الهجوم على حماس واختراق الوعي العربي
طارق الزمر
الحقيقة أنني متحرج وأنا أكتب في هذا الموضوع المحرج، وذلك لأن مقتضيات مناقشة هذه القضية قد تحمل قدرًا من التخوين للبعض يجب أن يختفي من قاموسنا السياسي في مصر الثورة، وإن لم يعدم الأمر تحميل البعض مسئولية التقصير تجاه قضية من أهم قضايانا القومية التي يرتبط بها وجودنا ومستقبلنا، كما لن نعدم في ذات الإطار جهلاً فاضحًا بأهم مقتضيات الصراع العربي الإسرائيلي، وخاصة تجاه أجيال راهن الاحتلال الإسرائيلي أنها حين يكون لها التأثير على مجريات الأمور ستضمن تحقيق كل أهدافه المعلنة منذ الأربعينيات.
والحقيقة أيضًا أنه من المؤسف أن أقول: إن نظام مبارك الذي يعد بامتياز نظام "كامب ديفيد" -لأنه الأطول عمرًا بعد الاتفاقية- قد نجح بشكل منقطع النظير في تشويه القضية الفلسطينية، حتى أصبح البعض ينظر إلى الفلسطينيين كمهدِّدين للأمن القومي المصري! ويرى في الإسرائيلي ذلك الحليف الذي يحمل في حقائبه حلولاً لكل مشكلاتنا وخاصة الاقتصادية! وأنه الصديق الذي سيفتح لنا أبواب العالم، ومن ثَمَّ أبواب الرخاء الذي لن ينقطع!
لقد أصبح البعض يردد دون حياء أو خجل تلك الشائعة الكبيرة التي روجت لها النظم الخاضعة، ومن قبلها الاحتلال الإسرائيلي: ماذا نفعل لقوم باعوا أرضهم لعدوهم؟! وهى من أخطر الشائعات التي استُخدمت، وما تزال تستخدم؛ لضرب قضية من أشرف القضايا في عالم اليوم، وصراع ما يزال أهم صراع في التاريخ الحديث!
لم يعد هناك في الإعلام الحالي مَن ينبه إلى حقائق هذا الصراع، وما وصل إليه اليوم، والمآلات الخطيرة لاستمرار تكريس هذا العدوان والاحتلال على أراضينا. لم يعد هناك مَن يتصور خطر وخطيئة استمرار الهجوم على حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين، وخاصة "حماس" باعتبارها امتدادًا لفكرة "الإخوان" الذين نصارعهم اليوم على الساحة السياسية المصرية! ذلك برغم أن الأمانة والموضوعية تقتضيان أن نجعل الثوابت القومية فوق الصراعات الحزبية والسياسية الآنية، وخاصة في قضية لها هذه المكانة وهذه الخطورة وهذه المصداقية، بل هذه القدسية.
كم أتمنى أن تصل رسالتي لمن يعنيهم الأمر، ولا أقصد بذلك أولئك القوم الذين غرقوا في مستنقع التشويه المتواصل للفلسطينيين، ولا أولئك الذين يعملون بوعي واختيار لضرب القضية في عمق الوعي العربي، وأعنى به الوعي المصري تحديدًا، ولا أولئك القوم الذين يتغذون ويقتاتون على ذلك؛ فهؤلاء جميعًا لا جدوى من مخاطبتهم. وإنما أتوجه للصادقين الذين وقعوا فريسة لهذا الاختراق المنظم للوعي العربي عامة والمصري خاصة؛ بهدف عزل القضية الفلسطينية عن محيطها الفاعل، حتى إذا تم ابتلاع فلسطين أصبح من السهل بعد ذلك تحقيق التأثير، ومن ثَمَّ التمكين والسيطرة على المنطقة كلها.
إن استمرار تشويه "حماس" وحركات المقاومة الفلسطينية والفلسطينيين عامة يعنى:
أولاً: أننا قد أصبحنا دون أن ندرى جزءًا من الدعاية الصهيونية، بل أصبحنا نقوم بالدور الأقوى من الموقع الأخطر والأكثر تأثيرًا وفاعليةً.
ثانيًا: أننا نكمل مسيرة نظام مبارك، خاصة إعلامه الذي عانينا منه كثيرًا وطويلاً، والذي تحور اليوم ليظهر في ثوب جديد وكأنه يدافع عن الثورة وينتصر لها ويهاجم أعداءها!
ثالثًا: أننا نتجاهل أهم الحقائق المرتبطة بأمننا القومي، وهى أن هذا الأمن يرتبط بشكل لا يقبل الانفصام بالقضية الفلسطينية، وأنه لذلك يرتبط باستمرار حيويتها وفاعليتها، ولا يرتبط بأي شكل من الأشكال بدحلان وعصابته، والذي لولا الملامة والفجاجة الإعلامية لأصبح نجمًا في برامجنا اليومية التي تدافع عن الثورة! وتهاجم الإسلاميين الأشرار!
رابعًا: أننا قد وقعنا أسرى للحسابات الضيقة والمصالح الحزبية، ولم نعد ننظر إلا تحت أقدامنا، فطغى على أبصارنا الصراع السياسي على السلطة، وأصبح هو الهدف والغاية ولو على حساب القضية الأهم، وهى البيئة الإستراتيجية التي تعمل فيها هذه السلطة التي نسعى إليها، البيئة التي بدونها تتحول السلطة التي نتحارب عليها إلى سلطة تابعة للمركز الإسرائيلي وخادم حقيقي لمشروع التمكين لدولة "إسرائيل" الكبرى.
طارق الزمر
الحقيقة أنني متحرج وأنا أكتب في هذا الموضوع المحرج، وذلك لأن مقتضيات مناقشة هذه القضية قد تحمل قدرًا من التخوين للبعض يجب أن يختفي من قاموسنا السياسي في مصر الثورة، وإن لم يعدم الأمر تحميل البعض مسئولية التقصير تجاه قضية من أهم قضايانا القومية التي يرتبط بها وجودنا ومستقبلنا، كما لن نعدم في ذات الإطار جهلاً فاضحًا بأهم مقتضيات الصراع العربي الإسرائيلي، وخاصة تجاه أجيال راهن الاحتلال الإسرائيلي أنها حين يكون لها التأثير على مجريات الأمور ستضمن تحقيق كل أهدافه المعلنة منذ الأربعينيات.
والحقيقة أيضًا أنه من المؤسف أن أقول: إن نظام مبارك الذي يعد بامتياز نظام "كامب ديفيد" -لأنه الأطول عمرًا بعد الاتفاقية- قد نجح بشكل منقطع النظير في تشويه القضية الفلسطينية، حتى أصبح البعض ينظر إلى الفلسطينيين كمهدِّدين للأمن القومي المصري! ويرى في الإسرائيلي ذلك الحليف الذي يحمل في حقائبه حلولاً لكل مشكلاتنا وخاصة الاقتصادية! وأنه الصديق الذي سيفتح لنا أبواب العالم، ومن ثَمَّ أبواب الرخاء الذي لن ينقطع!
لقد أصبح البعض يردد دون حياء أو خجل تلك الشائعة الكبيرة التي روجت لها النظم الخاضعة، ومن قبلها الاحتلال الإسرائيلي: ماذا نفعل لقوم باعوا أرضهم لعدوهم؟! وهى من أخطر الشائعات التي استُخدمت، وما تزال تستخدم؛ لضرب قضية من أشرف القضايا في عالم اليوم، وصراع ما يزال أهم صراع في التاريخ الحديث!
لم يعد هناك في الإعلام الحالي مَن ينبه إلى حقائق هذا الصراع، وما وصل إليه اليوم، والمآلات الخطيرة لاستمرار تكريس هذا العدوان والاحتلال على أراضينا. لم يعد هناك مَن يتصور خطر وخطيئة استمرار الهجوم على حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين، وخاصة "حماس" باعتبارها امتدادًا لفكرة "الإخوان" الذين نصارعهم اليوم على الساحة السياسية المصرية! ذلك برغم أن الأمانة والموضوعية تقتضيان أن نجعل الثوابت القومية فوق الصراعات الحزبية والسياسية الآنية، وخاصة في قضية لها هذه المكانة وهذه الخطورة وهذه المصداقية، بل هذه القدسية.
كم أتمنى أن تصل رسالتي لمن يعنيهم الأمر، ولا أقصد بذلك أولئك القوم الذين غرقوا في مستنقع التشويه المتواصل للفلسطينيين، ولا أولئك الذين يعملون بوعي واختيار لضرب القضية في عمق الوعي العربي، وأعنى به الوعي المصري تحديدًا، ولا أولئك القوم الذين يتغذون ويقتاتون على ذلك؛ فهؤلاء جميعًا لا جدوى من مخاطبتهم. وإنما أتوجه للصادقين الذين وقعوا فريسة لهذا الاختراق المنظم للوعي العربي عامة والمصري خاصة؛ بهدف عزل القضية الفلسطينية عن محيطها الفاعل، حتى إذا تم ابتلاع فلسطين أصبح من السهل بعد ذلك تحقيق التأثير، ومن ثَمَّ التمكين والسيطرة على المنطقة كلها.
إن استمرار تشويه "حماس" وحركات المقاومة الفلسطينية والفلسطينيين عامة يعنى:
أولاً: أننا قد أصبحنا دون أن ندرى جزءًا من الدعاية الصهيونية، بل أصبحنا نقوم بالدور الأقوى من الموقع الأخطر والأكثر تأثيرًا وفاعليةً.
ثانيًا: أننا نكمل مسيرة نظام مبارك، خاصة إعلامه الذي عانينا منه كثيرًا وطويلاً، والذي تحور اليوم ليظهر في ثوب جديد وكأنه يدافع عن الثورة وينتصر لها ويهاجم أعداءها!
ثالثًا: أننا نتجاهل أهم الحقائق المرتبطة بأمننا القومي، وهى أن هذا الأمن يرتبط بشكل لا يقبل الانفصام بالقضية الفلسطينية، وأنه لذلك يرتبط باستمرار حيويتها وفاعليتها، ولا يرتبط بأي شكل من الأشكال بدحلان وعصابته، والذي لولا الملامة والفجاجة الإعلامية لأصبح نجمًا في برامجنا اليومية التي تدافع عن الثورة! وتهاجم الإسلاميين الأشرار!
رابعًا: أننا قد وقعنا أسرى للحسابات الضيقة والمصالح الحزبية، ولم نعد ننظر إلا تحت أقدامنا، فطغى على أبصارنا الصراع السياسي على السلطة، وأصبح هو الهدف والغاية ولو على حساب القضية الأهم، وهى البيئة الإستراتيجية التي تعمل فيها هذه السلطة التي نسعى إليها، البيئة التي بدونها تتحول السلطة التي نتحارب عليها إلى سلطة تابعة للمركز الإسرائيلي وخادم حقيقي لمشروع التمكين لدولة "إسرائيل" الكبرى.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية