بالحرب الأخيرة على قطاع غزة
بخلاف النظريات العسكرية.. "إسرائيل" ضُربت في العمق أكثر من الحدود
قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية إن الجيش الإسرائيلي الذي كان معروفاً في السابق بالتوغل في الهجوم بات جيشًا غير مستعد للقتال على الأرض حتى عند "الضرورة القصوى".
وأشارت الصحيفة في مقالٍ للأكاديمي في قسم العلوم السياسية والدراسات "هايلف فريسك" إلى أن المتحدث السابق باسم الجيش "رونين مانيليس" قال للإذاعة الإسرائيلية بعد تسعة أيام من الحرب التي شنها الجيش في مايو الماضي "إنه يجب على الجيش الإسرائيلي حرمان حماس من القدرة على تسجيل نقاط من خلال استخدام قذائف الهاون (كما فعلت في الأيام الأخيرة من حرب 2014) وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات الدفاعية المناسبة".
وقال الكاتب إن تصريحات المتحدث السابق كانت ستجعل جنرالات حرب 1967 عاجزين عن الكلام في ذلك الحين.
وأضاف أن "انتشار 9 آلاف جندي في المناطق الإسرائيلية المتاخمة لغزة، لم يوازيه مقترح بأهمية توجيه ضربة استباقية ضد (الإرهابيين) باستخدام قذائف الهاون"؟.
وقال الكاتب: إن "قذائف الهاون التي تستخدمها حماس، والتي أصابت بالفعل جنديًا إسرائيليًا في المنطقة، يبلغ متوسط مداه خمسة كيلومترات، وهذا يعني أن العدو ليس مختبئًا بعمق في غزة ولكن يسهل الوصول إليه نسبيًا".
ولفت إلى أن حماس استخدمت هذا التكتيك بنجاح في حرب 2014 وفي وجولات تصعيدية أخرى في 2018 و2019.
وقال "فريسك": يبرز سؤال ينذر بالسوء: هل أصبح الجيش الإسرائيلي، الذي اشتهر في يوم من الأيام بنهج هجومه، جيشًا غير مستعد للقتال على الأرض حتى عند الضرورة القصوى؟ وهل سيكتفي إلى الأبد بالاعتماد على تكنولوجيا القبة الحديدية أو الذكاء المستمد من هذه التكنولوجيا لتحديد الأهداف التي تستحق الضربات الجوية؟
ولفت إلى أن التقارير التي تتحدث عن موجة قادمة من قذائف الهاون التي ستطلقها حماس واستهداف الجنود لن تكون الأمثلة الوحيدة التي تفرض طرح هذا السؤال المؤلم.
وزعم الأكاديمي الإسرائيلي أن الليلة الرابعة من معركة الأيام الـ11 في مايو الماضي صنع سلاح الجو الإسرائيلي "أسطورة" عندما حشد في 40 دقيقة 160 طائرة مقاتلة وطائرات استطلاع فوق مساحة صغيرة من غزة لقصف مجموعة واسعة من الأنفاق المتشابكة التي حفرتها حماس.
وقال: "لا شك أن القدرة على تنسيق مثل هذه الحركة الجوية دون وقوع حوادث مؤسفة، حتى في حالة عدم وجود قوة جوية منافسة، ستُدرّس من قادة القوات الجوية والكليات في جميع أنحاء العالم".
في المقابل؛ لم يكن الكاتب بذاك التفاؤل أيضًا، فقد قال إن "تلك الكليّات العسكرية ستعطي نموذجًا للإخفاق العسكري للجيش الإسرائيلي حين فشل قادته في إعطاء الأوامر باستهداف المزيد من قادة حماس على الأرض من خلال الإرباك الذي صنعه الجيش بحشد تلك الطائرات في وقتٍ واحد".
وأشار إلى أن تلك الضربات التي وُجهت للأنفاق كانت ستحصد المزيد من مقاتلي الجهاد الإسلامي وحماس الذين سيهرعون لإنقاذ زملائهم الذين استهدفوا تحت الأرض، لكن ذلك لم يحصل".
مع وجود المزيد من القوة النارية التكنولوجية الموجودة تحت تصرفها ضد أعداء أضعف من الجيوش العربية التقليدية في الماضي، فمن المنطقي أن يغير القادة السياسيون والجيش الإسرائيلي نسب المزيج الدفاعي الهجومي الذي يوجه أي قوة قتالية.
وأكد الكاتب أن استبعاد استخدام القوات البرية كليًا هو أمر "غير حكيم اعتمادًا على الاستراتيجية والتكتيك".
وقال إنه من الناحية الأخلاقية، فإن رئيس أركان الجيش ملزم بواجبه بحماية الإسرائيليين في العمق، هو أمر حاسم للحفاظ على الروح القتالية لأي جيش.
لكن الكاتب استدرك قائلاً: لكن ذلك لم يحصل؛ فخلال السنوات الـ20 الماضية كان معظم القتلى الإسرائيليين من الذين كانوا في العمق وليس على جبهات القتال".
واختتم بالقول إن "إحصاء الجثث في التصعيد الأخير لـ11 مدني إسرائيلي وجندي واحد هو أحد مؤشرات الإخفاق، ويعزز فقط الحجة القائلة إن ضربات الجيش البرية مهمة في حد ذاتها في الحفاظ على هذا الالتزام الأخلاقي".
وقال: "من الناحية الاستراتيجية، تعد غزة مثالًا كلاسيكيًا على المغالطة القائلة بأن الحروب يمكن كسبها أو حتى إنهاؤها بطريقة مواتية للدولة الأقوى من خلال التكنولوجيا، "أي الحرب الجوية وحدها".
وأضاف أن الخطاب الذي ساد عندما صوّت صناع القرار الإسرائيليون على الانسحاب من غزة في 2005 بأن غزة ستتحول إلى ساحة للقصف إذا تجرأت حماس على إطلاق صاروخ واحد؛ تحولت إلى كلامٍ فارغ بعد 11 يومًا فقط من الانسحاب الإسرائيلي النهائي في ذلك العام.
وأوصى أنه من الناحية التكتيكية، سيكون استخدام القوات البرية ضروريًا دائمًا لمفاجأة العدو وإلحاق خسائر أكبر.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية