انطلاقة فتح بغزة..نجاح للحكومة ورسالة ارتدادية داخلية للحركة ... بقلم : د. حسن أبو حشيش

السبت 05 يناير 2013

انطلاقة فتح بغزة..نجاح للحكومة ورسالة ارتدادية داخلية للحركة

د. حسن أبو حشيش

كان احتفال تأبين الشهيد ياسر عرفات أواخر عام 2007م هو الاحتفال الجماهيري الأخير لحركة فتح في غزة والذي لم تتمكن الحركة وقتها من الاحتفاظ بالنظام والقانون, فكان الصدام وإراقة الدماء وبذلك حرمت نفسها من مثل هذه الاحتفالات...ومع تحقيق الانتصار للمقاومة في حجارة السجيل وآثارها الايجابية على الشعب الفلسطيني سادت أجواء طيبة نحو اللحمة المجتمعية, وارتفعت الأصوات التي تطالب بإنهاء الانقسام ,وبالاستثمار الأمثل للانتصار.

هذا الأمر أدخل كلا من حركة حماس والحكومة في غزة , وحركة فتح والحكومة في الضفة في تحدٍ ومواجهة مع الواقع ومع نبض الشارع ومتطلبات النصر...وخاصة أن الأجواء تزامنت مع انطلاقة حماس ثم انطلاقة فتح. فكان القرار بهامش من الحرية.وبعد متابعة للواقع خلال الشهرين الماضيين إلى الآن نستطيع أن نقف عند نقاط تم تسجيلها فمثلا:

نجاح للحكومة

نجحت الحكومة في غزة وحركة حماس في اختبار تهيئة أجواء المصالحة بعد الانتصار.. و من أبرز ما نجحت فيه:


1-إطلاق العنان لفتح بتسيير مسيرات بعد وقف الحرب مباشرة ورفع الراية الفتحاوية.

2-السماح لأمين مقبول بإلقاء كلمة في التشريعي بعد الحرب مباشرة.

3-السماح لفتح بتنظيم مسيرات دعما لأبي مازن في الأمم المتحدة.

4-السماح بعودة بعض الهاربين للخارج من المحسوبين على حركة فتح .

5-العفو عن بعض المعتقلين على قضايا مختلفة ومحسوبين على فتح.

6- استقبال حركة فتح لوحدها ثم مع الفصائل ثم استقبال نبيل شعث وجبريل رجوب من قبل رئيس الوزراء إسماعيل هنية وقيادة حماس.

7- السماح لإقامة مهرجان فتح في ارض السرايا رغم المحاذير الأمنية.

8-ضبط النفس بدرجة عالية أمام بعض التجاوزات الميدانية على مدار أسبوع.

9- السماح بعودة أبو علي شاهين إلى غزة لأسباب صحية وإنسانية ,والذي يُشتهر عنه بأنه صاحب مواقف معادية وتوتيرية.

10- علمنا بمشاركة حماس في الاحتفال وأن كلمة الفصائل لروحي مشتهى القيادي البارز في حماس والتي لم تتم بالأمس لأسباب خاصة بالمنظمين والنظام والفوضى .

11- الإذن باحتفال حماس في الضفة بدون تردد ووفق القانون والنظام وبلا أي مشكلة لا في الزمان ولا في المكان.

12- دور وزارة الداخلية في حفظ أمن الاحتفالات والمهرجان.

رسالة لحركة فتح

خرجت فتح بحشود كبيرة أمس الجمعة ,ونقل الإعلام الاحتفال للعالم , وراقبه الجميع ,وسمعنا الكثير والقليل...وإذا سجلنا نقاطا كدليل على أن نجاح الاحتفال هو ثمرة من ثمرات الحكومة ورعايتها له والتعامل بمسئولية عالية مع الحدث وهذا بشهادة قيادات فتح نفسها وقيادات الفصائل ...فإننا نعتبر الحشد في الاحتفال رسالة ارتدادية لتنظيم فتح نفسه بمعنى أنها تستوجب قراءته بشكل صحيح وسليم ,ومن أسباب ذلك:

1-أن فتح مازالت صاحبة جماهيرية ,ولها رصيد شعبي ,ولم يقلل احد من ذلك.

2- إن غياب حركة فتح عن الميدان سببه الأداء الذي مارسه أبناؤها, وترك القرار للأجهزة الأمنية التي أفقدها القيادة في غزة والضفة على السواء.

3- إن الكثير من الممارسات السلبية خلال الأسبوع الماضي في شوارع غزة والتي عايشناها كلنا وشاهدها المواطن من بعض فرق فتح تتطلب الإجابة عن سؤال قدرة فتح على ضبط سلوك أفرادها والتزامهم بقرار القيادة.

4- إن الحشد دليل من أدلة القوة ولكنه ليس الوحيد, وهنا نستطيع القول إن فتح حشدت لأنها موجودة ولكن لم تنجح في إدارة خلافاتها ميدانيا ولم تنجح في تطبيق برنامج الاحتفال , وهناك تفاصيل صعبة في ثنايا الحشد ومن حول المنصة أفقدت القيادة التأثير والنجاح.

5- الخلافات بين تيارات فتح كانت واضحة في الاحتفال كما كانت واضحة في الشوارع والمناطق وهذا يجعل المواطن يتساءل عن قدرة فتح في إدارة الأمور والشأن العام.

6- الحشد قوي ومتوقع من جماهير محرومة من الاحتفال, وغير مستغرب ,لأن الناس خرجوا آمنين وحسب القانون والنظام للحكومة, وراغبين بإنهاء الانقسام ودعما للوحدة والتوافق...لكن ليس معنى ذلك أن يتم التعامل مع الناس بهذا الاستخفاف والاستهتار بإعلان عدد الحضور مليون ومائتي مواطن حيث وجد هذا الرقم حالة من الاستهزاء على وسائل التواصل الاجتماعي أساء كثيرا لحركة فتح, كذلك بإعلان أن هذا استفتاء على مشروع التسوية والمفاوضات...وإذا ما رجعنا لتصريحات قادة فتح بأن كل أجنحة فتح خرجت للاحتفال وكذلك فصائل المنظمة والقوى الوطنية فإننا نُدرك أن جزءا كبيرا من هذه الشرائح هو ضد التسوية والمفاوضات بصورتها الحالية, فهذا طريق لا يجمع , بل يفرق ويقسم.

7- تعاملت فتح خلال التشاور حول مكان الانطلاقة في غزة بعقلية قديمة من الهجوم على حماس, وتعكرت الأجواء في لحظات عديدة .

8- لم تستوعب حركة فتح أي خبر يُعبر عن أزمة إدارة الاحتفال التي باتت ظاهرة للعيان, وشن ناطقوها الإعلاميون في الضفة وغزة هجوما لاذعا مضادا ,وكادت الأمور تخرج عن السيطرة وهذا يشير إلى عدم تقبلها لأي شيء خارج إطارها.

9- رغم خروج حماس في الضفة الغربية إلا أن فتح والحكومة في الضفة لم تقدما ما يوازي المُقدم لها في غزة, وإذا ما اعتبرنا أن أجواء الثقة مسئولية كل الأطراف ندرك أن خللا ما مازال قائما في العقلية الفتحاوية. وخاصة أن أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة والمفصولين سياسيا ابدوا غضبهم من استمرار الملف رغم أجواء الوفاق.

10- تهديد مجموعات من فتح بالاعتصام المفتوح في ارض السرايا حتى إنهاء الانقسام مؤشر على عدم حسن النوايا إذا ما تم التنفيذ.

هذا المشهد المسبب بالعوامل السالفة يحتم على حركة فتح قراءة ما حدث أمس الجمعة قراءة معمقة ,ولا تتوقف عند الحشد , وعليها أن تُدرك أن القدرة على الحشد تستوجب العمل بمقتضاه , ومن المهم جدا أن تعلم قيادة فتح أن هذه الجماهير تستحق الوفاء والاحترام والتقدير ,والتوقف عن عدم المصارحة ,أو تبني مواقف غير واقعية , وعليها أن تغير ما أعلنت عنه من معلومات وأفكار هي أحلام يقظة بل وأحلام نوم , لأن السياسة لا تؤمن بالشعارات أو المعلومات الهلامية والاستهلاكية.

ماذا بعد؟!

خرجت حماس في الضفة وفتح في غزة ,وكل الفصائل حشدت بأوزان مختلفة في انطلاقاتها أو في مناسبات مختلفة...وهذا دليل على وجود الجميع في الخارطة السياسية. وسؤال المواطن ماذا بعد؟! أعتقد أن المطلوب من الجميع المبادئ والأسس التالية:

1-الإيمان بأن كل الطيف السياسي موجود في الميدان السياسي.

2- أن فلسطين تحتاج إلى كل جهد وكل وسيلة وكل فكرة تخدم تحريرها.

3- الاقتناع أن الأوزان السياسية تتغير وتتبدل ولا يمكن لأحد احتكار تمثيل الشعب الفلسطيني إلى الأبد.

4- ضرورة التخلص من الأسباب والظواهر التي أحدثت الانقسام في الشارع الفلسطيني.

5- الاعتماد على الآليات الديمقراطية في تنظيم التباينات السياسية واحترام النتائج والالتزام بها وممارسة المعارضة وفق قواعد العمل الديمقراطي الحضاري.

6- تحرير القرار الفلسطيني , واستقلاليته عن كل الضغوط وعن رهنه بالدعم المالي و الدعم السياسي.

7- التعامل مع ملف المصالحة ووسائلها بكليته وليس انتقائيا ولأغراض وظيفية تنتهي بمجرد تحقيق الوظيفة ,فالسنوات الماضية أثبتت فشل هذا الأسلوب.

8- الإيمان أن المصالحة وإنهاء الانقسام لا يعنيان تطابق البرامج وتذويب الأحزاب والمدارس السياسية ولكن يلتزم الجميع بأصول الخلاف .

تبقى الأيام المقبلة شاهدة على الإجابة عن سؤالنا ماذا بعد؟!هل خطوات إلى الأمام أم تراجع إلى الوراء لجمود العقليات؟!

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية