القدس في عيون الأمة ... بقلم :د. أيمن أبو ناهية

الثلاثاء 25 نوفمبر 2014

القدس في عيون الأمة



د. أيمن أبو ناهية


لقد حان الوقت لتعبر الشعوب العربية والإسلامية عن مواقفها إزاء ما يحدث للقدس والأقصى من انتهاكات وتهويد وحفريات، فلا يعقل أن تتواصل ممارسات الاحتلال الاستفزازية هذه في ظل حالة الصمت المريب، والدعوة للرجوع إلى طاولة المفاوضات، التي تعطي الاحتلال مزيدًا من الوقت ليواصل تنفيذ مخططاته الخفية والعلنية من اعتداءات واستفزازات وتهويد وتشريد وحفر وهدم واستيطان وقتل واعتقال يومي.

دول مختلفة أطلقت دعوات تحذر الاحتلال من مواصلة ممارساته ضد المقدسيين ومنازلهم وأعمال الهدم التي يقوم بها، والإجراءات التصعيدية الأخرى كإقامة الحواجز في الأحياء الفلسطينية، والتضييق على المواطنين، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، وكان صوت الاتحاد الأوروبي عاليًا في هذا المجال في بيان التحذير الذي أصدرته الدول الخمس الأكبر فيه ودعت إلى وقف ممارساته هذه؛ لكن كان جواب نتنياهو تسليح المتطرفين في القدس، وتشديد القبضة الحديدية على المقدسيين، ولا يزال مصممًا على تحويل المدينة عاصمة لكيانه، أما موفاز فطالب بنشر شبكات استخبارية في مدينة القدس، وآخر من المتطرفين يطالب بترحيل كل ما هو فلسطيني من المدينة، كل هذه الحلول العدائية لم تسهم في وقف انتفاضة الغضب بالقدس المحتلة.

ففي ظل التطورات المتلاحقة في القدس المحتلة، واستمرار الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، وخصوصًا استهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية، وآخرها اقتحام المستوطنين المتطرفين المسجد الأقصى، ومحاولات حكومة نتنياهو تقسيم المسجد زمانيًّا ومكانيًّا تمهيدًا للاستيلاء عليه وهدمه لبناء الهيكل المزعوم مكانه؛ تصاعدت عمليات المقاومة الفلسطينية في القدس وتصدي المقدسيين للهجمة على المسجد، ما أشعل فتيل انتفاضة ثالثة، في الوقت نفسه شهدت العواصم العربية والإسلامية والغربية احتجاجات غاضبة على ما يحدث في القدس من تهويد وحفريات وتهجير وقتل متعمد، واعتداء مستمر على المسجد الأقصى.

التاريخ يعيد نفسه من مسلسل استفزازات الاحتلال بمدينة القدس، حيث تكمن خطورة هذا التصعيد بانتهاك حرمة المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى, ما أشعل شرارة انتفاضة القدس التي لا يعلم أحد مدى انعكاساتها على المنطقة؛ فالأقصى خط أحمر ليس فقط عند الشعب الفلسطيني بل عند الأمتين العربية والإسلامية، فما تأكد أن المسجد الأقصى هو قرة عين كل عربي ومسلم، وهذا ما سمعناه من رئيس وزراء تركيا أحمد داود أغلو من أن الاعتداء على الأقصى هو اعتداء على تركيا، وهذا ما سمعناه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هذه المواقف تعكس حقيقة أن المسجد الأقصى ليس وحيدًا، وهو ما رأيناه في عقد المؤتمرات العربية الثلاثة (المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية)، بمشاركة أبناء الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم لدعم انتفاضة القدس، وإعلان 29 نوفمبر من كل عام يومًا عالميًّا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ويومًا للغضب العربي والعالمي للتضامن مع القدس والأقصى.

وشهدت مدينة رام الله مؤتمر الهيئات الدولية للتضامن مع شعبنا ثلاثة أيام متواصلة، وهذا مؤشر جديد على اتساع التضامن الدولي مع القضية الوطنية من جهة، ورفض لسياسة الاحتلال وممارساته من جهة أخرى، وهو يجيء مكملًا لموافقات عدد من البرلمانات الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
لقد بلغ استخفاف الاحتلال بالمسجد الأقصى مبلغه، ووصل إلى أبعد الحدود وتجاوز كل الخطوط الحمر، فكل مرة يقدم الاحتلال على فعلة وجريمة جديدة يستفز بها مشاعر العرب والمسلمين، الاعتداءات المستمرة على المقدسات والقتل المتعمد للمقدسيين.

ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان مجددًا ما حدث في الأقصى عام 2000م من مواجهات راح ضحيتها العشرات دفاعًا عن الأقصى، عندما أقدم المجرم شارون _ومعه عصابات سفك الدماء من الشرطة والجنود والمخابرات الصهيونية المدججة بالسلاح_ على اقتحام المسجد الأقصى تحت حجج وادعاءات وافتراءات كاذبة بزيارة "الهيكل المزعوم" الذي لا وجود له إطلاقًا فوق ولا تحت الأرض.

وقد تسبب هذا التصعيد الخطير حينها في إشعال الأراضي الفلسطينية فيما عرف بـ"انتفاضة الأقصى"، بعد أن منيت مفاوضات التسوية في (كامب ديفيد) بالفشل، الذي كان من أهم أسبابه طلب الاحتلال السيطرة الفعلية على المسجد الأقصى، ولم يقتنع بعدم أحقيته بذلك بل امتدت ممارساته حتى وصل الحال إلى محاولة الاعتداء على حرمة المسجد الأقصى المبارك.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية