حرق الأبدان ولا مفارقة الأوطان ... بقلم : د.فايز أبو شمالة

الإثنين 25 مارس 2013

حرق الأبدان ولا مفارقة الأوطان

د.فايز أبو شمالة

تقول الحكاية الشعبية: مر أحد الحكماء الصالحين بغابة تشتعل فيها النيران، وشاهد الحيوانات البرية تهرب في كل اتجاه ما عدا السلحفاة، التي تقوقعت على نفسها، والتصقت بالأرض، وهنا تعجب الحكيم، وسأل السلحفاة: لماذا لا تهربين من النار كبقية الوحوش؟ فقالت السلحفاة جملتها المشهورة: حرق الأبدان ولا مفارقة الأوطان!

وتقول الحكاية: إن الله قد استجاب لدعاء الحكيم الصالح، وألبس السلحفاة ترساً قوياً يقيها حر الصيف، ويحميها من برد الشتاء، ويبعد عنها شر الأعداء.

فمن أين للأسرى الفلسطينيين سكان مدينة القدس والمدن المغتصبة سنة 1948 ترس السلاحف؛ كي يحميهم من نار الحرمان خلف الأسوار، ومن برد الزنازين الانفرادية؟ وأين القائد الصالح الذي يذرف دمعتي كرامة حين يقرأ رسالة الأسرى التي تقول: "إذا استمرت المراوغة الإسرائيلية، واستمر شطبنا من أي تحرير قادم للأسرى، فإننا جاهزون للعيش في حدود الدولة الفلسطينية، وبهويتنا الفلسطينية، وبشكل مؤقت مرتبط بالمدة الزمنية المتبقية لنا من أحكامنا، وذلك لتفويت الفرصة على حكومة الاحتلال بإبقائنا داخل السجون "؟.

ما الذي جرى؟ أي فلسفة مفاوضات فلسطينية أوصلت المقاومين الثوار إلى هذا الحد من الاستعداد للتنازل؟ أي قرارات سياسية فلسطينية أسهمت في هز الروح المعنوية لطلائع أمة؟ ومن هو القائد الفلسطيني الذي يتحمل المسئولية عن هذا التردي في الحلم، والتنازل السهل عن الحقوق؟ من هو القائد الفلسطيني الذي قتل الأمل في النفوس، وأثر سلباً على الأسرى الصامدين، وجعلهم يوافقون على التنازل عن حقهم في العودة للعيش داخل مدنهم وقراهم التي اغتصبها الصهاينة، وهم الذين التحقوا بصفوف المقاومة من أجل تحريرها من الغاصبين؟

يقول الأسرى في رسالتهم التي نشرتها وزارة شئون الأسرى والمحررين: "بعد هذه السنوات الطويلة من العذاب والتضحية نستحق أن نعود إلى بيوتنا، ونكمل ما تبقى لنا من حياة بين أهلنا، ولكننا مستعدون للعيش في حدود دولتنا الفلسطينية متنازلين عن الجنسية الإسرائيلية؛ التي أصبحت سيفا يسلط على رقابنا لإعدامنا داخل السجون".

الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية لم يأخذوا بجدية حديث كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات في ندوة ثقافية وأمسية شعرية نظمتها جمعية رعاية الأيتام والمحتاجين الخيرية في محافظة أريحا والأغوار تضامنا مع الأسرى، قال الدكتور صائب: إن أولوية اهتمام الرئيس إطلاق سراح 1122 أسيراً وأسيرة، وإن تعليمات الرئيس عباس، ومجمل الاتصالات واللقاءات السياسية, هي الإفراج عن 107 أسرى اعتقلوا قبل عام 1994، وإن ذلك التزام على (إسرائيل) وفق اتفاق شرم الشيخ عام 1999, إلى جانب صفقة إطلاق سراح ألف أسير تم الاتفاق عليهم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت, بالإضافة إلى 15 أسيراً أعادت اعتقالهم سلطات الاحتلال بعد صفقة (شاليط). كما قال حرفياً.

الأسرى الذين أوجعتهم المتغيرات السياسية الفلسطينية، يئنون بعد عشرات السنين من النأي والعذاب والحرمان والقهر، ويصرخون في وجه القرار السياسي الفلسطيني: حياتنا أمانة بين أيديكم، لا تتركونا في هذا العذاب، ولا تضعوا مصيرنا بيد السجان والاحتلال، فنحن التزمنا بقرارات القيادة الفلسطينية، وناضلنا ضد الاحتلال في ظروف الحرب، ومن واجب القيادة أن تلتزم بتحريرنا في ظروف السلم والهدوء.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية