المبحوح ودائرة الصراع
مصطفى الصواف
جريمة اغتيال الشهيد القائد محمود عبد الرؤوف المبحوح في دبي واحدة من الجرائم التي قد تدفع حركة حماس إلى تغيير قواعد اللعبة مع العدو الإسرائيلي، وتجعل حركة حماس لإعادة التفكير في سياستها حصر الصراع مع الاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية.
ولكن مع عدم احترام العدو الإسرائيلي لقواعد اللعبة في الصراع الدائر، وقيامه بفتح جبهات جديدة، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الساحة الفلسطينية، إلى جانب أن الساحات العربية باتت أكثر اختراقا من ذي قبل من قبل المخابرات الإسرائيلية، وبات جزء منها ساحات عمل ومراكز نشاط بعد أن أصبح هناك تعاونا امنيا من قبل الرباعية العربية و(إسرائيل) برعاية أمريكية، ودليل ذلك اللقاءات الأمنية لهذه الرباعية وإسرائيل وأمريكا سواء في العقبة أو شرم الشيخ، أو من خلال التنسيق الأمني القائم في أكثر من بلد عربي، ولعل ما قاله كوهن السفير الإسرائيلي في القاهرة وهو يجمع حقائبه للمغادر عن أعلى مستوى من التنسيق الأمني الإسرائيلي مع الجانب المصري ليس عنا ببعيد، كل ذلك يجعل حركة حماس تتعامل مع العدو بنفس الأسلوب والطريقة، وان تغيير من قواعد اللعبة واستخدام الساحات المخترقة من قبل المخابرات الإسرائيلية على الأقل في المرحلة الحالية للرد على أي جريمة ترتكب بحق قياداتها وعناصرها أو مراكز تواجدها.
وطالما أن الساحة العربية مخترقة بعلم أهلها؛ فعليها أن لا تثور، أو تغضب لو لعبت حماس في هذه الساحات للرد على ما تقوم به المخابرات الإسرائيلية، وعلى القائمين على هذه الساحات أن لا يثوروا عند ذلك ويتحدثون عن أمن قومي وسيادة وكلام ينفيه الواقع وتكذبه الأحداث.
إذا كانت إسرائيل تدعي أن يدها طويلة وبإمكانها أن تفعل ما تريد وقتما تريد في المكان الذي تريد، لا اعتقد أن حماس لا تملك مثل هذه الذراع الطويلة في أماكن بعيدة وقريبة، وعندها سيحكمها فانون الفعل ورد الفعل، وهي ملتزمة حتى جريمة اغتيال المبحوح بقواعد اللعبة، وملتزمة بان تبقى الصراع في الدائرة الفلسطينية، ولكن بعد جريمة دبي واغتيال المبحوح، فإن حماس مطالبة اليوم بإعادة التفكير في إستراتيجيتها القديمة، والعمل على بناء إستراتيجية جديدة قائمة على التماثل مع ما يقوم به العدو الإسرائيلي، وان ترد على جرائمه المرتكبة في أي مكان من الأرض، وليكن قانونها الجديد( واحدة بواحدة والبادئ أظلم) هذا هو قانون المرحلة الذي يجب أن تفهمه إسرائيل ويفهمه من فتح الساحات العربية للمخابرات الإسرائيلية، عبر التنسيق الأمني، من أن تسرح وتمرح فيها.
إن دولة الاحتلال لا تعرف حدود لجرائمها، وهي تسعى ليل نهار لارتكاب هذه الجرائم في كل مكان وزمان دون أي اعتبار لأمن البلدان، أو أن ذلك من المحرمات، وعليها أن تواجه بنفس السياسة، وعلى الطرف المتضرر أن يرد في الزمان المناسب وفي نفس المكان الذي ترتكب فيه جرائمها، إضافة إلى الساحة الفلسطينية التي هي أساس فعله ومكان عمله الأصلي، وأن الخروج عن القاعدة هو خروج استثنائي فرضه الاحتلال الإسرائيلي، والذي يريد أن ينقل ساحة الصراع إلى خارج فلسطين.
على حركة حماس أن تعد نفسها لمثل هذه المواجهة التي سيفرضها العدو الإسرائيلي وسيوسع من دائرتها في الأيام القادمة بعد أن تهيأت له الظروف السياسية والمناخات على الساحة العربية، وعلى حماس التمسك بإستراتيجيتها القاضية بالانكفاء على الساحة الفلسطينية؛ ولكن على أن تمنح نفسها مساحة للتكتيك والرد بالمثل ما أمكن ذلك؛ على أن يقتصر الأمر في مكان ارتكاب الجريمة وإن اختلف الزمان، وان تتعامل مع كل جريمة على حدى، دون أن تتوسع في التكتيك فذلك سيجعل فعلها مقبولا على الرأي العام في البلد التي ترتكب فيها جرائم الاحتلال، أو ترد فيها حماس على الجريمة.
وعلى الدول العربية أن تعمل جاهدة على منع التوسع الإسرائيلي في استخدام أراضيها من أجل ارتكاب جرائمه ضد المقاومة، والقيام بعمليات التصفية كما حدث مع المبحوح، وان تحفظ أمنها القومي من الاختراق، وعليها أن تتوقع أن ذلك سيضر بها ضررا كبيرا، وان تعلم أيضا أن( إسرائيل) لا تعير اهتماما لتعاون، أو علاقات، وكل ما يهمها هو المصلحة الخاصة، فإن لم تقم حماس بعمل موازي بنفسها؛ فهناك كثر سيقومون بما تريد سواء طلب منهم، أو قام هؤلاء من ذات أنفسهم.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية