تصدير أزمة أم إدارة لها؟!
لمى خاطر
هل يكفي أن نقول إن مسارعة قيادة السلطة في الضفة لتحميل حماس مسؤولية تصعيد الاحتجاجات في الضفة يأتي في سياق محاولاتها تصدير أزمتها فقط باتجاه حماس وغزة؟ وصرف الأنظار عن تعقيدات وضع السلطة المأزوم اقتصادياً وسياسيا؟
هذا التصوّر يمثّل جانباً من توصيف دوافع السلطة، لكن ثمة دوافع أخرى تقف على الأرجح خلف إصرارها على اتهام حماس بالمسؤولية عن السعي لتصعيد الاحتجاجات، ورغم أن هذا الحال لا يكاد يختلف عما صدر عن الحكومات العربية في دول الثورات المجاورة عند انطلاق شرارتها (اي المسارعة لاتهام الإسلاميين)، لكنّ الأمر في الضفة الغربية ينطوي على شيء من الخصوصية.
ففي الضفة الغربية هناك جمهور حركة فتح الذي ينبغي أن تحرص قيادة الحركة على إبقائه محتقناً تجاه حركة حماس، بدل أن ينشغل في التمعّن في واقع حركته ومستوى تردي أوضاعها كافّة، وهناك الجمهور المستقل غير المسيّس الذي لا بدّ من الفتّ من عزيمته تجاه مواصلة الاحتجاجات من خلال تصويرها على أنها تأتي لخدمة أجندة حركة حماس في الضفة الغربية، وأنها لن تخرج في المحصلة عن ثنائية الخصام الفتحاوي الحمساوي!
والأهمّ من كل هذا أن هناك عيناً إسرائيلية أمريكية تظل متركزة على ساحة الضفة، خشية من استعادة جماهيرها روح الانتفاض والمواجهة، خصوصاً إذا ما ألف عوامّ الناس الاحتجاج والتظاهر، واتجهوا نحو عصيان مدني شامل، وفطنوا إلى ضرورة مراجعة وفتح كل دفاتر الاتفاقات السياسية ليروا شراكها التي تجلت الآن أزمات مركبة تكبّل واقعهم وتعبث بمصيرهم.
من هنا، كان لا بد من مسكّنات لحالة الاحتجاج، بالوعود حينا، وبإقحام حماس في المشهد حيناً آخر، وبافتعال التخريب حيناً ثالثا، وهو تخريب نجح في كبح جماح تمدد الاحتجاجات، خصوصاً حين دخلت على الخط أيادٍ مشبوهة ومعروفة بارتباطها بالاحتلال، الأمر الذي حمل بعض المنظمين للتظاهرات على مراجعة خطواتهم أو تعليقها خشية من تحميلهم مسؤولية الانفلات الذي يراد منه بالأساس التأثير على حماسة الجمهور لاستمرار التظاهر من خلال وضعه في تصور تجريبي للبديل المتمثّل بالفوضى، وحمله على مشاهدة إرهاصاته الأولى!
للسلطة في الضفة، كما للاحتلال، مصلحة في إعادة ضبط حركة الشارع، ولذلك فإن التلويح بالفزاعة الحمساوية من قبل الجهتين لم يأتِ من فراغ، لكنه لا يعني فقط تصديراً للأزمة، بل يعكس تخوفاً –لدى الجهتين أيضا- من إمكانية استفادة حماس في حال استمرت الاحتجاجات أو تصاعدت، والاستفادة هنا يخشى من تبعاتها على حالة (استتباب الأمن) في الضفة، أي إمكانية انفجار الأوضاع في وجه الاحتلال ولو بشكل محدود، خصوصاً أن الضفة الآن تعيش حالة غير مسبوقة على صعيد الهدوء المطلق، وانتفاء أي تهديد لجبهة الاحتلال، المغروس بين ظهرانيها!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية