أحمد خليل
كانت الطغمة المستفردة بالقرار الرسمي الفلسطيني تؤكد أن لا لقاءات دون وقف الاستيطان، ولكن تهافت موقفها والضغوط العربية والأميركية دفعت بها لاستئناف المفاوضات في عمان، في ظل تواصل الاستيطان، ودون الاعتراف الإسرائيلي بخطوط حزيران (يونيو) مرجعية للعملية التفاوضية، ما يعني بلغة أخرى أن المفاوض الفلسطيني تخلى عن آخر سلاح بين يديه واستسلم لإرادة المفاوض الإسرائيلي، وبهذا حقق الجانب الإسرائيلي فوزاً، وألحق هزيمة بالفريق الفلسطيني المفاوض الذي انتهك موقفاً وطنياً تشكل حوله إجماع، لأن شرط وقف المفاوضات، وشرعية خطوط يونيو، هما الحد الأدنى الذي أجمع الفلسطينيون عليهما وطنياً، وهذا الإجماع هو الذي أسهم في توفير الأجواء والمناخات الضرورية للدخول في رسم آليات تطبيق اتفاقات إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
وبدلاً من أن يصون المفاوض الفلسطيني هذا الإجماع، ويتمسك به، ويستقوي به على الطرف الآخر، بادر إلى تجاوزه وانتهاكه، وذهب بقرار منفرد إلى المفاوضات، متجاوزاً حتى الشروط التي كان هو نفسه قد وضعها.
لا تزال الطغمة المستفردة بالقرار الرسمي الفلسطيني منذ ما قبل أوسلو وحتى الآن، تطبخ في مطبخها المصغر، القرارات الفلسطينية وتنفذها، خارج إطار الهيئات الشرعية، وتتخذ من القرارات المنفردة ما يخدم توجهاتها السياسية، متجاهلةً أن شرط انتصار النضال الفلسطيني يقوم على الوحدة الوطنية.
رغم أنه تم الاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على عدم التصريح لوسائل الإعلام بما يدور من مباحثات بينهما، إلا أن مصادر فلسطينية مطلعة كشفت عن أن الجانب الفلسطيني وافق على صيغة تبادل الأراضي مع الجانب الإسرائيلي بنسبة 2%، مع توسيع نطاق السيطرة الفلسطينية في المناطق المصنفة بـ «جيم» وفق اتفاقية أوسلو، فبحسب اتفاق أوسلو فقد قسمت المناطق الفلسطينية المحتلة إلى 3 مناطق (ألف وباء وجيم) حيث ألف تخضع بشكل كامل للفلسطينيين وباء مشتركة، أما (جيم) فتخضع إداريا وعسكريا للسلطات الإسرائيلية، وتشكل هذه المنطقة 60 بالمائة من مجموع مساحة الضفة وتحتوي على أهم الأراضي الخصبة والغنية بالمصادر الطبيعية، وحسب ما ورد في أحدث تقرير للاتحاد الأوروبي إنه مع تزايد عدد المستوطنين بشكل مستمر وإذا لم يتم وقف الوضع الحالي فان فرص إنشاء دولة فلسطينية على حدود عام 1967، تبدو بعيدة الآن أكثر من أي وقت مضى.
في اعتقادي يبدو أن الوحدة الوطنية الفلسطينية ستبقى متعثرة في أحسن الحالات وليس هناك من أمل في تحقيقها سوى في أرض الميدان من خلال نزول الجماهير إلى الميادين والساحات في كل مكان، داخل الوطن وفي الشتات للمطالبة بإسقاط الطغمة المستفردة بالقرار.
صحيفة الوطن القطرية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية