسلاميين من السجون إلي سدة الحكم يدفعهم الناس دفعاً في لحظة فارقة في التاريخ المعاصر.
وهنا وجد الغرب وعلى رأسهم أمريكا أنفسهم أمام شرق أوسط جديد لكنه ليس على المقاس والترتيب الأمريكي، وجدت أمريكا نفسها أمام حكومات وزعامات عربية تضع مصلحة الشعوب على سلم أولوياتها، تضع حرية الإنسان، وحرية القرار العربي، ورفض التبعية للغرب، كخيار غير قابل للنقاش أو التسويف، فباتت مصالح الغرب مهددة، وأمن إسرائيل لم يعد مكفولاً كما كان في السابق، والشعوب العربية تطالب بتحرير فلسطين.
وأمام هذا المشهد العربي الجديد، ما كان أمام أمريكا إلا استغلال حالة الانقسام الاجتماعي الذي أعقبته الثورات، كإفراز طبيعي بين مؤيد للنظام السابق ومعارض له، كذلك استخدام أنظمة عربية باتت تتحسس كراسيها التي أوشكت على السقوط، فراحت تضرب الإسلاميين بلا هوادة، وتنفق الأموال بلا حساب على شعوب الثورات وفق خطة " الفوضى الخلاقة " التي قررت أمريكا الدفع بها للمنطقة من جديد، مستفيدة من غضب " الفلول " على شعوب طالبت بالحرية، والأموال العربية التي يخشى أصحابها سقوط عروشهم.
إن ما يحدث في مصر وتونس واليمن وليبيا اليوم، يأتي في هذا السياق، لذلك فإن قادم الأيام قد يكون أصعب بكثير مما سبق، لكن المستقبل يبشر أنها الضربة القاضية لمن يريدون حرق البلاد والعباد، والدفع بالمنطقة نحو المجهول.
وأمام هذه " الفوضى " التي تعصف بدول " الربيع العربي" فإن المطلوب بشكل واضح أن يجتمع العقلاء والحكماء والحريصون على مصلحة الوطن على قلب رجل واحد، وأن يترفع الجميع عن الصغائر، وأن يدرك الجميع مسئولياته الحقيقية في هذه اللحظة التاريخية، حتى يتمكن قارب الوطن والحرية من النجاة، وإلا فإن الجميع سيغرق في بحر " الفوضى " التي تنتهي بعودة أوطاننا إلي العصور الوسطى وهو ما يخطط له الغرب، ليسرق ما تبقى من ثروات في أوطاننا، ولتفرح إسرائيل بدولتها الكبرى.
أدهم أبو سلمية
مما لا شك فيه أن مصطلح " الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير " ليس وليد الربيع العربي الذي شهد التحولات الكبرى في المنطقة ولا زالت تداعياته متواصلة حتى اليوم.
" فالفوضى الخلاقة" هي نتاج سنوات من التحليل والترتيب والتخطيط في أروقة السياسة الأمريكية، التي كانت تفكر بشكل جدي طوال عقدين من الزمن، بإحداث تغيرات كبرى في المنطقة خاصة بعد اجتياح العراق للكويت، ففي الشهور الفاصلة بين غزو الكويت وتحريرها، قال جورج شولتز وزير الخارجية الأميركية الأسبق:" إن منطقة الشرق الأوسط ستشهد زلازل وتحولات مثل التي شهدتها أوروبا الشرقية، وهي تحولات ستكون بديلا لـ(الأفكار البالية) التي حكمت المنطقة عقودا أو قرونا".
لكن أمريكا وضعت خطتها على سلم الانتظار لأنها كانت ترى نفسها في عز قوتها، وقادرة على تحقيق مصالحها من الزعامات العربية التي قدمت الولاء والبراء للبيت الأبيض، وشعوب عربية مكلومة غير قادرة على رفع رأسها أمام سطوة الحاكم وجبروته. حتى جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة " كوندليزا رايس" عام 2008م، لتكون أول مسئول أمريكي يرفع عصى التغيير والفوضى في وجه الزعامات العربية، يوم شعرت أن قوة أمريكا باتت مهددة خاصة في اقتصادها الذي يشهد تدهوراً ملحوظاً.
بقي شعار " الفوضى الخلاقة " مرفوعاً، لكن أمريكا لم تفكر في استخدامه، حتى جاءت الثورات العربية فتفجرت المنطقة على غير ما كان يخطط الغرب، الأمر الذي أربك كل الحسابات، فتدافعت الأنظمة الغربية وعلى رأسها أمريكا لدراسة حقيقة ما يحدث وأين تسير المنطقة في ظل ثورة الشعوب المقهورة.
أدرك الغرب أنه أمام ثورة شعب، رفض الذل والهوان، وقرر الانتقام من حاكم ظالم، فما كان من أمريكا إلا استيعاب الصدمة، والإدعاء بأنها إلي جانب الشعوب في تقرير مصيرها والبحث عن حريتها، وبقي الغرب بكل دوائره السياسية والمخابراتية يترقب الإفرازات الجديدة لهذه الثورات، فإذا بالإسلاميين من السجون إلي سدة الحكم يدفعهم الناس دفعاً في لحظة فارقة في التاريخ المعاصر.
وهنا وجد الغرب وعلى رأسهم أمريكا أنفسهم أمام شرق أوسط جديد لكنه ليس على المقاس والترتيب الأمريكي، وجدت أمريكا نفسها أمام حكومات وزعامات عربية تضع مصلحة الشعوب على سلم أولوياتها، تضع حرية الإنسان، وحرية القرار العربي، ورفض التبعية للغرب، كخيار غير قابل للنقاش أو التسويف، فباتت مصالح الغرب مهددة، وأمن إسرائيل لم يعد مكفولاً كما كان في السابق، والشعوب العربية تطالب بتحرير فلسطين.
وأمام هذا المشهد العربي الجديد، ما كان أمام أمريكا إلا استغلال حالة الانقسام الاجتماعي الذي أعقبته الثورات، كإفراز طبيعي بين مؤيد للنظام السابق ومعارض له، كذلك استخدام أنظمة عربية باتت تتحسس كراسيها التي أوشكت على السقوط، فراحت تضرب الإسلاميين بلا هوادة، وتنفق الأموال بلا حساب على شعوب الثورات وفق خطة " الفوضى الخلاقة " التي قررت أمريكا الدفع بها للمنطقة من جديد، مستفيدة من غضب " الفلول " على شعوب طالبت بالحرية، والأموال العربية التي يخشى أصحابها سقوط عروشهم.
إن ما يحدث في مصر وتونس واليمن وليبيا اليوم، يأتي في هذا السياق، لذلك فإن قادم الأيام قد يكون أصعب بكثير مما سبق، لكن المستقبل يبشر أنها الضربة القاضية لمن يريدون حرق البلاد والعباد، والدفع بالمنطقة نحو المجهول.
وأمام هذه " الفوضى " التي تعصف بدول " الربيع العربي" فإن المطلوب بشكل واضح أن يجتمع العقلاء والحكماء والحريصون على مصلحة الوطن على قلب رجل واحد، وأن يترفع الجميع عن الصغائر، وأن يدرك الجميع مسئولياته الحقيقية في هذه اللحظة التاريخية، حتى يتمكن قارب الوطن والحرية من النجاة، وإلا فإن الجميع سيغرق في بحر " الفوضى " التي تنتهي بعودة أوطاننا إلي العصور الوسطى وهو ما يخطط له الغرب، ليسرق ما تبقى من ثروات في أوطاننا، ولتفرح إسرائيل بدولتها الكبرى.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية