المقدسي الأسير أيمن سدر والانضام لقائمة عمداء الحرية
فؤاد الخفش
فؤاد الخفش
رتب ونياشين كثيرة تزين أكتاف ضباط وجنود لم يخوضوا في يوم من الأيام أي معركة! ولم تنزل منهم قطرة دم، و منهم من تخرج من كليات عسكرية عالمية..
يقابلها رتب ونياشين أخرى ابتدعها الواقع وفرضتها الظروف وأصبحت علامة حصرية فلسطينية لا يفهم طبيعتها الا من عاش هموم هذا الشعب الذي يقاوم محتله منذ عقود.
الانضمام ( لنادي ) العمداء في عالم الأسر والسجون رتبة لا يحصل عليها إلا من عمّد بنار السجن والألم, وفراق الأهل عقدين متتالين، ليصبح بعد ذلك من عمداء الأسرى الفلسطينيين.
خارج السجون من يحصل على لقب عميد يقيم الحفلات وتلتقط له الصور ويقلده الرئيس أو وزير الدفاع النيشان على صدره وهو رافعٌ رأسه, ينظر للسماء, يشعر بالفخر والعزة والنشوة ويغضب أيما غضب إذا نودي بدون هذا اللقب.
في عالم الأسر الأمر مختلف بكل ما تعني الكلمة من معنى، انضمام أسير لقائمة العمداء شيء مؤلم.. مؤلم للأسير الذي يلاقيه الأسرى بقولهم أعانك الله، مؤلم لمن هم في بداية اعتقالهم ومحكومون بالمؤبد سيفكرون ألف مرة أنهم سيواجهون ذات المصير الذي يواجه هذا الذي أصبح عميدا, مؤلم لأمه ان كانت من أهل الحياة هل بقي في العمر بقية لاستقباله بعد عقدين وهو المحكوم بالمؤبد ؟؟
في عالم الأسر رتبة عميد يدفع الإنسان ثمنها دما ودمعا وكرامة، تموت امه ويموت أبيه، ويمر به قطار العمر, ويشيب رأسه ويصبح يعلم حقيقة الناس من الساسة أكثر وأكثر, يعلم من هم تجار الكلام أصحاب الوعود الكاذبه من يتجارون بالقضية, من يبيعون الوهم والكلام!
ما سبق من كلام ليس مقدمة انشائية ولكنه وجع حقيقي، شعرت به وأنا اقف عند خبر دخول الأسير المقدسي أيمن السدر قائمة العمداء.. أن تكون عميدا للأسرى يعني أن تكون قد أمضيت عقدين في سجون الاحتلال متتاليين يعني أنك بعيد عن العالم مغيب عن الوجود عشرين عاما.
أن تكون يا أيمن من عمداء الأسرى الفلسطينيين هو دليل قوة لك أن استطعت الصبر كل هذه السنين وتتحمل كل هذه القسوة والبعد عن زوجتك الصابرة أم محمد وولدك الذي أصبح شابا يافعا.. ولكنه في ذات الوقت دليل عجز على السلطة والفصائل التي قبلت ان تبقى كل هذه السنين رهين محبسك.
أيمن السدر والمعتقل منذ13/5/1995 يعتبر ثاني أقدم أسير ينتمي لحماس بعد الأسير محمود عيسى الذي ينتمي أيضا للقدس، وهو ممن رفض الاحتلال الإفراج عنه في صفقة وفاء الأحرار وهو القامة السامقة التي لم تزدها السنين الا صمودا وزادتنا نحن الاحرار عجزا يضاف الى عجزنا.
أيمن الذي ترك زوجته الفاضلة ام محمد عروسا تحمل بين يديها طفلها محمد الذي لم يتجاوز الأربعة شهور يقف في كل يوم اجلالا واحتراما لهذه الأم التي صبرت وتحملت ما تنوء الجبال عن حمله تنتظر من بين ثنايا شباك منزلها ذلك اليوم الذي يعود فيه أيمن لبيته وابنه ويغلق عليهم باباً باطنه فيه الرحمه والود والطمأنينة.
أم محمد وأبو محمد وحكاية عشرين عام خلف القضبان.. حكاية لا تستطيع كلمات أن توصلها أو تصف حجم معاناتها, فالوجع لا يكتب بل هو شعور يكبر مع الأيام.
الأسير المقدسي أيمن والذي عمل في فترة هامة، وتنقل ما بين الضفة وغزة والتقى قادة العمل الوطني الفلسطيني في حينه وعمل مباشرة مع القائد محمد الضيف ليس رقما كباقي الأرقام وليس عميدا كباقي العمداء الذين نسمع عنهم، هو راحلة بكل ما تعني الكلمة من معنى, وهو رافعة لمن معه بالأسر, وهو تاريخ مشرق وعلم يرفرف وحياة مأسورة.
ايمن السدر اسم تشعر بالفخر وأنت تكتب عنه وتشعر بعظم هذا النوع من البشر وأن تتصفح سيرته وحياته وتشعر بالأمل وأن تتحدث لزوجته المرابطه الصابرة المحتسبة, وهي لا تتوقف من حمد الله وشكره.
لك سيدي أيمن وعنك نكتب اليوم في هذه الذكرى المؤلمة والتي تذكرنا دوما بعجزنا فنحن نعد لك السنين وأنت تكتوي بنارها ووتوجع بصمت ولكنه قدر الرجال الذين عشقوا الوطن وقدموا لأجله دون أن تكون في حساباتهم حسابات الربح والخسارة.
لك الحب يا من قدمت للوطن كل شيء ولزوجتك الصابرة التحية بورك جهادها ورباطها وصبرها وعلى أمل أن تجمعنا حرية لك.. كل التقدير يا فارس كل الحكايات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية