حتى تكون خطوة على طريق التحرير ... بقلم : لمى خاطر

الخميس 18 سبتمبر 2014

حتى تكون خطوة على طريق التحرير

لمى خاطر


كومة الأزمات التي أعيد إطلاقها في وجه غزة منذ انتهاء الحرب نجحت إلى حد ما في إبطاء دراسة العبر المستفادة من صمودها وصلابة مقاومتها، وفي إشغال الرأي العام بحالة الاستعصاء المفتعلة على مر الأيام السابقة، وكأن هذا الأمر جاء وفق خطة خبيثة الأهداف ولم ينشأ عفويا، بمعنى أنها محاولات لإعادة غزة إلى سيناريو الأزمة الذي كان سائداً قبل الحرب، مضافاً له موضوع الإعمار الذي تجري الآن محاولات لاستخدامه كورقة ابتزاز تتولاها السلطة بالدرجة الأولى في محاولة لتشويه حالة الانتصار للمقاومة، وعرقلة مساراتها، وإحجام ساحات أخرى عن استخلاص العبر الأهم من المعركة.

ولكي يكون طرح المقاومة وجمهورها القائل إن معركة العصف المأكول هي خطوة متقدمة على طريق التحرير، لكي يكون صادقا؛ فإن الضفة الغربية تبدو اليوم الساحة الأهم المتطلعة إلى تجربة غزة مع المقاومة، بمختلف تجلياتها وآفاقها وإمكاناتها، وقبل ذلك بإدامة النظر في حالة اختراق المستحيلات، أو ما يُعتقد ظاهرياً أنها كذلك، بهدف البحث عن دور للضفة قادر على تجاوز معيقاتها الذاتية والموضوعية.

صحيح أنه لا يبدو منطقياً توقع أفق واسع لمقاومة الضفة مع وجود السلطة والاحتلال؛ وكلاهما يجتهد أيما اجتهاد في تصفيتها أولاً بأول، لكن اجتراح خطط تتجاوز هذه الحالة ليس مستحيلا، بدليل نجاح عدة عمليات للمقاومة في الضفة خلال السنوات الأخيرة، آخرها عملية قتل المستوطنين الثلاثة في الخليل.

لكن ما ينبغي التوقّف عنده مطوّلا هو كيفية إنجاز حالة مقاومة مبصرة وواعية وذكية ومحيطة بعوامل الاستمرار حتى في ظل أصعب الظروف، ولعلّ هذا من أهم الدروس التي تقدّمها تجربة غزة على الصعيد المقاوم، حتى مع الإقرار باختلاف واقعها من نواحي عديدة، أهمها أنها غير محتلة، إضافة إلى أنها متحررة من حكم السلطة وأجهزتها المتخصصة بمحاربة المقاومة.

ولعل حملة السلطة المتمثلة بالاعتقالات والاستدعاءات السياسية في الضفة فور انتهاء الحرب أرادت إيصال رسالة مغزاها (إننا هنا) ولن نسمح بأن تتجاوز الضفة الخطوط الحمراء أو تكسر جدار الأمن المطلق (للاحتلال) الذي بُذلت جهود كبيرة في تحصيله منذ أكثر من سبع سنوات.

لكن هذه العوائق المقيمة والأحمال التي أثقلت كاهل الضفة لا ينبغي أن تدفع للاعتقاد بأن غزة هي الساحة الوحيدة التي يقع عليها واجب المقاومة نتيجة لظروفها المساعدة المعروفة، لأن لها ظروفاً أخرى (خصوصاً الجغرافية) لا تُعين على إنجاز تقدم كبير وسريع وغير مكلف جداً في عملية التحرير بشكل عام. وظروف القهر والتصفية والملاحقة التي تعيشها الضفة في المقابل لا تعني أن عليها التسليم بهذا الواقع وإخراج نفسها من دائرة الفعل المؤثر القادر على صياغة مراحل جديدة، كما كان حالها في السابق.

إن التفوق العسكري الذي صنعته الضفة في عهودها الذهبية يكاد يكون بفضل رجال استثنائيين، امتلكوا من القدرات القيادية والعسكرية والتخطيطية والأمنية ما مكّنهم من هدم جدار الجمود وتحطيم صنم المستحيل، فكانت الضفة بفضلهم في مرحلة ما رائدة العمل المسلّح النوعي على مستوى فلسطين، ولم تنكفئ عسكرياً إلا بعد اجتياح الضفة عام 2002، وما تلاه من تصفيات لكل خلايا المقاومة في زمن قياسي، أعيد خلاله إنتاج نظريات جديدة من قبل الاحتلال للتعامل مع الضفة بعد اقتصار هيمنة السلطة عليها.

واليوم؛ ليست غزة وحدها من تتطلع للضفة، بل مسيرة التحرير كلّها تنتظر أن تعود الأمور إلى سياقاتها الطبيعية، وأن تنتج هذه الساحة المهمة إنجازاً مقاوماً يناسب موقعها ويليق بها، ويعين على التقدم وكسر شيء من حلقات الحصار والتضييق، وتبديل الأولويات بما يناسب شعباً يخضع للاحتلال، ويقوم بما عليه للخلاص منه.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية