القذافي إذ يستنجد بالصهاينة ويشتم السود الأفارقة
ياسر الزعاترة
في آخر حواراته التلفزيونية (مع محطة تركية يوم الأربعاء)، وفي سياق من استعطاف الغرب، وربما ابتزازه لكي يقف إلى جانبه ضد الثورة، حذر القذافي من أن السلام العالمي سينهار إذا انهار نظامه (البديل بحسب تحذيره هو تنظيم القاعدة)، ولم يتوقف هذه المرة عند التحذير من خطر الهجرة، والحديث بلغة عنصرية (أوروبا ستصبح سوداء إذا فتحت أبواب الهجرة عبر الحدود البحرية الليبية وطولها 2000 كيلو متر)، بل حذر هذه المرة الغرب من مغبة أن تنعكس حالة الاستقرار في ليبيا وتالياً الشرق الأوسط على "ما يسمى إسرائيل" بحسب تعبيره المستعار من أيام الثورية.
هذه المرة كان القذافي ذكياً بالضغط على الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة من خلال مصالح الحبيبة "إسرائيل"، في مرحلة وصل نفوذ اللوبي الصهيوني خلالها مستويات غير مسبوقة، ليس في الولايات المتحدة فحسب، وإنما في أهم الدول الأوروبية أيضاً.
وفيما نرجح أنه فقد الحد الأدنى من الحياء، إلا أننا لا نستبعد أنه لم يدرك أن الليبيين سيسمعون ما يقول، ومعهم الجماهير العربية التي طالما باعها الكثير من شعاراته الثورية، فقبل أسابيع فقط كان العقيد يطالب الفلسطينيين في الشتات بالزحف نحو فلسطين من خلال الحدود البرية، ومن خلال أساطيل بحرية لفرض عودتهم إلى ديارهم (الأرجح أنه فقد الحد الأدنى من الحياء).
لعله لم يدرك أيضاً أن الغرب ليس بهذا المستوى من الغباء لكي يقتنع بأن جماهير الشعب الليبي هي كوادر في تنظيم القاعدة، أو أن الجيش الذي انضم للثورة قد بايع أسامة بن لادن. ثم إنه لو كان بوسع الغرب أن يجهض ثورات الشعوب بهذه البساطة، لأجهض الثورة المصرية التي لا يختلف عاقلان على أنها أشد تأثيراً على الدولة العبرية من الثورة الليبية.
الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة كان الأكثر قلقاً ولا يزال من ثورات الشعوب العربية، ما نجح منها، وما يُتوقع أن يبدأ في التحرك خلال المرحلة المقبلة، ولا خلاف على أن ذلك كان خوفاً على مصالحه ومصالح الدولة العبرية في آن، لكنه تأكد أن قدرته على وقف الزحف الشعبي محدودة، فما كان منه سوى اختيار أهون الشرين بالانحياز اللاحق للشعوب خوفاً من موقفها التالي، لاسيما أن العالم يراقب موقفه، ولن يكون معقولاً أن ينحاز لحكام يقتلون شعوبهم، ولا يعرفون من الديمقراطية سوى الهياكل الخارجية.
في الثورة التونسية رأينا كيف وقف الغربيون إلى جانب النظام في البداية ثم غيروا الموقف عندما اقتنعوا بسقوطه الحتمي، وحدث ذلك في مصر، واليوم في ليبيا التي يتردد الموقف الغربي بين الوقوف إلى جانب الشعب، وبين الميل إلى بقاء النظام في ظل عدم اليقين حيال نتيجة المعركة. بل إن خطوة المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنوا أنها ستلاحق العقيد لم تكن إلا لدفعه نحو القتال حتى الرمق الأخير، خلافاً لحاله لو شعر بإمكانية النجاة على طريقة الرئيسين المصري والتونسي.
وفيما لا نحتاج إلى مزيد أدلة كي نتأكد من انتهازية الغرب وانحيازه المطلق للمصالح الصهيونية، بخاصة الولايات المتحدة، فإن السقوط هو سقوط العقيد الذي طالما باع الثورية على شعبه المسكين وأمتنا العربية والإسلامية، ولا تسأل عن إهانته المباشرة للأفارقة السود الذين هدد بهم الغرب، محذراً من أن أوروبا ستصبح سوداء بسبب هجرتهم، مع العلم أن من أفقرَ إفريقيا ودفع أبناءها إلى الهجرة هو الاستعمار الأوروبي المباشر، وبعده غير المباشر عبر دعم الحكام المستبدين والفاسدين ونهب الثروات.
ومع أن الدوائر الإسرائيلية لم تفصح عن طبيعة الاتصالات التي تجريها مع (سيف الإسلام) ولا طبيعة المساعدة التي تقدمها دولة الاحتلال لنظام العقيد، فإن مشهد التساقط المعلن لشعارات العقيد ومبادئه المعلنة واحدة إثر الأخرى على مذبح إرضاء الغرب والحفاظ على نظامه، هذا المشهد كان فاضحاً إلى حد كبير، مع أن ذلك لم يكن جديداً في واقع الحال، فمن قبل دفع العقيد ثروات الشعب الليبي من أجل الحصول على الرضا الغربي بعد عقود خاض خلالها مغامرات ثورية كانت في جوهرها أقرب إلى الجنون منها إلى الثورية العاقلة التي تؤثر في الأعداء.
سقط العقيد أمام الجميع، سقط بالبحث عن رضا الغرب عبر التلويح بأمن دولة العدو الصهيوني، لكنه بالنسبة إلينا كان ساقطاً منذ عقود، فمن يجوّع شعباً غنياً، ويسلب حريته ويهين كرامته ويحتقر عقله بكتاب تافه (الكتاب الأخضر) ثم ينقل البندقية من كتف إلى آخر طلباً للبقاء لا يستحق غير الازدراء.
هذه المرة كان القذافي ذكياً بالضغط على الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة من خلال مصالح الحبيبة "إسرائيل"، في مرحلة وصل نفوذ اللوبي الصهيوني خلالها مستويات غير مسبوقة، ليس في الولايات المتحدة فحسب، وإنما في أهم الدول الأوروبية أيضاً.
وفيما نرجح أنه فقد الحد الأدنى من الحياء، إلا أننا لا نستبعد أنه لم يدرك أن الليبيين سيسمعون ما يقول، ومعهم الجماهير العربية التي طالما باعها الكثير من شعاراته الثورية، فقبل أسابيع فقط كان العقيد يطالب الفلسطينيين في الشتات بالزحف نحو فلسطين من خلال الحدود البرية، ومن خلال أساطيل بحرية لفرض عودتهم إلى ديارهم (الأرجح أنه فقد الحد الأدنى من الحياء).
لعله لم يدرك أيضاً أن الغرب ليس بهذا المستوى من الغباء لكي يقتنع بأن جماهير الشعب الليبي هي كوادر في تنظيم القاعدة، أو أن الجيش الذي انضم للثورة قد بايع أسامة بن لادن. ثم إنه لو كان بوسع الغرب أن يجهض ثورات الشعوب بهذه البساطة، لأجهض الثورة المصرية التي لا يختلف عاقلان على أنها أشد تأثيراً على الدولة العبرية من الثورة الليبية.
الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة كان الأكثر قلقاً ولا يزال من ثورات الشعوب العربية، ما نجح منها، وما يُتوقع أن يبدأ في التحرك خلال المرحلة المقبلة، ولا خلاف على أن ذلك كان خوفاً على مصالحه ومصالح الدولة العبرية في آن، لكنه تأكد أن قدرته على وقف الزحف الشعبي محدودة، فما كان منه سوى اختيار أهون الشرين بالانحياز اللاحق للشعوب خوفاً من موقفها التالي، لاسيما أن العالم يراقب موقفه، ولن يكون معقولاً أن ينحاز لحكام يقتلون شعوبهم، ولا يعرفون من الديمقراطية سوى الهياكل الخارجية.
في الثورة التونسية رأينا كيف وقف الغربيون إلى جانب النظام في البداية ثم غيروا الموقف عندما اقتنعوا بسقوطه الحتمي، وحدث ذلك في مصر، واليوم في ليبيا التي يتردد الموقف الغربي بين الوقوف إلى جانب الشعب، وبين الميل إلى بقاء النظام في ظل عدم اليقين حيال نتيجة المعركة. بل إن خطوة المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنوا أنها ستلاحق العقيد لم تكن إلا لدفعه نحو القتال حتى الرمق الأخير، خلافاً لحاله لو شعر بإمكانية النجاة على طريقة الرئيسين المصري والتونسي.
وفيما لا نحتاج إلى مزيد أدلة كي نتأكد من انتهازية الغرب وانحيازه المطلق للمصالح الصهيونية، بخاصة الولايات المتحدة، فإن السقوط هو سقوط العقيد الذي طالما باع الثورية على شعبه المسكين وأمتنا العربية والإسلامية، ولا تسأل عن إهانته المباشرة للأفارقة السود الذين هدد بهم الغرب، محذراً من أن أوروبا ستصبح سوداء بسبب هجرتهم، مع العلم أن من أفقرَ إفريقيا ودفع أبناءها إلى الهجرة هو الاستعمار الأوروبي المباشر، وبعده غير المباشر عبر دعم الحكام المستبدين والفاسدين ونهب الثروات.
ومع أن الدوائر الإسرائيلية لم تفصح عن طبيعة الاتصالات التي تجريها مع (سيف الإسلام) ولا طبيعة المساعدة التي تقدمها دولة الاحتلال لنظام العقيد، فإن مشهد التساقط المعلن لشعارات العقيد ومبادئه المعلنة واحدة إثر الأخرى على مذبح إرضاء الغرب والحفاظ على نظامه، هذا المشهد كان فاضحاً إلى حد كبير، مع أن ذلك لم يكن جديداً في واقع الحال، فمن قبل دفع العقيد ثروات الشعب الليبي من أجل الحصول على الرضا الغربي بعد عقود خاض خلالها مغامرات ثورية كانت في جوهرها أقرب إلى الجنون منها إلى الثورية العاقلة التي تؤثر في الأعداء.
سقط العقيد أمام الجميع، سقط بالبحث عن رضا الغرب عبر التلويح بأمن دولة العدو الصهيوني، لكنه بالنسبة إلينا كان ساقطاً منذ عقود، فمن يجوّع شعباً غنياً، ويسلب حريته ويهين كرامته ويحتقر عقله بكتاب تافه (الكتاب الأخضر) ثم ينقل البندقية من كتف إلى آخر طلباً للبقاء لا يستحق غير الازدراء.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية