لمى خاطر
الإنجاز المهم الآخر هو ذلك الطريق الذي خطّه الشيخ خضر عدنان عبر معركته الطويلة والمضنية مع سجانه في إضراب متواصل عن الطعام مدة شهرين، ليدشن به درباً جديداً لانتزاع الحرية يبدأ من زنزانة الأسير، وينتهي بتحصيل إنجازات فعلية إن على صعيد كسر الاعتقال الإداري، أو إنهاء العزل، أو رفع الحظر عن الزيارات، وغير ذلك من قضايا تهمّ الحركة الأسيرة.
واليوم، تتزامن الذكرى مع إعلان نحو 2400 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال إضراباً مفتوحاً عن الطعام، يقدمون بين يديه جملة من المطالب، اهمها إنهاء سياسة العزل والسماح بزيارة معتقلي غزة، إضافة إلى عدد آخر سابق من المضربين يطالبون بإنهاء الاعتقال الإداري الجائر.
وهنا، يثور جدل حول إعلان الإضراب لعدد كبير من الأسرى، وهناك من يراه خطوة متعجلة كانت تقتضي الانتظار والترتيب لحين الحصول على إجماع من الأسرى، خصوصاً وأن المشاركين في الإضراب هم أسرى حماس والجهاد الإسلامي وقسم من أسرى الجبهتين، مع جزء قليل من أسرى فتح من المتوقع أن يتزايد في الأيام القادمة، وعلى الرغم من أن الإجماع عامل تعزيز لصمود الأسرى ويعكس وحدة الحركة الأسيرة، إلا أن إجماعاً على معركة صعبة من هذا الطراز لن يتاح تحقيقه بسهولة. والإخفاق الذي حصل في إضراب 2004 لا يجوز أن يظلّ هاجساً يلاحق الفكرة، خصوصاً مع التحولات الجديدة التي طرأت على مجمل القضية، وانكسار معايير عدة كان الاحتلال يتمسك بها، وهي التي أشرت إليها سابقا، وحققتها صفقة (وفاء الأحرار) وإضراب الشيخ خضر عدنان ثم هناء شلبي.
غير أن هذه الجولة من الإضراب تحتاج حراكاً خارجياً متفاعلاً ومتصاعدا، سياسياً وإعلامياً وميدانيا، وتحتاج مصداقية في التضامن تتجاوز حدود الكلام والخطابات الإنشائية التي يتقنها تماماً رموز سلطة الضفة محاولين احتكار الاهتمام بالأسرى، في الوقت الذي نسمع فيه انتقاداً من بعضهم لفكرة الإضراب وتوقيته، وفي وقت يبادر فيه سلام فياض للقاء بنيامين نتنياهو في يوم الأسير، مفترضاً أن مسار سلطته السياسي ما زال يستوعب المزيد من الإساءات المعنوية لشعبنا وأسرانا، أو أن الجميع سيكون ملزماً بتفهم حجم التناقض الفجّ الذي تمارسه السلطة وأجهزتها وعناصر أمنها الذين نراهم يحرصون على تسجيل حضور في فعاليات التضامن مع الأسرى في الضفة، دون أن يعني لهم شيئا استدعاء واعتقال الأسرى المحررين، ومراقبتهم لضمان (هدوئهم) بعد تحررهم من سجون الاحتلال.
إن تلك الفكرة النمطية التي تقول إن قضية الأسرى ينبغي أن توحد الشعب الفلسطيني وتحدّ من انقسامه تتطلب مبادرات عملية، وليس استحضارها في الحديث الإعلامي العام، لأن التوحد على قضية الأسرى يسبقه توحد على حق المقاومة التي اعتقل الأسرى في سبيلها، كما تقتضي التوحد على رفض التنسيق الأمني، وإجماعاً على إنكار المساس بوعي الشعب، ومحاولات تضليله وإرغامه على تفهم تلك الازدواجية التي تعتري خطاب وسلوك أركان السلطة في الضفة بشقيها السياسي والأمني!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية