حان الوقت لأكتب عن زوجة أبي ... بقلم : د. ديمة طهبوب

الخميس 09 يناير 2014

حان الوقت لأكتب عن زوجة أبي

د. ديمة طهبوب

حان الوقت لأكتب عن زوجة أبي.. خرّابة البيوت وسارقة الرجال...

المرأة القاسية التي حملت ساندرلا كل أعباء البيت وعاملتها معاملة الخدم، والساحرة التي كادت لبياض الثلج كي تقتلها.

هكذا تبدو صورة زوجة الأب في الفن السابع والثقافة الشعبية والحكايا كغولة تنقض على أسرة لتفسدها وتحطمها وتذهب بسعادتها واستقرارها!!

والأمثلة البشرية لم تكن أفضل حالا فساهمت في ترسيخ هذه الصور النمطية ووضع البشر أنفسهم في هذه القوالب وتصرفوا على أساسها وعجزوا عن تقديم مثال أو نموذج انساني او حتى ديني، ولم يفلح من يدعون الالتزام في ذلك أيضا إلا قلة قليلة!!

ولكننا لا نعدم الأمثلة المشرقة ولولاها لظل شرع الله مجرد نظرية غير قابلة للتطبيق فلا بد أن الله يصطفي من البشر أناسا ليكونوا حملة شرعه الى عباده وقدوة لهم.

ولكن التجربة خير برهان على ما يمكن لصفاء النفوس المؤمنة أن تحققه عندما تؤمن بالله، فكان لا بد أن أضرب للقارئ مثالا حيا عشته في بيت أهلي جعلني أؤمن أن الله عدل حكيم في شرعه لم يفرض القوانين ليستضعف أحدا أو يظلم جنسا دون آخر، وإننا نحن الذين نظلم أنفسنا وديننا ونسيء إليه!

لم يكن ينقص والدتي الطبيبة المتفوقة الجميلة التي تزوجها والدي عن حب أيام الدراسة شيئا عندما أراد والدي الزواج مرة أخرى لرغبة في الولد كون أمي لم تنجب غيري، وأمي في أولها لم تكن أفضل حالا من أمهات المؤمنين اللواتي غرن وما أظن أن واحدة منهن استقبلت نبأ زواج رسول الله عليها بالرضى، ولكنهن جميعا ومن بعدهن أمي كن كبيرات عقل ورأين في ذلك الزوج ما يستحق المتاجرة والتضحية كما أنهن عشن في كنف مجتمع وعائلة يقربان ولا يفرقان ويريان في الشرع حاضنة لا تأتي إلا بخير.

وجاءت زوجة أبي ولن أدعي أن أمورنا كانت سمنة على عسل منذ البداية ولكن مخافة الله والعدل من الجميع ساعدت أن تستقر الأحوال سريعا، وكان لزوجة أبي، باعتراف أمي فضل علي في تربيتي، وكانت تحل لي بعض واجباتي وأنا صغيرة بالذات الأمور الفنية، واحتفلت بنجاحي في الثانوية العامة، ووقفت في عرسي مع أمي وأهداني الله منها ثلاثة أخوة، وكانت أول من تلقى خبر استشهاد زوجي رحمه الله وأسكتتني وذكرتني بتقوى الله، والآن تحتضن ابنتي فاطمة كجدة لها وأزعم أنها وأخوتي يحبون ابنتي أكثر مما يحبونني ويرون فيها امتدادا لبر بوالدها رحمه الله.

ماذا لو كان السيناريو مختلفا وقمنا جميعا بالأدوار التي حددها المجتمع وفرضها على مشهد التعدد والزوجة الأولى والثانية والأسرتين؟ ماذا لو طلبت أمي الطلاق واتهمت أبي بالخيانة و و وغيرها من التصرفات المتوقعة؟ ماذا كان ليكون لو شتتني بينها وبين أبي وحرمتني منه وهو قرة عيني؟! ماذا لو كان أبي ذلك الرجل المائل في الدنيا قبل الآخرة الذي علق الأسرة الأولى ولزم الأسرة الثانية فقط؟ ماذا لو كانت زوجة أبي امرأة لئيمة قاسية واستغلت قوتها بالأولاد لإبعاد أبي؟

كنا لأفسدنا ديننا ودنيانا جميعا بالمقت والظلم والفرقة والحساب العسير يوم القيامة وكنا لنكون مثالا آخر في حلقات ممتدة من مسلسل لا ينتهي من الفشل الأسري الذي أصبحت الأسر تواجهه بقلة الإيمان والضمير حتى دون تعدد!

كان فضلا من الله أولا وقرارا مسؤولا بكامل الإرادة من كافة الأطراف هو ما جعل من أسرتي أسرة شبه مثالية بالرغم من أنف من يريدون الانتقاص من شرع الله من أتباع الاسلام قبل أعدائه!

لسنا كاملين فلنا أخطاؤنا ولكن سفينة تسير بشيء من تقوى الله قمينة أن تستدل طريقها وتصل بالنهاية الى بر الأمان، وربما تكون عائلتي من قلة في هذا المجال فالخبث كثير ولكننا دلالة أن اتباع الشرع لا بد أن يوصل الى النتائج المرجوة المرضية.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية