جريمة يجب قطع دابرها
بقلم: مصطفى الصواف
ما جرى في مدينة خانيونس من عملية تفجير جبانة خلال حفل زفاف أحد أبناء عائلة دحلان، جريمة بشعة وخطيرة على الأمن الداخلي في قطاع غزة، وتفكير أهوج من مجموعات ضالة لا علاقة لها بالدين أو الأخلاق أو الوطنية، ويجب أن توقف مثل هذه الجرائم على الفور، وعلى حكومتنا العتيدة ووزارة الداخلية بأجهزتها الأمنية أن تعمل بكل جهد لقطع دابر هؤلاء المنحرفين عن الطريق القويم.
انفجار عبوة ناسفة أسفل منصة فرح من أهوج أحمق لا يقدر عواقب ما يقوم به، ينذر بعواقب خطيرة، وقدر الله أن لا توقع هذه الجريمة قتلى، وكان هناك عدد كبير من الجرحى، نتمنى من الله لهم الشفاء العاجل، ولو قدر للعبوة الثانية التي عثرت عليها قوات الشرطة الفلسطينية أن تنفجر؛ لربما حدثت كارثة بالمعنى الحقيقي؛ ولربما كان هناك قتلى وجرحى كثر، ولكن قدر الله ما شاء فعل .
ما أثلج صدري أن جهاز الأمن الداخلي تمكن من إلقاء القبض على ثلاثة يشتبه بهم أنهم وراء هذه الجريمة، وذلك بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث وهم قيد التحقيق، ولكن المطلوب من وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية، أن لا تنتظر وقوع الجريمة حتى تتحرك، ولكن المطلوب التحرك في كل وقت وفي كل حين، وإحباط كل هذه الجرائم في مهدها وقبل تنفيذها حتى لا تقع الكارثة التي تعكر صفو الحالة الأمنية غير المسبوقة التي يعيشها قطاع غزة.
صحيح أن جهاز الأمن الداخلي على مدار الساعة، يتابع الحالة الأمنية ويبذل الجهد لملاحقة أصحاب هذا التفكير الأهوج والمنحرف من فئة ضالة لا تعرف من الدين إلا القشور ولا تعرف للحكمة طريقاً ولا لوسطية الإسلام عنواناً، وتعتقد خاطئة أن القوة لوحدها هي السبيل للعلاج ولنشر الدعوة وتبصير الناس بأمور دينهم وإرشادهم إلى طريق الرشاد أو إبعادهم عن الغي والفساد، نسي هؤلاء أن الرفق في الشيء يزينه، مصداقا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: " ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه "، صحيح أننا مجتمع مسلم محافظ، ولكننا لسنا مجتمعاً ملائكياً، وحتى عصر النبوة لم يخل من الانحراف أو الفساد أو الرذيلة ولكن كان شرع الله هو الحكم.
هؤلاء المجرمون الضالون يجب أن يتوقفوا عن حماقاتهم، وأن يُضرب على أيديهم بالحديد والنار حتى لا يجروا البلاد والعباد إلى حمام دم نتيجة تفكيرهم الأهوج وأعمالهم اللا أخلاقية والتي تتنافى مع أبسط مفاهيم العدل الإسلامية.
هب أن مثل هذه الحفلات يتخللها انحراف أو خروج عن المألوف، فهل تقوم بمثل هذه الأعمال؟ وهل المفاهيم الخاطئة يتم تقويمها بجرائم لا يقبلها دين أو عقل؟ وهل معالجة الخطأ الصغير يتم بخطأ كبير يزهق أرواح الناس؟، إن الدين حرم قتل النفس البشرية دون أن يكون هناك سبب شرعي، ودعا إلى ضرورة الحفاظ على النفس وصونها، فقال الله تعالى في محكم التنزيل"َلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً] [الإسراء : 33]، وقال تعالى في موضع آخر: [مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [المائدة : 32].
كما أن مثل هذه الجريمة تفتح على شعبنا باباً من أبواب الشر الكبير وتجعل أمنهم واستقرارهم في خطر، فليس المطلوب فقط من الشرطة وأجهزتها أن تقوم وتفعل، ولكن المطلوب من كل المجتمع بكل فئاته أن يحاصر هذه الفئة الضالة ومتابعتها والتبليغ عنها حتى نصون دم أهلنا ومجتمعنا، وحتى يتم القضاء على الجريمة قبل وقوعها ونجنب أنفسنا مزيدا من إراقة الدماء.
نأسف لمثل هذه الأعمال الضارة، والتي لا تخدم إلا الاحتلال ودعاة الفتنة ومروجي الانفلات الأمني، ونعم لصون الدماء الزكية وحفظ النفس الزكية، وندعو الله أن يتم على الناس فرحهم وسعادتهم، وأن يشفي جرحى الجريمة التي وقعت في فرح عائلة دحلان في خان يونس اتفقنا أو اختلفنا على مراسيم الحفل وما يتم في مثل هذه الحفلات، وندعو أبناء شعبنا إلى تقوى الله عز وجل وأن نؤسس بيوتنا وأسرنا وأن نقيم أفراحنا على تقوى ورضا ربنا حتى نفوز بالسعادة في الدنيا والجنة في الآخرة، كما ندعو أصحاب الفكر المعوج والضال البعيد عن شرعنا الحنيف وسنة رسولنا الكريم، إلى العودة إلى رشدهم والتحلي بوسطية هذا الدين، والدعوة إلى الله بالحسنى والكلمة الطيبة، مصداقا لقوله تعالى [ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ] [النحل : 125]
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية