بين يدي القمة العربية
مصطفى الصواف
وضعت (إسرائيل) قبل انعقاد القمة العربية في طرابلس العاصمة الليبية أهم جدول أعمالها، بل قد يكون الموضوع الفلسطيني هو الأهم بالنسبة للقمة العربية، خاصة بعد وضوح الهدف الإسرائيلي من عملية ضم المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى الآثار اليهودية؛ لان الصمت على هذه الخطوة سيتبعه خطوات قادمة أخطر وأهم وهو تهويد القدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين، وثاني المسجدين التي تشد إليها الرحال ،ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دون القضية الفلسطينية، وخاصة قضية المقدسات والمساجد، العرب منقسمون في قضاياهم، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو إعلامية، أو أياً من القضايا التي قد تطرح أمام القمة العربية؛ لان العرب لن يصلوا فيها إلى نتائج ايجابية متفق عليها، وستبقى سمة الانقسام هي الأبرز، وحتى على المستوى السياسي في القضية الفلسطينية، العرب منقسمون سواء على صعيد المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، أو على صعيد التعامل مع العدو الإسرائيلي، والتسوية السياسية المطروحة من قبل الإدارة الأمريكية، وكذلك هناك انقسام سيظهر في القمة العربية حول ما أطلق عليه (مبادرة السلام العربية) التي طرحت في قمة بيروت 2002 والتي ضُرب بها عرض الحائط، ووجه الانقسام هل تسقط الجامعة هذه المبادرة كما هدد الملك السعودي عندما قال إن المبادرة لن تبقى طويلا على الطاولة، أو اعتبارها مشروعا قابلا للقبول والحياة ، ويمكن أن يكون واحدا من الحلول للقضية الفلسطينية رغم الرفض الإسرائيلي لها والإهمال الأمريكي.
وطالما أن الأمر كذلك، وأن ما يمكن أن يتضمنه جدول أعمال القمة مختلف عليه، حتى لو صدر البيان الختامي يعبر عن موقف غير الموقف الذي سيسود القمة، والخلافات الكبيرة في المواقف؛ تبقى قضية المقدسات الإسلامية في فلسطين وتحديدا القدس والمسجد الأقصى قضية مجمع عليها؛ بل ربما تكون الوحيدة التي لا انقسام عليها، لذلك ننصح القمة العربية أن تحصر نقاشاتها في كيفية العمل على حماية القدس والمقدسات، وكيفية دعم الشعب الفلسطيني في الصمود في وجه عملية التهويد لكل ما هو إسلامي في فلسطين, استكمالا لتهويدها بالكامل وطرد من تبقى من أهلها منها، فإن لم تكن هذه القمة هي قمة القدس وفلسطين، فلا أعتقد أنها ستكون قضية للنقاش في قمم قادمة.
المطلوب من القمة العربية موقف غير تقليدي وغير مسبوق، اليوم هناك إمكانية للانطلاق نحو بداية للتوافق العربي على قضية لا تقبل الاختلاف، وهي قضية القدس وحمايتها وهي مسئولية عربية إسلامية قبل أن تكون مسئولية فلسطينية، وإن كان الفلسطينيون هم الذين يعيشون في القدس ويحاولون بضعفهم صد الهجمة الصهيونية، والتصدي ليهود، ولعمليات التهويد، وهم كما أشرنا بحاجة إلى دعم في كافة المجالات المادية والسياسية والإعلامية والعمل على اتخاذ خطوات تحمي القدس والمقدسات.
لا مجال أمام العرب في قمتهم من الهروب من المسئولية وأعتقد أن القمة العربية لو نجحت في هذه القضية لوحدها تكون قد بدأت تسير في الاتجاه الصحيح نحو التغلب على الانقسام في بقية القضايا؛ لأن القدس وفلسطين يجب أن تكون قضية توحد العرب والمسلمين عليها، ولو ذاق العرب والمسلمون طعم الوحدة في واحدة من قضاياهم فقد يكون ذلك منسحبا على بقية القضايا الأخرى وستكون فاتحة خير لوحدة عربية وتعاون عربي إسلامي اشمل.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية