تراجع الشعور الوطني.. الفيزون وعرب آيدل والبنوك
معاذ مشعل
تقوم مؤسسات شعبية وتجمعات شبابية مختلفة بشكل أسبوعي أو حتى شبه يومي بالدعوة للمشاركة بمسيرات ضد الاحتلال وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني بقضايا الاستيطان والأسرى والجدار ومصادرة الأراضي الخ.
وإن كُتب لأي مظاهرة النجاح فإن عدد المشاركين فيها قد يصل لمائة شخص نصفهم من المتضامنين الأجانب وثلثي النصف الآخر من الصحفيين، والثلث الثالث قد يكون من المواطنين أو "مرّاقي طريق" وللأسف الشديد.
لقد أصبح عدد المتضامنين الأجانب في مظاهراتنا الأسبوعية أكثر من عددنا نحن الفلسطينيين، فإن مرت بجانبنا تلك المظاهرة أغمضنا أعيننا أو قد ننظر إليها ومن ثم نكمل مسيرنا وكأننا لم نر شيئا.
أتساءل في كثير من الأحيان ما هي الأسباب التي تدفع الشباب النابض بالحياة لعدم الاهتمام بقضايا وطنية مهمة مثل قضية خضر عدنان وهناء الشلبي، والأسرى والاستيطان..الخ، فهذه الانتهاكات أصبحت شبه يومية ولكن لن تجد أكثر من رد فعل على صفحات التواصل الإجتماعي كالفيسبوك مثلا، أما على أرض الواقع فلن تجد شيئا.
تجولت في مدينة رام الله، وكان هناك اعتصام تضامني مع الأسيرة المضربة عن الطعام الشلبي، ووصل عدد المعتصمين لما يقارب الخمسين شخصا فقط، وأصنفهم كما صنفت المظاهرات السابقة، وقبل هذا الاعتصام كنت مارا من شارع ركب وسط رام الله، فإذا بالمئات من الشباب على طول الطرقات والمفارق يقفون ويتربصون بالفتيات المارات بالشارع، "فيطقسون" ويسمعونهم من الكلام ما لا أستطيع ذكره.
فهل أصبح شبابنا مهتم مثلا بموضة "الفيزون"_وهو شيء يمكن أن نطلق عليه كل شيء عدا عن كونه لباس_ المنتشرة بكثرة في شوارعنا؟ هل أصبح هم الشباب الفلسطيني هو متابعة الفتيات المرتديات لملابس الخفيفة والضيقة ونتفنن في إسماعهن الكلام؟؟
وأمر آخر أثار انتباهي، وهو المتابعة الجارفة لبرنامج عرب آيدل الذي يبث عبر MBC_ولا اعتراض على ذلك_ ولكن أن يصبح هذا البرنامج هو أولوية قصوى لنا في صفحات الفيسبوك، بمن خرج ومن فاز، وبأن تختفي الشوارع من المارة تقريبا وقت عرض البرنامج وكأنها أصبحت مدن أشباح، وفي وقت يعلن فيه عن مظاهرة للتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال فلا تجد سوى الصحفيين والمتضامنين الأجانب، وكما قال المثل"إشي بحط العقل بالكف"، فهل وصلنا لهذه المرحلة؟
وقضية أخيرة، أرى بشكل مستمر إعلانات كبيرة في مدن الضفة المختلفة حول ما يسمى بالقرض العقاري، والذي يصل ل 120 ألف دولار، حيث يقوم الشبان المقبلون على الزواج بشراء المنازل عبر البنوك بما أن أسعار المنازل في مدن الضفة أصبحت كمثيلتها الأوروبية، ويبدأ هذا الشاب بتقسيط الدفعات على مدار 25 عاما، ولنفترض جدلا أنه بعمر أل 30عاما سيصل لعمر ال55 وهو يسدد للبنك!!
كثير من هؤلاء الشباب يقولونها بصراحة "بلا انتفاضة بلا نيلة بدنا نسدد أقساط البنك" ، فأصبحت أولوية هذا الشاب أن يسدد القسط، لا أن يتابع ما يقوم به الاحتلال من قتل وتدمير وأن يحمل هم وطنه، وفي نفس الوقت لا أقول بان لا يعيش حياته الشخصية بحرية لكن أن يكون وطنه من أولى الأولويات لديه.
مثقفو المجتمع وقياداته وفصائله، والسلطة الفلسطينية تتحمل هذه المسؤولية بشكل كامل، فهي المسئولة أخلاقيا عن الشباب الفلسطيني والمسئولة سياسيا واقتصاديا، فأشعر بأنه لا إرادة حقيقية لتغيير هذا الواقع الذي يعيش به الشباب الفلسطيني.
إن بقينا نتابع الفيزونات وموديلاتها، وبرامج الترفيه والغناء، وأيُّ البنوك أسهل في الأقساط والدفعات، فمتى يمكننا أن نعطي وطننا جزء من وقتنا؟ اعتقد بأنه لن يكون هنالك متسع لذلك...
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية