بعد انطلاقة فتح بغزة: لماذا أصدر عباس قرارا بقمع حماس في الضفة؟! ... بقلم : عماد عفانة

الأحد 06 يناير 2013

بعد انطلاقة فتح بغزة: لماذا أصدر عباس قرارا بقمع حماس في الضفة؟!

عماد عفانة

حبر كثير سال في التعليق على مظاهر انطلاقة فتح، من كثير من النواحي، وتفتقت قريحة كثير من الكتاب والمحللين عن جملة من الاستنباطات التي قد يكون لبعضها نصيب من الحقيقة فيما كثير منها ليس له علاقة بما يجري على كوكب الأرض، وصالوا وجالوا.

انطلقت فتح في الضفة بالكثير من المهرجانات بمختلف المحافظات تحت اعين الاحتلال ، ثم انطلقت فتح في غزة بسيل بشري فاجأ وأذهل حركة فتح، حيث اكتشف الجميع ان قيادة فتح ليست بمستوى جماهيرها.

الأمر الذي رأينا نتائجه انقساما وفوضى وتخبطا وفشلا في تنظيم مهرجانها وفي اتمام فقراته او السيطرة عليه ما اسفر عن مزيد من سقوط قيادة فتح من اعين الجماهير كما مزيد من الاصابات وصور المصادمات المؤسفة والممارسات غير اللائقة بحركة كانت ثورية.

كثيرون من الكتاب والمحللين وأنا منهم كنا نتمنى أن تستثمر فتح أجواء هذه الانطلاقة للصعود إلى مستوى المسؤولية ولتكن عند حسن ظن جماهيرنا الفلسطينية بها لجهة الاقبال على اتمام المصالحة من موقع الندية لحركة حماس ، فلكلا الحركتين:

حكومة واحدة في غزة لحماس وأخرى لفتح في الضفة.

ولكل منهما جماهيرهما الكبيرة.

ولكل منهما تاريخهما النضالي الذي بنته فتح على ارثها النضالي السابق، والذي بنته حماس على واقعها النضالي الثوري الماثل للعيان في معركة حجارة السجيل وقبلها الفرقان وقبلها تحرير غزة.

ولكل من الحركتين دوافعه لإتمام المصالحة فيما تبقى المصلحة الفلسطينية العليا فوق كل المصالح.

ولكل منهما مشاكله المستعصية كالحصار الظالم على غزة، والتجويع المالي لرام الله.

ولكل منهما شعاراته المشتركة مع الآخر كالمصالحة والوحدة الوطنية وتحرير الوطن واقامة الدولة واحياء النضال الشعبي في الضفة، عدا عن تحرير الأسرى والقدس كعاصمة وعودة اللاجئين...الخ.

إلا أن ابليس اليهودي الماكر - وعلى لسان قادة الأجهزة الأمنية الصهيونية وعلى لسان نتن ياهو نفسه - ابى إلا أن يلعب على المتناقضات، وأن يعاود إحياء فزاعات فارغة كنا نتمنى أن تكون انتهت للابد من قبيل:

حماس قادرة لو ارادت على السيطرة على الضفة الغربية.

لحماس خلايا نائمة في الضفة بدؤوا يتحركون لإشعال انتفاضة ثالثة.

شعبية حماس اكبر من شعبية فتح في الضفة المحتلة.

حماس تقف خلف الاحتجاجات المطلبية التي طالت غير محافظة وأكثر من شريحة عبرت عن نفسها بالاعتصامات والمظاهرات والمواجهات.

حماس استغلت سماح السلطة لها بالاحتفال بالانطلاقة في الضفة لكسر حاجز الخوف وإعادة الحياة لتنظيمها وعودتها لتنظيم الصفوف ونظم خلايا العمل.

حماس تعمل على احياء مظاهر الانتفاضة عبر الكتابة على الجدران ورفع الاعلام على اعمدة الكهرباء وعبر رشق دوريات الاحتلال بالحجارة وعبر المظاهرات على الحواجز...الخ.

..الخ...الخ...من هذه الاسافين وبذور الفتن التي كان لابد ان تدق ناقوس الخطر لدى الاجهزة الأمنية التي تحكم قبضتها أصلا على حماس بالضفة لمزيد من القمع والتشديد.

الأمر الذي انعكس على حملات الملاحقة والاعتقال التي تشنها اجهزة فتح الأمنية في الضفة على حماس قادة كوادر وعناصر الأمر الذي طال حتى أولئك الذين كانوا عرفاء احتفالات حماس بالانطلاقة.

حيث لا يفوتنا هنا التنويه إلى مفاخرة أجهزة امن الاحتلال بأداء أجهزة عباس الامنية في الضفة والتي كان آخرها تصريح رئيس الشاباك الذي اعترف بأن عباس يقود أجهزة أمنية متعاونة إلى أقصى مدى للحفاظ على أمن "المواطنين الاسرائيليين"، وأنه يجب ان تتحدث اسرائيل مع عباس وتقوم بدعمه ماليا، خصوصا وانه رغم التنكر الصهيوني لكل اتفاقاتها مع السلطة فإن السلطة طلبت هذا العام 75 مليون دولار زيادة من الأموال المخصصة أمريكيا لدعم أجهزة عباس الأمنية لتجنيد 5000 عنصر جديد..!!

والتساؤل هنا هل سيقوم عباس بتجنيد هؤلاء ليحافظوا على أمن الدولة المراقب من انتهاكات الاحتلال، أم للمحافظة على"أمن المواطنين الاسرائيليين، وتأمين اعادة عشرات المغتصبين والجنود الذين يضبطون في مدن الضفة المحتلة"..!!

والاجابة على هذا التساؤل تمكن اجابته في الأرقام التالية:

اعتقل الاحتلال خلال الفترة 2007-2011م(9765) فلسطينيا، بينما اعتقلت السلطة وحدها (13721) فلسطينيا في نفس الفترة أي أكثر بنحو 3500 معتقل جلهم من حركة حماس..!!

كنا نتمنى أن يدفع الافلاس السياسي لمشاريع عباس السلمية مع العدو، ووصول خياراته كلها وعلى مدار نحو 20 سنة إلى طريق مسدود بكل ما جرته على قضيتنا وشعبنا من ويلات، أن يدفع كل ذلك عباس وحركة فتح نحو التفكير في اللجوء إلى خيارات أخرى، وان تميل فتح وعباس نحو خنادق المقاومة التي حققت لشعبنا عزة وفخارا كان آخرها في حجارة السجيل.

إلا أنه ورغم كل ما سردناه أعلاه من أسباب وحيثيات لإتمام المصالحة والتوحد في خندق المقاومة فإن الوقائع على الأرض تقول:

أن الرئيس محمود عباس فكر وقدر ثم فكر وقدر حتى أعياه التفكير فأساء التقدير حين اصدر قراره مساء السبت، على صورة تعليمات لقادة الأجهزة الأمنية، بردع – وركزوا على كلمة ردع - أية محاولة للمساس بالنظام العام في الضفة الغربية.

و"طلب عباس خلال ترؤسه، اجتماعاً لقادة الأجهزة الأمنية، بحضور أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ووزير الداخلية سعيد أبو علي، ومساعد القائد الأعلى لقوى الأمن اللواء الحاج إسماعيل جبر، ورئيس ديوان الرئاسة حسين الأعرج، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، "تطبيق القانون وردع أية محاولة للمساس بالنظام العام أو إعادة مظاهر الفوضى والفلتان".

يذكر ان عباس قد قال في وقت سابق للقناة العبرية الثانية "انه لن يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة وخاصةً عسكرية ضد (إسرائيل)، طالما كان في منصبه، حتى لو فشلت الجهود الفلسطينية في الحصول على عضوية في الأمم المتحدة".

يبدو ان نواقيس الخطر تسمع بالمقلوب في رام الله، حيث أنه :

وعوضا عن ان تدق اعتداءات المغتصبين المتواصلة ناقوس الخطر للأجهزة الأمنية لتأمين الحماية للمواطنين من المغتصبين.

وعوضا عن أن تدق توغلات جيش العدو في مدن الضفة وانتهاكاته المتكررة لكل التفاهمات ناقوس الخطر لدى الأجهزة الأمنية لتثبت نفسها في ميدان الوطنية بالدفاع على الوطن والمواطن.

وعوضا عن ان تدق الفضائح التي تلطخ سمعة الأجهزة الأمنية وتعاونها الأمني المخزي مع الاحتلال ناقوس الخطر لدى هذه الأجهزة لجهة تدشين صحوة وطنية تضع حدا لهذه الممارسات اللاوطنية، ولهذه التوظيف المفضوح للاجهزة الأمنية لجعلها امتدادا لأجهزة امن العدو فإن هذه الاجهزة تصر على مواصلة دورها اللاوطني في تأمين الحماية للاحتلال والمغتصبين، لتواصل تسجيل الاحتلال في قواميس التاريخ الحديث كاحتلال خمس نجوم.

ومن هنا يحق لنا أن نوجه عددا من التساؤلات للرئيس السوبرمان محمود عباس بصفته:

رئيس حركة فتح، ورئيس م.ت.ف،ورئيس السلطة، ورئيس السلطة، والقائد الأعلى لقوات الوطن المغتصب...الخ:

1-ما هو تفسيرك سيادة الرئيس للقانون..!!

وهل المقصود بالقانون هو القانون الوطني الذي يحمي المواطن من الأعداء، ام قانون الاتفاقات الذي يحمي الأعداء من حق الدفاع المشروع من المواطنين عن انفسهم...!!!

وهل المقصود بالقانون المقصلة التي علقتها فتح منذ 2007م وحتى اليوم لقمع والانتقام من حركة حماس مؤسساتها وقياداتها ونوابها وكوادرها وعناصرها وحرائرها وحتى صحفييها وكتابها..!!

2-ما هو تفسيرك سيادة الرئيس للنظام العام ...!!

وهل يقع في اطار خرق النظام العام المقاومة الشعبية التي طالما طالبت بها وسوقت لها..!!

وهل تعتبر الاعتصامات والمظاهرات المطلبية لجماهيرنا في الضفة ضد فساد وتغول حكومة فياض خرقا للنظام العام...!!

وهل التصدي لقطعان المغتصبين وأرتال الاحتلال التي تجوب مدن ومخيمات الضفة المحتلة خرقا للنظام العام أيضا..!!

3-ما هو مفهومك سيادة الرئيس لمظاهر الفوضى والفلتان...!!

وهل ستعتبر اجهزتك الأمنية حرية الحركة والتعبير والتظاهر والاعتصام فوضى وفلتانا..!!

وهل ستعتبر أجهزة الوقائي والمخابرات وحتى الدفاع المدني ربما المقاومة الشعبية باتجاه حواجز الاحتلال فوضى وفلتان...!!

وهل تعني قراراتك السابقة مزيدا من القمع والملاحقات والاعتقالات لعناصر حماس وكوادرها في مدن ومخيمات الضفة..!!

وهل لنا أن نعتبر هذه القرارات سيادة الرئيس تطبيقا للوعيد الذي اطلقه قادة الاحتلال قبل ايام بتكثيف حملات الاعتقالات في الضفة المحتلة منعا لاندلاع انتفاضة ثالثة.

وأن هذه القرارات سيادة الرئيس تعتبر ايذانا بتطبيق أجهزتك الأمنية حصتها من هذه الاعتقالات خوفا من اندلاع الانتفاضة الثالثة التي تعهدت شخصيا سيادة الرئيس بأنك لن تسمح بها ما دمت رئيسا للسلطة..!!

وهل يمكن لنا أن نعتبر سيادة الرئيس هذه القرارات عربون محبة للاحتلال وللأمريكان كي يفرجوا عن الاموال وينقذوا السلطة من السقوط المالي..!!

أم أن سيادة الرئيس قرر الرد على مبادرات حماس تجاه فتح من قبيل الافراج عن المدانين من ابنائها بأعمال إجرامية والسماح بعودة الهاربين من القطاع وعلى رأسهم السيد ابو علي شاهين، والسماح بتنظيم مهرجان فتح بالانطلاقة، والسماح بدخول مدانين من قيادات فتح بقتل وتسليم مجاهدين وقادة للاحتلال أمثال حسن سلامة إلى غزة لمجرد ان فتح تعتبرهم قادة لها وحرصا على اجواء المصالحة..!!

أم ربما أراد الرئيس أن يبعث برسالة للأمريكان والاحتلال الذي يضع (فيتو) على اتمام المصالحة بأنه ملتزم بهذا الفيتو وأن هذه القرارات ستدفع ساحتنا الفلسطينية نحو مزيد من التوتير.

علما ان الملاحقات والاعتقالات لحماس في الضفة لم تتوقف يوما واحدا رغم كل مبادرات حماس ورغم كل هذا الحديث الأجوف من فتح على رغبتها بالمصالحة.

سيدي الرئيس إن شعبنا الفلسطيني ينتظر من حركاته وفصائله وعلى رأسها حماس وفتح أن يصنعا معا ربيعا فلسطينيا في مربع الوحدة.

سيدي الرئيس شعبنا ينتظر من الجميع التوحد في خندق المقاومة والتنافس باتجاه تحقيق المصلحة الوطنية العليا بالحفاظ على أمن الوطن والمواطن وليس أحدا آخر.

سيدي الرئيس شعبنا ينتظر مزيد من الانطلاق نحو المحافل الدولية لحماية أبناء شعبنا في مختلف أماكن تواجده، ولتجريم الاحتلال وقادته في كافة المحافل القانونية الدولية وليس ادانة المقاومة.

سدي الرئيس إن قراراتك الأخيرة لا تصب في نهر الربيع الفلسطيني المأمول، وإن شعبنا حينما يقرر صناعة ربيعه الخاص لن ينتظر إذنا من أحد، ولن تمنعه قراراتكم فلا رأي لمن لا يطاع، فلتكن سيدي الرئيس جزءا من صناعة الربيع الفلسطيني المأمول وليس خنجرا لاغتياله.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية