حتى لا تتوقف عجلة المصالحة مجددا! ... بقلم : لمى خاطر

الجمعة 02 ديسمبر 2011

حتى لا تتوقف عجلة المصالحة مجددا!

لمى خاطر


حتى الآن؛ تقول الصورة المستقاة من معاينة ميدانية لواقع ما بعد جلسة تحديث المصالحة بأن قيادة السلطة في رام الله تحرص على ألا يكون التقدم في ملف المصالحة على حساب (إنجازاتها) السياسية والأمنية، الكارثية شكلاً ومضمونا؛ فلا هي مستعدة للتنازل قليلاً عن مبادئ شريعة التفاوض واستجداء الحقوق، بل تحاول جرّ حماس إلى ملعبها واستصدار مواقف منها تبدو في ظاهرها تأييداً لخطّ السلطة فيما يتعلق بما يسمى (المقاومة الشعبية)، رغم أن الحقيقة هي أن السلطة لا تمارس أي شكل للمقاومة الشعبية، مثلما أن حماس في الأساس لا تنكر هذا الشكل من المقاومة، بل نظّرت له ومارسته منذ الانتفاضة الأولى، ولكن دون أن يكون على حساب المقاومة المسلحة، والتي يجب على كلّ منكر بجدواها أن يشكّ بوطنيته قبل أي شيء آخر.

وإلى جانب ذلك، فالسياسة الأمنية للسلطة لم تتغيّر كذلك، وليس ثمة مؤشرات جدية على نيّتها التحوّل عن سياسات القمع والإقصاء والتغييب الممارسة بحق حماس وقوى المقاومة، وهي السياسة التي تعدّ تجلياً واحداً من بنود التنسيق الأمني، الذي سيعني التخلي عنه وضع مستقبل السلطة كلّه في مهب الريح. فاللحظة التي ستخلو فيها سجون الأجهزة الأمنية في الضفة من المعتقلين السياسيين والمقاومين ستكون الإيذان الأول بالتراجع عن التنسيق الأمني، وبقطع عرى الالتزام بهذا العهد غير المقدس مع الاحتلال، وهي لحظة تحسب لها قيادة السلطة ألف حساب، وتخشى تبعاتها، ولذلك ما زلنا نجدها تحرص على إبقاء الباب موارباً بهذا الخصوص، وتجتهد أجهزتها الأمنية عبر استمرار الاعتقالات، في إيصال رسالة (لا ندري أهي لحماس أم للاحتلال) بأن المصالحة السياسية شيء، والعمل الأمني في الضفة شيء آخر، وهو ما أفصح عنه بعض محققي الأجهزة عند استجواب عدد من ناشطي حماس، حيث أبلغوهم بأن المصالحة لن تنسحب على عمل الأجهزة الأمنية ولن تلزمها بشيء لا تريده!

وفي الوقت ذاته، ليس خافياً بأن السلطة على المستويين السياسي والأمني ترقب التغيرات الداخلية والخارجية بحذر واهتمام، وتدرك أنها ليست ولن تكون في صالحها على المدى البعيد، فحماس لا زالت تسجل إنجازاتها المقاومة دون تنازل عن ثوابتها، والثقة بنهجها بعد صفقة (وفاء الأحرار) تضاعفت عما قبلها، بينما السلطة حصدت الفشل في مسار سياسي روّجت له كثيراً، ونفخت في روحه حتى خُيّل لبعضنا أنه سيبشر بإنجاز دبلوماسي غير مسبوق، هذا عدا عن التحولات المتسارعة على المسار العربي، وخصوصاً تلك القادمة من صناديق الاقتراع. لكن السلطة وحركة فتح رغم كلّ هذا ما زالت تضع العثرات أمام معالجة جذرية وشاملة لمفاصل الخلاف الفلسطيني، وتصرّ على سياسة الترقيع التي ثبت وسيثبت مجدداً أنها لن تحدث تقدماً ملموساً بإرساء التوافق وإنهاء الانقسام.

ولذلك فالمعوّل الآن على حركة حماس وعلى جميع الفصائل التي تصنّف نفسها على تيار المقاومة في فلسطين، وهذه مطلوب منها جميعها وعلى رأسها حماس بأن تتشدد في المطالب الوطنية، مع كل ما تتضمنه من ثوابت وحقوق لا تحتمل التأويل، وبأن تتسامح في المكاسب الخاصة. لأنه لن يكون مهماً اسم وتنظيم رئيس الحكومة التوافقية وتصنيفات أعضائها إن تمكنت حماس من تحصيل تعهد من السلطة بالتوقف عن التنسيق الأمني عبر إعلان صريح عن ذلك من الأخيرة، أو إن تعهدت بعدم الخضوع لأي ابتزاز خارجي، إسرائيلياً كان أم غربيا، والتزمت بالمعايير الوطنية التي لا يُعطَى بموجبها أي فصيل تفويضاً للمضي في أي مسار سياسي دون تفويض شعبي ووطني. تماماً كما أنه في المقابل لن يكون مهمّاً أن نرى بعض تجليات المصالحة الشكلية مترجمة على الأرض، دون أن يطال التغيير جوهر الخلاف الذي كان ولا زال خلافاً بين نهجين أكثر مما هو خلاف بين فصيلين.

ما نريده هو مصالحة تتقدم بنا خطوات صحيحة للأمام، وليس مجرد اتفاق يتبنى سياسة ترحيل العثرات لتعود وتصدم آمالنا وتجفف تفاؤلنا حين نقترب منها. ولذلك، نعود للتأكيد على ما قلناه مرارا وهو إن الافتراق على حقّ خير ألف مرة من الاتفاق على باطل!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية